إلى جانب الروائي الطويل “بنات ألفة” للمخرجة كوثر بن هنية المُشارك في المسابقة الرسمية لمهرجان كان السينمائي الدولي الـ76، تُشارك تونس في المهرجان ضمن عروض “أسيد” (جمعية نشر السينما المستقلة) بالفيلم الوثائقي الطويل “ماشطات” للمخرجة سُونيا بن سلامة.
ويتوقّف الفيلم المُنتصر للنساء الكادحات، عند مجموعة موسيقية نسائية، تُؤدّي أغان تقليدية، تنفرد بها المناطق الداخلية لتونس، حيث تُغني النسوة للنسوة فقط في حفلات الزفاف.. وهو فن قائم بذاته، قرّرت المخرجة تسليط الضوء عليه سينمائيا، نتيجة ما شاهدته من حيف فني مُمارس بحق النساء.
فهنّ لا يُعتبرن في عرف الناس موسيقيات، رغم أنهنّ يُمارسن المهنة منذ عقود.
وسلّطت بن سلامة في الفيلم -الذي أرادت من خلاله تكريم بعضهنّ- الضوء على شخصية فاطمة التي تصارع وأفراد مجموعتها، الزمن من أجل ضمان قوت يومهنّ عبر هذا العمل الموسيقي، الذي لا غنى عنه في الأعراس المحلية بمدينة المهدية (شرق تونس)، فإضافة إلى الموسيقى، تمارس النسوة أعمالا فلاحية في فصل الشتاء.
وعن فيلمها قالت المُخرجة التونسية في تصريحها لموقع فرانس 24: “كان هدفي كما في فيلمي الأول “مكتوب” منحهنّ صوتا وموقعا لكي تسمع موسيقاهنّ. والماشطات حضورهنّ ضروري في الأعراس بمنطقة المهدية، ولا يمكن إحياء حفل زفاف دون وجودهنّ”.
وتسترسل: “صحيح، في المناطق التونسية الأخرى، يُمكن أن يكون الأمر مختلفا، هناك موسيقى وتقاليد أخرى. لكن في المهدية هذا تقليد معمول به ولا يمكن تنظيم عرس من الأعراس التقليدية في غياب هذه الفرق الموسيقية من الماشطات”.
وتُوضّح: “يشتغلن في فصل الشتاء بالحقول وفي الصيف يُنشّطون الأعراس.. يستخدمن في موسيقاهن الدربوكة (الطبلة) والبندير (الدف). لكن الناس يرون أنهنّ لسن موسيقيات، علما أن الكل يعرف أنهنّ يعزفن ويُغنين”.
وتدور أحداث الفيلم الوثائقي “ماشطات” في مدينة المهدية التونسية الصغيرة، حيث يرصد حياة أعضاء فرقة “مشطاط” لحفلات الزفاف الصيفية، واللاتي يهربن من مشقة حياتهنّ اليومية إلى الموسيقى، وهنّ 3 موسيقيات “فاطمة” وابنتاها “نجاح ووفرة”، يعشن في “بير برانيك” في بلدة المهدية الصغيرة بشرق تونس.
في الشتاء يعتنين بالمنزل ويعملن في الحقول، يزرعن ويقطفن المحاصيل الموسمية، وفي الصيف يتحوّلن إلى “ماشطات” أو موسيقيات تقليديات، حيث يتنقّلن من حفل زفاف إلى آخر، للاحتفال بزواج الشابات ومباركتهنّ، ولإرشادهنّ وإعدادهنّ لحياتهنّ الجديدة زوجات، بمُقابل زهيد مُقارنة بالفنانات المُحترفات.
وسُونيا بن سلامة مخرجة أفلام وثائقية تونسية-فرنسية، ولدت عام 1985، ونشأت في باريس ودرست الفن والسينما ثم أخرجت فيلمين وثائقيين قصيرين، لحساب متحف اللوفر.
في 2015، أخرجت فيلمها الوثائقي الطويل الأول “مكتوب”، الذي شارك في العديد من المهرجانات الدولية، منها مهرجان الأفلام العربية في أمريكا، ومهرجان زاكورة السينمائي ومهرجان خريبكة المغربي الذي حصدت خلاله جائزة المحلفين الكبرى.