كلمة نابية أسقطت ليلة الضحك بقرطاج في الإسفاف والاستهجان
tunigate post cover
ثقافة

كلمة نابية أسقطت ليلة الضحك بقرطاج في الإسفاف والاستهجان

الكوميدي الفرنسي آز يستفزّ الجمهور التونسي وبودير يُنقذ الموقف في ليلة الضحك بقرطاج.. إليك التفاصيل
2023-07-17 15:26

صابر بن عامر

عاش الجمهور التونسي، ليلة أمس الأحد 16 جويلية، على وقع الكوميديا العابرة للقارّات من خلال سهرة ضاحكة عنوانها “ليلة الضحك بقرطاج”، ضمن فعاليات النسخة الـ57 من مهرجان قرطاج الدولي.

وتابع الجمهور عرضا ترفيهيا ضخما أمّنه ستّة فنانين كوميديين، باللغة الفرنسية، قدموا خصّيصا من فرنسا لاستعراض بعض المشاهد الكوميدية ضمن ما اصطلح على تسميته بعروض الـ”ستاند آب” من 15 إلى 20 دقيقة للفنّان الواحد، وهم: التونسي نضال السعدي، المغربي بودير، الفرنسية لوري بيرات، الفرنسيّان  دجيمو وآز، الفرنسي من أصول مغاربية طارق والكاميروني سايدو أباتشا.

ما قبل آز وبعده

لحظة فارقة عاشها جمهور قرطاج، ليلة أمس، مع صعود الكوميدي الفرنسي آز الذي أربك جمهور قرطاج وأثار استهجانه، بترديده كلمة تونسية نابية، كرّرها حدّ الملل، الأمر الذي جعل بعض العائلات تُغادر المدرّجات ساخطة.

في المؤتمر الصحفي، الذي تلا العرض، اعتذر آز من الجمهور التونسي، مُبرّرا بقوله: “أنا لا أفقه الثقافة التونسية، هي كلمة سمعتها أينما مررت، فضمّنتها “اسكاتشي” ولم يكن لي علم أنّها محرجة إلى هذا الحد للتونسيين والتونسيات، لذلك أعتذر منهم جميعا”.

اعتذار بدت تبريراته غير مُقنعة، خاصة أنّ آز، طلب قبل النطق بكلمته تلك، وتكرارها أكثر من 15 مرة على الخشبة، أن يسدّ الأطفال آذانهم، بما يعني أنّه يعلم علم اليقين معناها، وإن لم يكن يعلم فرفاقه من الكوميديين المغاربة الذين شاركوه عرض، البارحة، يعرفون معناها ومدى وقعها المُحرج، بل المُربك أصلا لعموم التونسيين والتونسيات وأطفالهم خاصة، الذين صاحبوا ذويهم إلى مهرجان دولي، مُمنيّين النفس الترفيه عن أنفسهم من ضغط الحياة وقسوتها واستفحال العنف المادي واللفظي في الشوارع التونسية، فصدموا بمرور كلمة “شوارعيّة” فجّة على خشبة مسرح -في الأصل- يُثقّف إن استطاع إلى ذلك حيلة.

والأمرّ من كل ما سبق، أنّ الكلمة أتت مُسقطة على “ستاند آب” يتحدّث عن مقابلة انتداب، انتقد فيه آز الإعلام الفرنسي وطريقة تناوله القضايا السيّارة، فيصنع من الحبّة قبّة، والعكس صحيح أحيانا، فيُحوّل القبّة إلى حبّة!

والملاحظ هنا، أنّ التفاعل الجماهيري مع عرض، ليلة أمس، تغيّر بعد مرور آز، فمدرّجات قرطاج لم تعد هي ذاتها ما قبل صعود الكوميدي الفرنسي وبعده.. بل حتى ردود فعل مرتادي السوشيال ميديا بتونس وخارجها، لم يعد ذاته قبل صعود آز وغداته، حيث استهجن الكثير من نشطاء وسائل التواصل الاجتماعي هذا المرور حدّ الدعوة إلى مقاطعة مهرجان قرطاج كليّا.

ربما أنقذت الموقف، إثره، الكوميدية الفرنسية لوري بيرات التي مثّلت مفاجأة العرض، بجمعها بين العزف والغناء بصوت آسر، لا يخلو من تهكّم مرح على المعيش اليومي في بلد استقطب كل الجنسيات، لكنّه أضاع هويّتهم من حيث لا يدرون.

الأمر ذاته انسحب على الكوميدي الكامروني سايدو أباتشا الذي قدّم “ستاند آب” من 20 دقيقة يسرد فيها بعضا من يوميات إفريقيّ من جنوب الصحراء في مجتمع فرنسي، في ظاهره يبدو مُتسامحا ومنفتحا على الآخر، وفي باطنه عنصرّي وإن ادعى غير ما يُعلن.

