عالم

لوموند: جو بايدن الرئيس الذي تبنى مشروع تقسيم العراق


“سنة 2003 وعندما كان باراك أوباما يعارض بشراسة غزو العراق الذي يسوق له الرئيس الأسبق جوج دبليو بوش، كان نائبه المستقبلي جو بايدن من أكبر النواب الداعمين والمتحمسين للإطاحة بنظام صدام حسين”.

معتقلو 25 جويلية

ديمقراطي بثوب الصقور الجمهوريين

ذهب جو بايدن  لاحقًا في مقاربته لملف العراق إلى أبعد مما وضعه صقور الإدارة الجمهورية، حين اقترح في الفترة ما بين عامي 2006 و2007 تقسيمه إلى ثلاثة كنتونات إثنية، سنية وشيعية وكردية، الأمر الذي كان من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم الاقتتال الطائفي الذي شهدته البلاد في تلك المرحلة الدامية التي أعقبت الغزو.

تكشف مواقف بايدن في التعاطي مع الملف العراقي بحسب المقال الذي نشرته صحيفة “لوموند” الفرنسية، جانبًا عن رؤية القادم الجديد إلى البيت الأبيض تجاه المنطقة العربية، وهي روية مغلفة بنفس راديكالي لا تختلف تفاصيله عن أطروحات الشرق الأوسط الجديد التي روجت لها إدارة بوش.

كان بايدن ضمن أقلية من النواب الديمقراطيين الذين سوقوا بقوة لمشروع بوش للغزو منذ العام 2002، خلال ترؤسه لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس، والذي كانت تهيمن عليه أغلبية ديمقراطية.

لم يكتف بايدن عند تلك المرحلة بتبني مزاعم الجمهوريين عن أسلحة الدمار الشامل التي يمتلكها العراق، والتي حاول تبريرها لاحقًا سنة 2005 بطريقة غير مقنعة وسخيفة، بل هاجم كذلك الدبلوماسية الفرنسية وموقف الرئيس الراحل جاك شيراك الذي كان من أبرز الأصوات المعارضة للغزو العسكري.

تجاوزت أفكار بايدن لإعادة تشكيل الشرق الأوسط ما سطره نوح فيلدمان الأمريكي الإسرائيلي في مشروع الدستور العراقي الجديد، والذي أرسى نظاما فدراليًا.

حضي مقترح بايدن بتصويت غير ملزم في الكونغرس، وكان يدعو إلى تقسيم العراق إلى ثلاث كنتونات بحسب التركيبة المذهبية والعرقية، ضمن نظام أقرب إلى الكونفدرالية، مع تخفيض سقف الصلاحيات التي تتمتع بها السلطة المركزية في بغداد إلى الحد الأدنى.

سياسات خاطئة ونتائج كارثية

“لا يوجد دليل حتى اللحظة يؤكد أن الرئيس الأمريكي القادم قد استفاد من أخطاءه الفادحة”، هكذا تذهب الصحيفة الفرنسية في تقييمها لأداء بايدن وحصاد سياساته في الملف العراقي، والتي كانت من بين العوامل الرئيسية التي ساهمت في تجدد ظهور التنظيمات الإرهابية وسيطرة داعش على الموصل، بعد الانسحاب العسكري السريع والمرتجل للقوات الأمريكية سنة 2011، والذي أشرف عليه خلال عهدته كنائب للرئيس أوباما.

خلال إدارته للملف العراقي منذ 2008، مضى بايدن في تنفيذ خطة شملت إضعاف ما عرف بقوات الصحوات من العشائر والقبائل العراقية السنية، والتي لعبت دورا فاعلاً ومحوريًا في السنوات السابقة، في دحر تنظيم القاعدة بقيادة الزرقاوي والدولة الإسلامية بالعراق.

راهن الرجل الثاني بالبيت الأبيض على رئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري المالكي، ودعم من خلاله المليشيات الشيعية ذات النزعة الطائفية أملاً في تجسيد مشروعه بتقسيم العراق، عبر استكمال عمليات التطهير العرقي والمناطقي.

وفر بايدن الغطاء السياسي للمالكي برغم الانتقادات التي طالته من داخل الإدارة الأمريكية ذاتها ومن الكونغرس ووكالة المخابرات المركزية، بعد كشف تورطه الواسع في ملفات الفساد والاختلاسات الواسعة، فضلاً عن سياسته الطائفية.

لم يعر نائب الرئيس الأمريكي انتباهًا للفساد والضعف الذي نخر السلطة المركزية في بغداد على مدار سنوات حكم المالكي، والانقسامات التي تشق المؤسسة الأمنية والعسكرية، ما سهل اختراقها لاحقا من تنظيم داعش، بعد أن نجح في تكوين حاضنة شعبية متعاطفة معه بالمناطق التي تسيطر عليها أغلبية سكانية من غير الشيعة.

في أوت 2014 وبعد شهرين من سقوط الموصل وما تكشف على إثره من فضائح سياسية وأمنية، تخلى بايدن عن المالكي الذي أجبر على التنازل عن رئاسة الحكومة.

كان سقوط الموصل مقدمة للنتائج التي ترتبت عن سلسلة من القرارات الخاطئة، انتهت إلى توسع نفوذ الحرس الثوري الإيراني السياسي والعسكري، بما ما يجعل من العراق ملفًا ملغومًا سيكون على بايدن التعاطي مع تبعاته التي كرستها أخطاءه السابقة.