رياضة

كرة تونس في المحاكم الرياضية…شح المادة وسوء الإدارة

تاهت بعض أندية القسم الأول لكرة القدم في تونس في دوامة القضايا والشكاوى والمعارك القانونية، بعيدا عن التنافس الرياضي من أجل تحقيق الإنجازات وتطوير اللعبة، حتى أصبح أقصى طموح بعض الفرق النجاة من عقوبة أو الخلاص من غرامة مالية.
عشرات القضايا ترفع ضد الفرق المحترفة في تونس سنويا، وعقوبات بالجملة تعرقل مسيرتها وتهدد كيانها، فمنذ أسبوع فقط أصدرت هياكل التحكيم في الاتحاد الدولي لكرة القدم قرارا يمنع خمس أندية تونسية من القيام بصفقات شراء لاعبين قبل تسوية بعض القضايا.
 أزمة مالية خانقة

عادة ما تكون القضايا التي تواجهها أندية كرة القدم في تونس متعلقة بشكاوى رفعها لاعبون أو مدربون أو أندية شريكة، بسبب عدم الحصول على مستحقات مادية تخص جرايات شهرية أو منحة تكوين لاعب أو معلوم صفقة انتداب.

يقول المختص في القانون الرياضي صابر بوعطي، في تصريح لبوابة تونس: “إن أغلب القضايا المرفوعة ضد الأندية التونسية سببها مادي بالأساس، نظرا للأزمة المالية الخانقة التي تواجهها أغلب الجمعيات منذ سنوات، بسبب نقص مصادر التمويل، فغياب الجماهير وتراجع عائدات الإشهار والأزمتان الاقتصادية والصحية في البلاد أثرتا على خزائن الفرق”.
ويضيف بوعطي: أن شح المادة يؤدي مباشرة بالفريق إلى الإخلال بالتزاماته المادية تجاه لاعبيه ومدربيه.من جهته، تطرق رئيس لجنة المسابقات في الجامعة التونسية لكرة القدم أمين موقو، إلى عامل ضغط الجمهور ومطالبته بالنتائج، ودفع إدارة ناديه إلى القيام بتعاقدات تفوق طاقتها المادية، وبالتالي تورّط نفسها في تبعات قضائية لاحقا، نظرا لعجزها عن توفير ما وعدت به لاعبا أو مدربا.
سوء تسيير

“سوء تسيير وجهل بالقانون ورعونة في الإدارة واستهتار بمصالح الفرق”، هكذا لخص الإعلامي ورئيس قسم الرياضة بالإذاعة التونسية لبيب الصغيّر، في حديثه مع بوابة تونس.

الصغيّر أكّد أن أغلب الجمعيات الرياضية في تونس تفتقر إلى مسيرين أكفياء في الإدارة والقانون، وقال: “يقومون بانتدابات فاشلة وغير مدروسة، ويوقعون عقودا مع لاعبين دون دراية”.كما تطرّق إلى تدخل السياسة في الرياضة وانخراط بعض الشخصيات السياسية لتسيير أندية، رغم جهلها بالقانون الرياضي.

يقول الصغيّر: ” رجل سياسة يترأس ناد، يعقد صفقات جلبها سماسرة ويقدّم وعودا وهمية لإرضاء الجماهير دون التفكير في عواقبها على النادي، ثم يغادر ويترك الفريق يتخبّط في مستنقع من الديون والقضايا ويغادر”.

بدوره، رد رئيس فريق مستقبل الرجيش محمد علي العروي الأزمة إلى سوء الإدارة، وانتقد بعض المسؤولين في الفرق، بسبب غياب استراتيجية واضحة للانتداب وعدم التفكير في مستقبل الفريق خلال إبرام الصفقات.

وعاد لبيب الصغيّر ليحمّل الأندية المسؤولية في توريط نفسها بمعارك قانونية، إذ أشار إلى غياب تقديم التقارير المالية للفرق في موعدها، وعدم الانضباط لقوانين الجامعة التونسية لكرة القدم وعدم إجراء الجلسات العامة بصفة منتظمة.

وفي هذا الموضوع، توجه رئيس قسم الرياضة بالإذاعة التونسية باللوم إلى الجامعة التونسية لكرة القدم، وقال إنها “لا تقوم بمهمة الرقابة على الأندية كما يجب، ولا تحرص على تطبيق القانون بالشكل الذي يردع تجاوزات المسؤولين ويحمي الفرق من المشاكل”.

في حين، أكد عضو الجامعة التونسية لكرة القدم أمين موقو، أن أغلب النزاعات التي تعاني منها الفرق التونسية يكون فيها الطرف الآخر من النزاع أجنبيا، في حين أن الجامعة تبتّ في القضايا التي تكون فيها أطراف النزاع تونسية فقط. كما لم ينف موقو  أهمية تشديد الرقابة على كيفية تسيير أندية كرة القدم، لحمايتها من السقوط في مطبات قانونية تكون تبعاتها وخيمة.

ونوّه أمين موقو إلى أن الهياكل الدولية بدورها تعمل على وضع قوانين أكثر صرامة للتقليص من القضايا المرفوعة لدى المحاكم الرياضية، حيث يمنع الاتحاد الإفريقي لكرة القدم مثلا مشاركة أي ناد في مسابقة قارية طالما لديه قضية محل نزاع في المحاكم .
مراجعة شاملة لإعادة الكرة إلى الملاعب

في السنوات الأخيرة أصبحت الأضواء مسلطة على القضايا المرفوعة أمام المحاكم المختصة، والمعنيون ينتظرون مقررات المحكمة الرياضية الدولية للبت في مصير فريق، أكثر من التركيز على التنافس الرياضي بسبب كثرة القضايا، حتى إن بعض الفرق كانت تنافس على الألقاب والنجاحات أصبح أقصى طموحاتها رفع عقوبة المنع من الانتدابات، أو عدم حذف نقاط أو البقاء ضمن الدرجة المحترفة.

وأمام نزيف القضايا، تجمع الأطراف كلها على ضرورة إعادة النظر في إدارة كرة القدم بتونس، خاصة تطبيق القوانين المحلية والدوليةـ وتكليف مختصين أكفياء في عملية توقيع العقود والانتدابات، واحترام الالتزامات المادية مع جميع الفرق واللاعبين، من أجل تحسين سمعة الكرة التونسية وإعادة اللعبة إلى أرض الملعب.