يوميات قدّمها بهيئة كامرونية خالصة، بملابس تقليدية وآلة نقر فلكلورية وكوميديا سوداء لاذعة، ومرحة في الآن ذاته.

48 ساعة من الزواج فقرطاج

افتتح العرض، الذي امتدّ زهاء 100 دقيقة، وأمّن فواصله موسيقيا الدي ديجي فراس، والممثّل التونسي نضال السعدي 48 ساعة بعد حفل زفافه من سيدة سويسرية-تونسية، كانت محور عرضه الموسوم بالهزل والسخرية من تكاليف الزواج في المجتمعات المغاربية، سيما تونس.

وصعد الفنان التونسي خشبة مسرح قرطاج الدولي بلباس زفافه الحقيقي، وهو الذي احتفل قبل يومين من السهرة، متناولا مسألة تحضيرات حفلات الزفاف في تونس والتعقيدات التي تنجم عنها، إضافة إلى إبراز مدى الفرق بينها وبين الحفلات في فرنسا السلسة.

نجم “أولاد مفيدة” بأجزائه الخمسة، أضحك الجمهور من يومياته مع الزواج، وإن بدت وليدة، وسط ضحكات مدويّة أحيانا وخافتة في أحيان أخرى لكنّها عكست مدى استساغة الجمهور حضوره القصير (15 دقيقة)، لكنّه معبّر.

وفي المؤتمر الصحفي الذي عُقد إثر العرض، قال السعدي مُجيبا عن سؤال بوابة تونس: هل تكفي 48 ساعة ليكتب يومياته مع الزواج، ويستعرضها في عرض ضخم على خشبة مسرح قرطاج؟

فقال: “هناك أشياء كُتبت مسبقا، وأخرى حينيّة بكثير من الارتجال، وهو ما يمنحه “الستاند آب” لكلّ كوميدي مُجتهد”.

وعن اختياره تقديم عرضه باللغة الفرنسية، وهو في حضرة الجمهور التونسي، أفادنا أنّ الحضور لم يقتصر فقط على التونسيين، بل هناك سيّاح وجالية فرنسية وأخرى بلجيكية واكبوا العرض، وهو الذي تعوّد حتى حين يقدّم عروضه في فرنسا إلى الجالية العربية هناك، أن يُقدّمها باللغة الفرنسية، فيكفي أن يكون فرنسي واحد من بين الحضور، وجب عليه من باب الاحترام أن يفهمه ما يودّ أن يقول، وفق تصريحه لبوابة تونس.

كوميديا دي لارتي.. مغربية

أما ذروة العرض ونجمه، ليلة أمس، ودون منازع، فتمثّل في المرور الختامي للكوميدي المغربي بودير الذي قدّم يوميات مواطن مغاربي في بلد المهجر فرنسا، في مُقارنة مرحة بين الفكر العربي والفكر الغربي في محطات إنسانية فارقة كالزواج وتربية الأطفال والعلاقات الأسرية، بطريقة سلسلة ولبقة، قال عنها في تصريح لبوابة تونس: “هو مسرح العائلة الذي تربّيت عليه، وأودّ تمريره للأجيال الحالية”.

حضور بودير لم يمرّ مرور الكرام، ليلة أمس، كحال الكوميدي ذي الجذور المغاربية طارق، إنّما قدّم درسا في الارتجال والقدرة على التفاعل الآني مع الجمهور، الأمر الذي جعله يُخاطب أحد المُشاهدين المُغادرين أثناء وصلته، حاثا إياه على مُتابعة العرض، فلن يندم، وسط ضحكات هستيرية من الجمهور.

روح دعابة وحسّ فكه، وتفاعل آني يُحيلنا إلى آليات “الكوميديا دي لارتي” الإيطالية، لا يُتقنها سوى كبار نجوم الكوميديا الذين خلا منهم عرض البارحة، على غرار جمال دبوز وإسماعيل وجاد المالح، لكنّ بودير أنقذ العرض من ارتباك بعض صحبه، وهم يقفون للمرّة الأولى أمام مدرجّات غصّت بالجماهير، وهم الذين اعتادوا تقديم عروضهم القياسية المُقتضبة في مسارح جيب صغيرة، فهل تليق عروض “الستاند آب” القصيرة والسريعة بمسرح بحجم قرطاج وعراقته؟ الإجابة عند القائمين على فعاليات النسخة الـ57 من مهرجان قرطاج الدولي!

المغرب#
تونس#
فرنسا#
كوميديا#
مهرجان_قرطاج_الدولي_الـ57#

عناوين أخرى