ماكرون يتّجه لتقديم "مبادرات رمزية" للاعتراف بالماضي الاستعماري في الجزائر دون اعتذار رسمي
tunigate post cover
عالم

ماكرون يتّجه لتقديم "مبادرات رمزية" للاعتراف بالماضي الاستعماري في الجزائر دون اعتذار رسمي

2021-01-21 20:42

أعلنت الرئاسة الفرنسية أنّها تعتزم القيام بخطوات رمزية لمعالجة ملف احتلال وحرب الجزائر، لكنّها لن تُعبّر عن “أي ندم أو اعتذار”، عن الحقبة الاستعمارية وذلك بمناسبة الذكرى الستين لنهاية حرب الجزائر.

وأفاد الإليزيه بأنّ قرار ماكرون لا يُفيد تراجعه عن تصريحاته التي أدلى بها في العاصمة الجزائرية في 2017، وندّد فيها بالاستعمار باعتباره “جريمة ضدّ الإنسانية”.

وجاء إعلان الإليزيه، بالتزامن مع تسلّم الرئيس إيمانويل ماكرون أمس الأربعاء، تقريرا بحثيا وتاريخيا مفصّلا من المؤرّخ الفرنسي بنيامين ستورا بشأن حقائق الاستعمار وحرب الجزائر، كما يتضمّن مقترحات ومبادرات رمزية لتكريم الحركة الوطنية الجزائرية والاعتراف ببعض الانتهاكات من قبل الجيش الفرنسي، بهدف إنهاء التوتّر الذي يغلب على العلاقات بين باريس والجزائر بشأن تاريخ الذاكرة العالقة عن حقبة الاستعمار.

موقف الرئاسة الفرنسية، جاء بمثابة ردّ على مطالبة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في جويلية الماضي باعتذار فرنسا عن المرحلة الاستعمارية.

وقال تبون في مقابلة صحفية عقب استعادة بلاده رفات 24 من قادة المقاومة الجزائرية: إنّ “باريس قدّمت نصف اعتذار”، وعبّر عن أمله في أنْ “تُواصل فرنسا السير على المنهج نفسه وتُقدّم كامل اعتذارها”.

ويأتي إعلان ماكرون على مشارف الذكرى الستّين لنهاية “حرب الجزائر”، كما تسمّى رسميا في فرنسا بعد سنوات من الثورة المسلحة التي خاضتْها جبهة التحرير الوطني الجزائرية، وكللت بمفاوضات “إيفيان” التي منحت البلاد استقلالها.

وكلّف الرئيس الفرنسي المؤرّخ بنيامين ستورا أحد أبرز الخبراء المتخصّصين في تاريخ الجزائر الحديث، في جويلية الماضي “بإعداد تقرير دقيق ومنصف بشأن ذاكرة الاستعمار وحرب الجزائر”.

ونقلت وسائل إعلام فرنسية أن الرئيس طلب من ستورا القيام “بمهمّة تأمّل” بخصوص هذه القضايا التاريخية، والتعريف “بشجاعة ووضوح” بالماضي بين البلديْن، بعد ما يقرب من ستّين عامًا على انتهاء الحرب واستقلال الجزائر.

وتضمّن التقرير ما يقرب عن عشرين توصية ومقترحا من أجل “المصالحة بين الشعبيْن الفرنسي والجزائري”، ويقترح من خلالها ستورا مبادرات هامة، أبرزها تقاسم أرشيف الفترة الاستعمارية، والاعتراف باغتيال الجيش الفرنسي للمُحامي والزعيم الوطني الجزائري علي بومنجل عام 1957 ، وإعادة تفعيل متحف التاريخ المشترك بين فرنسا والجزائر المزمع إقامته بمدينة مونبلييه، والذي تمّ التخلّي عنه في عام 2014.

من بين الخطوات الرمزية التي يقترحها المؤرّخ الفرنسي القيام تجاه ذاكرة الماضي الاستعماري، نقل رفات المحامية المناهضة للاحتلال جيزيل حليمي التي توفيت في جويلية الماضي إلى مبنى “البانثيون” الذي يضمّ بقايا أبطال التاريخ الفرنسي.

كما يشجّع التقرير على إعطاء مساحة أكبر لتاريخ فرنسا في الجزائر في المناهج المدرسية، وتشجيع الحفاظ على المقابر الأوروبية واليهودية في الجزائر،        وإطلاق أسماء الفرنسيّين المنحدرين من أصول جزائرية أو المولودين بالجزائر على  شوارع البلديات الفرنسية.

وقالت الرئاسة الفرنسية إنّ رئيس الدولة: “سيتحدّث في الوقت المناسب” بشأن توصيات هذا التقرير، وأكّدتْ أنّه ستكون هناك “أقوال وأفعال” للرئيس في “الأشهر المقبلة”.

وذكرتْ مصادر في الإليزيه أنّ الأمر الآن أصبح يتعلّق بعملية اعتراف بالماضي الاستعماري ولكن “الندم وتقديم الاعتذار غير وارد”، وذلك استنادا إلى رأي أدلى به المؤرّخ ستورا، الذي طرح أمثلة لاعتذارات قدّمتْها اليابان إلى كوريا الجنوبية والصين عن الجرائم المرتكبة خلال الحرب العالمية الثانية، ولكنّ هذه الاعتذارات لم تسمح بالمصالحة بين هذه الدول.

وتتفاوض الجزائر وفرنسا منذ أكثر من 4 سنوات، حول عدد من الملفات التاريخية العالقة التي تخصّ الأرشيف الجزائري وترفض السلطات الفرنسية تسلميها، والمطالبات بتعويضات لضحايا التجارب النووية التي أجرتْها فرنسا في الصحراء الجزائرية بين عامي 1960 و1966، إلى جانب ملف المفقودين خلال ثورة التحرير والذين يُقدّر عددهم بأكثر من 2200 شخص، حسب السلطات الجزائرية.

الجزائر#
الذاكرة الاستعمارية#
ايمانويل ماكرون#
فرنسا#

عناوين أخرى