تستعدّ جمعية “ميوزيم لاب” للنّسخة الثانية من تظاهرة “كيف الكاف” المزمع انعقادها في الفترة الممتدة بين الـ13 والـ15 من أكتوبر، بمدينة الكاف (شمال غرب تونس).

والحدث الثقافي السياحي البيئي الذي تدور فعاليّاته كل عام في مدينة الكاف وأحيائها، يهدف إلى المحافظة على التراث الثقافي والتاريخي للمدينة التونسية الحدودية، وذلك عبر سلسلة من المبادرات التي صُمّمت خصّيصا للمنطقة وحاجياتها، والتي تمّ تنفيذها بشكل إستراتيجي يضمن استدامتها على أرض الواقع.

ومن ثمة يُساهم هذا المشروع في تحويل الكاف إلى مكان يلتقي فيه الماضي بالمستقبل، حيث يصبح التراث مصدر إلهام للأجيال الحاليّة والمستقبليّة.

وفي هذا السياق، يُشرف “مويزيم لاب” على برنامج طويل المدى في الكاف، بدعم من مؤسّسة دروسوس (2021-2024)، وبالتعاون مع بلدية وولاية الكاف، لتكوين حوالي أربعين خريجا جديدا من الباحثين عن وظائف في مجاليْ التراث والسياحة.

وتسعى “ميوزيم لاب” من خلال التكنولوجيّات الحديثة إلى تمكين الزوار من الغوص في تاريخ الكاف، عبر تجارب غامرة تُعرّف بقصص المدينة وأسرارها، حيث ينفتح المشروع على المواقع الأثريّة والمراكز التاريخيّة بالكاف من خلال تنظيم جولات مصحوبة بمرشدين تمّ تكوينهم في البرنامج التدريبي ذاته، ليُواصلوا العمل بعد ذلك في الاختصاص نفسه.

وعبر هذه التظاهرة ينغمس الشباب والطلاب في بيئات ينبض فيها التراث بالحياة، إذ يتمّ تطوير المشاريع الملموسة بالتعاون مع المُشاركين، بدءا من الترميم المعماري والحفاظ على التراث الطبيعي، مرورا بالهندسة المعمارية والتصميم والتراث المادي واللامادي.

ومن هناك يتبدّى المشروع كحاضنة للخرّيجين الشباب الباحثين عن فرص عمل والطلاب المهتمين بمجال التراث، حيث يقوم برنامجه التدريبي على ثلاث مراحل: جذع مشترك مدّته ثلاثة أشهر، ومجموعات عمل متخصّصة، وتدريب موجّه حسب المشروع. أما في دورته الثانية، فسيكشف “كيف الكاف” عن 16 مشروعا حول تراث المنطقة.

وفي النسخة الأولى من “كيف الكاف”، تمّ ترميم المعالم التاريخية وتحويلها إلى مساحات ثقافية ديناميكية، كما وقع تخصيص وظائف جديدة للمعالم التي تمّ ترميمها لتتحوّل من أماكن مهجورة إلى فضاءات ثقافية تخضع لاستغلال أفقي من قبل أبناء الجهة.

و”كيف الكاف” -وفق القائمين عليه- أكثر من مجرّد مبادرة للحفاظ على التراث، بل هو مشروع يُعيد حياة الكاف لتاريخ المدينة المهجور، ويخلق نموذجا للتعايش المتناغم بين الماضي والحاضر، من خلال التدريب والإبداعات الرقميّة والشراكات الإستراتيجيّة واحتضان المشاريع المبتكرة، لتغدو الكاف مثالا ساطعا لتجارب إحياء التراث وإثراء المجتمع مع خلق الفرص للأجيال القادمة.