ثقافة

ليوناردو دافينشي… عبقريّ الرسم الإيطالي الذي غيّر معنى الجمال

يحتفل العالم اليوم 15 أفريل/ نيسان بالذكرى 570 لميلاد عملاق النهضة الأوروبية الرسام والنحات والأديب والمعماري والموسيقي والمهندس الإيطالي ليوناردو دافينشي.

معتقلو 25 جويلية

ووُلد دافينشي في الخامس عشر من أبريل/ نيسان من العام 1452 بمدينة فينشي الإيطالية لأب وأم غير متزوجين قانونيا، حيث كان يعيش كلاهما في بلدة فينشي التابعة لمقاطعة فلورنسا في منطقة توسكانا الإيطالية.

تلقّى تعليمه في مرسم الفنان الإيطالي أندريا دل فروكيو في فلورنسا، وقضى مطلع حياته المهنية في خدمة الدوق لودوفيكو سفورزا في ميلانو، كما عمل لاحقا في روما وبولونيا والبندقية.

ويُعرف ليوناردو دي سير بيرو دافينشي، اسمه الأصلي، بأنه من أشهر علماء عصر النهضة الأوروبية، وهو الذي تميّز بإنجازاته العلمية واختراعاته المرجعية إضافة إلى أنه كان رساما ونحاتا وأديبا ومعماريا وموسيقيا ومهندسا حربيا وعالما في الفلك والرياضيات والفيزياء والجيولوجيا والنبات والخرائط.

ويُعتبر دافينشي من أعظم الرسامين الذين مرّوا على تاريخ البشرية، كما يُطلق عليه لقب “أب الهندسة المعمارية وعلم الإحاثة”، أي المتحجرات أو الأحياء القديمة.

وبالرغم من تميّز دافينشي في مجال العلوم والاختراع، إلاّ أن موهبته في الرسم أكسبته شهرة واسعة كونها تُعتبر تحفا فنية نادرة. وأبرزها رسوماته هي “الموناليزا” أو “الجوكاندا” التي تعود للقرن السادس عشر. ووُصفت اللوحة بأنها أكثر الأعمال الفنية شهرة في تاريخ الفن، وهي على ملك الحكومة الفرنسية، حيث تُعلّق على جدار متحف اللوفر خلف لوح زجاجي مقاوم للرصاص وفي بيئة يتمّ التحكم بمناخها.

كما أبدع الراحل في رسم جدارية “العشاء الأخير” الذي انتهى من رسمها في العام 1498، وهي تُعد إلى جانب الموناليزا من أشهر اللوحات الفنية عل الإطلاق بتصميمها المُبتكر والسابق للعصر. وهي مُدرجة في قائمة مواقع التراث العالمي لليونسكو، ومعروضة في كنيسة سانتا ماريا ديلي غراسي التي تتّخذ من مدينة ميلانو الإيطالية موقعا لها.

أما لوحة “سالفاتور مندي” التي يعود تاريخها إلى حوالي العام 1500، فقد تمّ تصنيفها على أنها أغلى لوحة في العالم، حيث وقع بيعها بسعر قياسي بلغ 450 مليون دولار في مزاد لدار مزادات كريستيز في نيويورك.

وبرع دافينشي خلال فترة حياته إلى جانب رسوماته في مجال الهندسة، مستخدما ذات المنهج العقلاني والتحليلي الذي اتبعه في دراسة علم تشريح جسم الإنسان، حيث قام بدراسة وتصميم عدد مذهل من الآلات والأدوات، بما فيها: الساعة المائية أو المنبّه المائي الذي قام بتصميمه من خلال تجميع الماء ثم تنقيطه في وعاء آخر، وعند امتلائه يقوم الماء بالتأثير على مجموعة رافعات وظيفتها رفع قدمي النائم ليستيقظ.

كما اخترع مظلة الهبوط “الباراشوت”الذي يعود تاريخ اختراعه إلى سيباستيان لينورماند الذي اخترعها في العام 1783. إلاّ أن الفكرة في أساسها صدرت عن دافينشي في منتصف القرن الخامس عشر ميلادي، حيث قام برسم مخططات لمظلة الهبوط ثلاثية الشكل بدلا من أن تكون دائرية كما في المظلات الحديثة.

وهو أيضا أول من صنع الطائرة المروحية “الهيلوكوبتر” في منتصف القرن العشرين، حيث أن الرسومات التوضيحية التي قام بها دافينشي لهيكل الطائرة المروحية في أواخر القرن الخامس عشر هي التي مهّدت لدخول هذا الاختراع حيّز التنفيذ.

ولأنه مهندس حربي صمّم أيضا المركبة القتالية “الدبابة” أو المدرّعة التي خطّطها دافينشي إلى العام 1487، حيث كان الهدف الأساسي من هذا التصميم هو تخويف العدو بدلا من استخدامها كسلاح عسكري خطير. وبعده بقرون قام مجموعة من المهندسين بإصلاح خطأ في تصميم مركبة ليوناردو وإعادة صناعتها في العام 2010 بناءً على الرسومات الأصلية، كما تمّ مؤخرا عرض نماذج ثلاثية الأبعاد للمركبة في متاحف مختلفة حول العالم، مثل إيطاليا والصين والأردن.

وهو الذي اخترع إلى جانب كل ما سبق معدات الغوص، وذلك أثناء استقراره في مدينة البندقية المحاطة بالمياه عام 1500، فقام بتصميم معدات الغوص لغايات حربية إلى حد ما، حيث كانت تهدف إلى المساعدة في الغوص وثقب سفن العدو.

كما وضع خلال حياته المهنية مخططات لعدد من الآلات الحديثة التي ذكرناها وغيرها، مثل لاقط الطاقة الشمسية والآلة الحاسبة وبعض الآلات الموسيقية، ولم يُنفّذ من هذه الاختراعات في زمنه إلاّ قسم قليل منها نظرا للإمكانيات المحدودة عصرئذ.

وكانت له اكتشافات كبيرة في علم التشريح والهندسة والجيولوجيا والبصريات وجريان الموائع (أداة قابلة للانسياب تحت تأثير إجهاد القص وتأخذ شكل الإناء الحاوي لها). والموائع اسم شامل للسوائل والغازات والهيولات وأحيانا الأصلاب اللدنة.

عاش دافينشي آخر أعوامه في فرنسا، حيث توفّي في قصر كلو لوسي في ماي/ آيار من العام 1519 عن عمر يناهز 67 عاما، إثر سكتة دماغية.

أطلقت إيطاليا على العام 2019 اسم “عام دافينشي” لأنه يوافق مرور الذكرى الخمسمائة على وفاته. وأُقِيمت بهذه المناسبة احتفالات في المعارض الفنية وعروض مسرحية وأفلام سينمائية في بعض المدن الإيطالية مثل ميلانو وفلورنسا، وكذلك احتفالات في بعض العواصم الأوروبية مثل باريس ولندن وطبعا روما.