سياسة عرب

ما تبحث عنه في رسائل هيلاري كلينتون…يبحث عنك !!!

يحيى المالكي

معتقلو 25 جويلية

في واحدة من الأوراق التي احتفظ بها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب ليلقي بها في قلب السباق الانتخابي الذي يضعه وجها لوجه مع المرشح الديمقراطي جو بايدن، أشهر ساكن البيت الأبيض رسائل كلينتون المثيرة للجدل في وجه خصومه.
خطوة بدت أقرب إلى عكس الهجوم، خاصة بعد أن غزا فيروس كورونا ترمب في عقر داره، متحديا تبشير الرئيس الأمريكي بين فينة وأخرى مؤخرا بقرب الانتصار على الجائحة معتبرا أن التوصل للقاح مسألة وقت لا غير.
ألقى ترمب باللائمة على بطء إدارته في الإقدام على نشر رسائل كلينتون التي كانت غريمته الديمقراطية في انتخابات ألفين وستة عشر، تلك المنازلة الشرسة التي تبادل فيها الإثنان شتى أنواع الانتقادات بل والشتائم.
ولعلّ ما يجعله مستعجلا هذه الأيام أكثر من أي وقت مضى، الانتقادات الشديدة التي تلقاها جراء الطريقة التي اختار أن يتعامل بها مع فيروس كورونا، عدا عما ألحقته الجائحة من تخريب لما كان ترمب يتبجح به من منجزات اقتصادية لبلاده وشعبه.
ورغم علم الصحافة الأمريكية والعالمية وكذلك صناع الرأي والقرار بالجانب الكيدي الذي يلوح من وراء نشر تلك الرسائل، إلا أن الفضول غلب الجميع وهو يتطلع إلى كنوز المعلومات المذخورة في “كهف علي بابا” الذي أزاح ترمب الحجر عن مدخله لنية في نفس يعقوب.
وإذا كان المعترك الانتخابي والرأي العام الأمريكي معنيا بالأساس بالجوانب القانونية والأخلاقية للقصة، متمثلة أساسا في مساءلة هيلاري كلينتون بل والدعوة لمحاكمتها لكونها استخدمت بريدا إلكترونيا شخصيا في تبادل المعلومات مع جهات مختلفة من مختلف مستويات القرار في الإدارة الأمريكية وهو ما اعتبره ترمب قمة في الاستهتار وافتقاد المسؤولية من قبل المرشحة الديمقراطية السابقة، فإن جهات العالم الأربع انصرفت في الأساس إلى ما يهمها من تلك الرسائل.
يتضمن “صندوق كلينتون” عددا هائلا من الرسائل، لكنها مع ذلك قابلة لتصنيفات مناطقية وأخرى بحسب الملفات والقضايا والشخصيات، وهي في جانب كبير منها تبادل لمعلومات تكشف المزاج الأمريكي تجاه قضايا بعينها أو مقدار علمها بها وربما أحيانا مؤشرات على موقف الإدارة الأمريكية والعناوين العريضة لمواقفها وتحركاتها.
والواقع أن هيلاري كلينتون مثلت في منطقتنا العربية، مدارا لكثير من المعلومات وجزء غير يسير منها مفتعل مزيف، يتعلق جانب كبير منها بمواقف من قضايا مفتاحية كثورات الربيع العربي والعلاقة بنظم المنطقة وبالإخوان المسلمين وبوسائل إعلام كالجزيرة.
وفي ما يشبه مواصلة لنفس النهج، شهدت وسائل إعلام وفضاءات وسائل التواصل الاجتماعي ما وصف بحملة تضليل واسعة، نسبت لكلينتون التحالف مع الإخوان ودعمهم والتنسيق مع قطر وقناة الجزيرة، ناهيكم عن ما شهدته منطقة الخليج من تطورات لم تغب عنها الإدارة الأمريكية.
كلينتون التي نسبت لها زورا مواقف بل وفقرات بأكملها في مذكراتها السياسية، تجد نفسها مجددا من خلال مراسلاتها محل استثمار من جهات تجتهد بكل السبل في نشر مسلمة مفادها أن ثورات الربيع العربي تدبير أمريكي استخدم أدوات محلية من أجل تخريب المنطقة، وأن الدول العربية خاضت معارك مريرة ضد تلك الأجندة أذهبت بعضها بينما صمدت أخرى.
وسط كومة كبيرة من الرسائل تتقاطع فيها مئات الموضوعات مع آلاف الأسماء والأحداث، يبقى القارئ عامة والقارئ العربي خاصة لقمة سائغة لمن ينتقي نيابة عنه الرسائل ومضامينها، ويستخلص العبر والنتائج، ويصدر على أساس منها وباسمه الأحكام، طلبا للنصر في معارك مستمرة في المنطقة العربية.
معارك تعودت الإدارات الأمريكية التعامل معها بما يخدم مصالح الولايات المتحدة.. وهي التي لايعني ترمب اليوم من ورائها سوى ما يخدم هدفه الكبير والصعب في عهدة رئاسية ثانية.