تونس

ما عدتُ “عتيق” أنا رجل حر…قصة تونسي تخلص من لقب عنصري

عتيق، لقب يعني بالتونسية “المحرر من العبودية”، تونس التي ألغت العبودية منذ العام 1846، ما زالت تتوارث ألقاباً موغلة في التمييز والعنصرية وبعضها ما زال يرتبط بعقود العبودية. عتيق، لقب أسقطته اليوم محكمة تونسية لتخلص أسرة بكاملها من تراث مهين. المحامية حنان بن حسانة  صرحت لبوابة تونس الجمعة 16 أكتوبر بأن الشيخ حمدان عتيق دالي (81 سنة) نُزع عنه لقبه “عتيق” بحكم من المحكمة الابتدائية بمدنين التي تفهمت ما كان يعانيه مُنوبها من ألمٍ بسبب لقبه العائلي. تغييره، كان هدفه الوحيد طيلة حياته، هذا اللقب الثقيل بدلالاتٍ لُغوية عبودية صريحة وخلفية تاريخية تحيل على ماضٍ كان فيه الإنسان يُشترى ويباع.

معتقلو 25 جويلية

 حدثتنا المحامية، عن فرحة العم حمدان لحظة النطق بالحكم ودموع الفرحة التي ذرفها، قائلةً إنه “كان يشعر بالإهانة نظراً لنعته في أكثر من مرة ب”العبد” وكان خائفاً من أن يترُكه إرثاً ثقيلاً لعائلته.

من جهتها، وصفت سعدية مصباح رئيسة جمعية “منامتي” المناهضة للعنصرية في تصريح لبوابة تونس، قرار المحكمة الابتدائية بمدنين في 14 أكتوبر بـ”التاريخي”،  وقالت “على الجميع أن يفرح لأن تونس بصدد التخلص من آخر مخلفات العبودية”.
انتصار تأخر عقودا
وكانت المحكمة الابتدائية بمدنين، قد أصدرت الأربعاء 14 أكتوبر، حكماً لفائدة المواطن حمدان عتيق دالي بإلغاء كلمة « عتيق »، التي ترمز للعبودية، من كل الوثائق الرسمية للعائلة.
وتعود القضية إلى سنة 2017 عندما تقدّم كريم عتيق دالي، ابن حمدان عتيق دالي، إلى المحكمة من أجل حذف كلمة عتيق من اللقب العائلي، لما فيها من احتقارٍ ومسٍ من الكرامة الإنسانية.

وعلى الرغم من رفض المطلب من قِبل المحكمة الابتدائية بمدنين ووزارة العدل في مرحلةٍ أولى، بسبب عدم وجود لجانٍ محليةٍ مختصةٍ في النظر في الألقاب، إلا أن عائلة عتيق دالي تمسّكت بحقها وعادت إلى القضاء في أوت الماضي ونجحت في كسب القضيّة، استنادً إلى القانون عدد 50 لسنة 2018 المتعلق بالقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري.
إلغاء العبودية
تعد تونس أوّل بلدٍ عربي يُلغي العبودية والرق سنة 1848 على يد المُصلح أحمد باشا باي، بعد أن كانت مركزاً لتجارة العبيد ومعبراً لنقلهم من إفريقيا إلى أوروبا.
ووفق مجموعة حقوق الأقليات الدولية، فإن الحكم لفائدة عائلة دالي سيفتح المجال أمام عدّة عائلاتٍ أخرى، خاصة في الجنوب التونسي، من أجل التقدّم للقضاء والتخلّص من مخلّفات العبودية في نسبها.
تاريخ العبودية في تونس
وبالعودة إلى كلمة “عتيق” هي صفة مشبهة تدل على الثبوت وتعني “المُعتَق” أي المُحرَّرِ من العبودية وهي مشتقة لغويا من الفعل عتقَ، ولقب “عتيق فلان” يعني العبد الذي حرره فلان.

وأثـَرُ تاريخ العبودية المرير هذا لم يُمح كلياً اليوم، ففي بعض المناطق كجربة وجرجيس وقابس (جنوب) لا يزال المنحدرون من عائلات كانت مُستعبَدة قبل نحو مئتي عام يحملون لقب “عتيق فلان”، حيث مُنح أجدادهم بعد عتقهم لقب العائلات التي حررتهم مسبوقة بلفظ “عتيق”، على سبيل المثال “عتيق دالي”، “عتيق بن يدر”.