تونس

ما علاقة كورونا بالاكتئاب في صفوف الأطفال في تونس؟


كورونا لم تنل من الجسد فقط بل مست كذلك الوضع النفسي للكثيرين بمن فيهم الأطفال سواء أصيبوا بالفيروس أم لا. كيف ذلك؟ يؤكد الأستاذ في علم الاجتماعي ممدوح عز الدين الثلاثاء 1 فيفري/فبراير، أن جائحة كورونا تسببت في انعكاسات نفسية سلبية على الأطفال في تونس، وزيادة معدلات الاكتئاب والشعور بالحزن في صفوف العديد منهم.  

وكشف عز الدين في تصريح لبوابة تونس عن ارتفاع معدلات الإصابة بالإحباط والاكتئاب النفسي، نتيجة شيوع الإحساس بالتشاؤم والضغوط والخوف لدى فئات اجتماعية مختلفة من بينها المراهقين والأطفال، في تونس ومناطق أخرى من  العالم.

سرعة التأثر بمحيط الطفل 

يشرح أستاذ علم الاجتماع كيف ارتفعت معدلات الاكتئاب في صفوف صغار السن بالقول إن الوضع العام المتأزم في تونس بالإضافة إلى تداعيات فيروس كورونا، جعل من الأطفال والمراهقين من بين أكثر الفئات الأكثر عرضة للهزات النفسية، لهشاشتهم النفسية وسرعة تأثرهم بالعوامل المحيطة بهم. 

وأشار ممدوح عز الدين إلى أن الكلفة الاجتماعية لجائحة كورونا تعتبر من النتائج السلبية والأكثر تعقيدا، حيث عرفت مختلف المجتمعات في العالم أزمات اقتصادية مع تواتر موجات الوباء.

وحسب عز الدين فإن “المحيط الذي يعيش فيه الأطفال في تونس لا يشجع على التفاؤل، فعندما تواجه حالات من الحزن والتشاؤم داخل الأسرة بسبب صعوبات الوضع المعيشي وغلاء الأسعار، إلى جانب تزايد مشاعر القلق والعنف اللفظي وانعدام الرضا والخوف من المستقبل في المحيط المدرسي والاجتماعي، فإن هذا من شأنه أن يدفع بالتلميذ إلى الإحباط”.

وأضاف محدثنا “الأزمة الاجتماعية في تونس وانعدام الحلول من شأنه تعميق المشاكل النفسية”. 

الاضطرابات المدرسية 

وكشفت دراسة نشرها صندوق الأمم المتحدة لإغاثة الطفولة “الونيسيف”، أن 61% من القاصرين والأطفال في أكثر 34 دولة حول العالم، يعانون من ازدياد ملحوظ في مشاعر الحزن العميق والاكتئاب والقلق.

كما تحدثت الدراسة عن تصاعد مستويات الاضطرابات النفسية والعقلية نتيجة الانقطاع الطويل عن الحضور في المدارس، وازدياد معدلات الفقر وارتفاع حالات الانتحار في صفوف الأطفال.

وبحسب أستاذ علم الاجتماع ممدوح عز الدين، فإن ارتفاع معدل الإصابات بفيروس كورونا بين الأطفال في تونس مع انتشار السلالات المتحورة في الأشهر الأخيرة، يزيد من حدة العوارض النفسية بعد الحجر الصحي وتأثر مسيرة الطلاب الدراسية واضطراب الحصص المدرسية، ما أدى إلى تراجع مستويات التحصيل العلمي وتكاثر حالات الانقطاع الدراسي، وبالتالي ارتفاع نسب الإحباط والاكتئاب.

بالمقابل نفى محدثنا إمكانية تسجيل ارتفاع في حالات الانتحار بين الأطفال في تونس على خلفيات حالات الاكتئاب والتوتر الناتجة عن كورونا، قائلا “بحسب المقياس الذي وضعته منظمة الصحة العالمية فإنه لا يمكن توصيف الانتحار بالظاهرة إلا عندما تتجاوز نسبتها 11 حالة على 1000 شخص في كل مجتمع، و مؤشرات وزارة الصحة في تونس تشير إلى أن المعدل المسجل لحالات الانتحار لا يتجاوز 3.4 أشخاص بما فيهم الأطفال”. 

ويفسر محدثنا موجة انتحار الأطفال التي شهدتها تونس في الفترة الماضية، بعوامل اجتماعية واقتصادية وازدياد مشاكل الفقر وانعدام الأمل والاحساس بالحرمان لدى بعض المراهقين والأطفال المنحدرين من بيئة اجتماعية فقيرة لكنها تظل محدودة ولا ترتبط بالأثر النفسي المترتب عن الجائحة.

وتشير الدراسة التي نشرتها اليونسيف إلى أن 40 ٪ من القاصرين يعتبرون كورونا هي المصدر الرئيسي لمشاعر القلق، كما تسببت في انتشار اضطرابات في السلوك الغذائي وحالات الاكتئاب والوسواس القهري. 

وبخصوص تقديره لنسبة انتشار الاضطرابات النفسية وحالات الاكتئاب الناجمة عن الجائحة لدى الأطفال في تونس مقارنة بإحصائيات اليونسيف، أوضح ممدوح عز الدين أنه لا يمكن الاعتماد على أرقام تقديرية في مثل هذه الحالات، مؤكدا على ضرورة القيام بدراسات ميدانية و كمية وبالتالي تجميع إحصائيات دقيقة لهذه الظواهر.

في المقابل، يقر محدثنا بأنه اعتمادا على الملاحظات العينية والدراسات الكيفية والمعاينة اليومية للواقع، فإن تأثيرات كورونا على الصحة والتوازن النفسي للمراهقين والأطفال مقلقة خلال السنة الأخيرة.