أفادت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية، أنّه اعتبارا من بداية العام الدراسي، لن يتمّ تدريس البرامج المدرسية الفرنسية في المدارس الخاصة الجزائرية.
وأضافت الصحيفة أنّها اطّلعت على مضمون رسالة موجّهة إلى أولياء الأمور، أوضح فيها مدير مدرسة جزائرية أنّ وزارة التربية الوطنية قرّرت الآن “تطبيق القانون بمعناه الضيق”: مطاردة “البرنامج المزدوج”، وهي خصوصية جزائرية في المدارس الخاصة، مما يسمح للطلاب بمتابعة المنهجين الجزائري والفرنسي، وذلك وفق ما نقلته صحيفة القدس العربي اللندنية.
ويَشرح المدير في رسالته أنّ ذلك يعني منع استعمال كتب مدرسيّة غير تلك الموجودة في البرنامج الذي أعدّته الدولة الجزائرية، واحترام خمس ساعات من برنامج اللغة الأجنبية، دون كتاب مدرسي معتمد.
أمّا العنصر الثاني من خطة الجزائر للتقليص من استعمال الفرنسية في الدراسة، فيتمثّل في أنّه إذا كان الحصول على البكالوريا لمرشح مستقل ما يزال مسموحا به، فلن يتمّ إجراء الاختبارات في الثانوية الدولية Alexandre-Dumas، والتي تسمّى أيضا lycée français (الثانوية الفرنسية). ولذلك سيتعين على المرشحين السفر إلى الخارج. وبالتالي، سيتمّ تشديد شروط الالتحاق بالجامعات الجزائرية بالنسبة إلى الجزائريين الحاصلين على البكالوريا الفرنسية “المعاملة بالمثل”، ردًّا على ما تفعله فرنسا بالطلاب الجزائريين، كما تقول “لوفيغارو”.
وتشير الصحيفة الفرنسية، إلى أنّ السلطات الجزائرية اتّخذت، بعد التهديد بإجراء عمليات تفتيش مفاجئة للتحقّق من استخدام الأطفال الكتب المدرسية والمنهج الوطني. وتم وفق شهادات عديدة من أولياء الأمور، استدعاء مديري المؤسسات الخاصة إلى الوزارة للتعهد كتابيا بعدم اتباع البرنامج الفرنسي، تحت طائلة العقوبات والملاحقة الجنائية، كما يُزعم في باريس. ونتيجة ذلك، أغلقت بعض المدارس أبوابها بمجرّد بدء العام الدراسي، مما أدّى إلى إرسال الأطفال إلى منازلهم.
ومضت “لوفيغارو” قائلة إنّ الرغبة في الجزائر في وضع حد للغة الفرنسية ليست جديدة. فمنذ الستينات من القرن الماضي، وصَمَتها النخب الناطقة بالعربية بأنها “اللغة الاستعمارية التي لا تؤدي إلى أي مكان”، وشنّت عليها الحرب حتى في المراسلات الإدارية.
وبعد حراك 2019 الشعبي الواسع الذي أدى إلى استقالة عبد العزيز بوتفليقة، طورت السلطة الجديدة خطابا آخر، ارتبط بموجبه الفرنسيون بالنظام القديم. وبينما لم يعد تدريس اللغة الفرنسية موجودا تقريبا في القطاع العام؛ بسبب نقص المعلمين المدربين، فإنها تواجه الآن منافسة من اللغة الإنجليزية، التي أصبحت إلزامية اعتبارا من السنة الثالثة من المدرسة الابتدائية، بتعليمات من الرئيس عبد المجيد تبون، الذي فرضها أيضا لغة التدريس في الجامعة.
أما في المدارس الخاصة التي تمثل أقل من 5% من المؤسسات التعليمية، وتجذب الطبقة المتوسطة في الأساس، فإن أولياء الأمور ينتقدون هذا الهجوم الجديد من خلال تبريره بالحاجة إلى “تنظيف النظام الخاص”. ولم تعد بعض المدارس تدرس المنهج الجزائري على الإطلاق. وقدمت أخرى دروسا في اللغة الفرنسية استنادا إلى الكتب المدرسية الجزائرية المترجمة، وفتحت أخرى ملاحق تقدم رسميا دورات الدعم، لكن بشكل غير قانوني تماما.
ومما زاد الطين بلّة، تتابع “لوفيغارو”، يضاف إلى سياسة الجزائر الجديدة، القرار الذي اتخذه قبل الصيف، المركزُ الفرنسي للتعليم عن بعد (Cned) بإلغاء “Cnedréglementé”، وهو نظام يؤدي خلاله المرشحون الأحرار امتحانات (شهادة الدروس الإعدادية والبكالوريا) التي تمنحهم الوصول المباشر إلى ما يعرف بـParcoursup.
وقد أصبح المركز الفرنسي للتعليم عن بعد، الذي كان مخصصا في الأصل للأطفال الفرنسيين غير الملتحقين بالمدارس، مع مرور الوقت بديلا للمدرسة في بعض البلدان، وفي مقدمتها الجزائر.
ويقول مصدر في باريس لـ“لوفيغارو” إن الوضع أصبح خارج السيطرة، خاصة مع مراعاة علامات التقييم المستمر التي ينص عليها إصلاح البكالوريا، موضحا أنه من خلال هذا النظام، كان الغش غير قابل للرصد.
فدون برنامج فرنسي أو المركز الفرنسي للتعليم عن بعد، هل للمدارس الخاصة في الجزائر مستقبل؟ تتساءل الصحيفة الفرنسية، وفق ما نقلته القدس العربي.
ردّا على هذا السؤال، تنقل الصحيفة عن أحمد، الذي سجّل ولديه في مؤسسة خاصة بالضواحي الغربية للجزائر العاصمة، قوله: “المشكلة بالنسبة إلى هذه المدارس ليست تعلّم اللغة الفرنسية، بل المال. في مدرسة أطفالي، يشرحون لنا بالفعل أنه يتم وضع برنامج مزدوج آخر. وسيتابع الطلاب البرنامج الجزائري وبرنامج اللغة الإنجليزية”.