كتيبة إعدام نسائية تصدر الحكم وتنفّذه
tunigate post cover
مدونات

كتيبة إعدام نسائية تصدر الحكم وتنفّذه

الأسترالي بول سنابل تعوّد على تعنيف صديقته باستمرار فتقرّر هي وصديقاتها معاقبته على طريقتهنّ
2022-12-23 09:06

سمية المرزوقي

هرع بول فرايند إلى قسم الشرطة للإبلاغ عن اختفاء صديقه بول سنابل الذي لم يظهر له أيّ أثر، منذ التقائهما قبل أسبوع خلال سهرة شبابية ليلة الخامس من نوفمبر/تشرين الأول 1989 بمدينة مو بولاية فكتوريا الأسترالية.

اعتقدت أسرة سنابل في البداية أنّه ربما بصدد القيام برحلة بدراجته النارية، خاصّة أنّ الجميع قد لاحظ اختفاءها من أمام بيته. لكنه لم يتعوّد قطع الاتّصال بأفراد أسرته حتى وإن قرّر الذهاب برفقة أصدقائه لفترة من الزمن.

حملة تمشيط

قرّر رجال الشرطة التحقيق في ظروف السهرة الشبابية التي كانت آخر تجمّع شوهد فيه سنابل قبل اختفائه. لكنّ شهود عيان أكّدوا أنّهم لمحوا سنابل صبيحة اليوم الموالي.

في اليوم نفسه كانت كارين التي تربطها به علاقة عاطفية، تستعدّ للانتقال إلى بيت آخر. وحصلت مناوشة بينهما بسبب استمرار سنابل في معاقرة الخمر صباحا بدل مساعدة صديقته على جمع أغراضها.

وبعد طرده من البيت استقلّ سنابل دراجته وغادر المكان، وكانت تلك آخر مرة يُشاهده فيها سكان الحي حيّا.

ولأنّه كان ثملا آنذاك، رجّح المحقّقون أن يكون قد تعرّض لحادث مروري. قال المفتّش بول رولي في تصريح لوسائل إعلام أسترالية: “ركّزنا بحثنا في البداية على أطراف الطريق التي سلكتها دراجته، وتطلّب منا الأمر الاستعانة بالكثير من المتطوّعين ضمن قوات الإنقاذ وبطائرة مروحية لتمشيط الغابات الكثيفة المترامية على جانبي الطريق”.

استمرّ البحث لأيام، وأصبح الجميع يخشون على حياته بسبب خطورة طرقات مدينة مو. وبسبب انتشار خبر الاختفاء في وسائل الإعلام، انضم الجميع إلى البحث عن أيّ معلومات جديدة قد تُساعد المحقّقين، وهو ما شجّع إحدى السيّدات القاطنات في المنطقة على الاتّصال بالشرطة لإخبارهم بعثور ابنها على أجزاء لدراجة نارية كبيرة على الطريق.

وفي الأثناء تلقّت الشرطة اتصالا آخر دلّهم على مكان أجزاء أخرى متفرّقة لدراجة نارية. جمع رجال الشرطة كل الأجزاء التي عثرت عليها والتي بدت جميعها مشابهة لدراجة سنابل وألوانها.

لكنّ شيئا ما لفت انتباه المحقّقين، لقد عثروا على بعض القطع داخل أكياس بلاستيكية. فهل نظّم بول سنابل اختفاءه بنفسه؟

من فكّك الدراجة؟

أكّد صديق سنابل -وهو ميكانيكي- أنّ كل الأجزاء التي جمعتها الشرطة تعود إلى دراجة سنابل. لكنّه شدّد أيضا على ولعه بها، وهو ما يضعف نظرية أنّه هو من قام بتفكيك الدراجة إلى قطع صغيرة.

صديق آخر لفت إلى رغبة سنابل الانتقال إلى غرب البلاد والابتعاد تماما عن مدينته الأم، ممّا قد يبعث شكوكا بأنّه هو من أراد مثل هذه النهاية، وهو من خطّط لكل ذلك.

لكن تفاصيل جديدة ظهرت في القضية وكشفت عن توّرط شخص آخر في عملية تفكيك الدراجة، وذلك بعد العثور على المحرّك وقد مُحيت منه أرقام هيكل الدراجة حتى لا تكتشف هوية صاحبها.

تقول الشرطة الأسترالية: “إنّه لا يمكن الحديث عن جريمة قتل حتى الآن، وحتى مع العثور على الدراجة ما نزال نحقّق في قضية اختفاء طالما لا وجود لأيّ جثة أو مسرح جريمة”.

لذلك عاد المحقّقون إلى البداية واستأنفوا البحث في بيت كارين صديقة سنابل حيث شوهد آخر مرة. وعند سؤال رونا، شريكتها في السكن، أكّدت روايتها الأولى وأشارت إلى مغادرته البيت حوالي الساعة الخامسة مساء على دراجته.

وأضافت رونا أنّها غادرت بدورها بيت كارين لتضع طفليها عند صديقتهما إيرين. وبظهور إيرين وزوجها ضمن أطوار القضية واللّذين لم يكونا حاضرين خلال السهرة الشبابية، قرّر رجال الشرطة ضمّهما إلى اللّائحة المظنون فيهم.

وفي ظل شحّ المعلومات وتطابق رواية الاختفاء، ركّز المحقّقون اهتمامهم في البحث عن سرّ وضع بعض أسلاك الدراجة المفكّكة في أكياس بلاستيكية.

تفطّن أحد المحقّقين إلى أنّ إحدى الشركات المتخصّصة في المنتوجات الكهربائية، تستخدم هذا النوع من الأكياس. وبمقارنة لائحة المشتبه فيهم مع قائمة الموظفين بالشركة، تبيّن أنّ جانو ماسلان زوج إيرين أحد العاملين فيها.

نفت إيرين أيّ صلة لها بالموضوع، وقالت إنّها علمت باختفاء سنابل من نشرات الأخبار على التلفزيون.

جانو كذلك أنكر تورّطه في القضية، وأخبر المحقّقين أنّه كان بصدد الحفر لتجهيز حمام سباحة في فناء بيته. وبمعاينة المكان، عثرت الشرطة على الأكياس البلاستيكية ذاتها التي احتوت أجزاء الدراجة المفكّكة.

لاحظ رجال الشرطة أيضا وجود قطع أسلاك ملفوفة بالطريقة نفسها التي لُفّت بها أسلاك دراجة سننابل. كما بدا مرآب الزوجين مرتّبا ومنظّما بشكل مُبالغ فيه.

وبعد تدقيق البحث، اكتشف المحقّقون وجود بضع جزيئات معدنية حمراء اللون على الأرض. كما عثروا على أداة قطع للمعادن وبها آثار طلاء أحمر اللون، وهو اللون الذي يميّز دراجة سنابل.

بداية الخيط

أرسلت الجزيئات المعدنية للتحليل المخبري للتأكّد من تطابقها مع دراجة سنابل، وعاد رجال الشرطة لاستجواب الزوجين مرة أخرى. لكن جانو لم يكن متعاونا مثل المرة الأولى، ورفض الإدلاء بأيّ تصريح.

ثم اختفى الزوجان وادّعت صديقتهما رونا أنّهما غادرا لقضاء عطلة نهاية العام، وقالت إنّها لا تعلم موعد عودتهما.

في هذه المرحلة من القضية علم المحقّقون أنّ كارين صديقة سنابل تتلقّى علاجا نفسيا في إحدى المصحات. فهل تدهورت حالتها جراء تورّطها في مقتل صديقها؟

لم تكن علاقة كارين وسنابل مستقرّة وشهدت بضع الاضطرابات في الآونة الأخيرة تسبّبت في انفصالهما. عند زيارتها في المستشفى، شعر رجال الشرطة أنّها ليست في حال جيّدة، وبدا أنّها لا يمكن أن تكون متورّطة لكنها تخفي شيئا ما.

فجأة انهارت كارين وأخبرت الشرطة أنّ روايتها الأولى لم تكن صحيحة، وأنّ الجميع كان موجودا يوم الواقعة، أي أنّها كانت برفقة سنابل وكلّ من إيرين ودونا ورونا. وبدا سنابل كأنّه قد تعاطى شيئا ما غير الكحول.

وأضافت أنها غادرت البيت مع شقيقتها دونا وتركت بول سنابل رفقة صديقتيها إيرين ورونا. لكنّها تفاجأت بإيرين تخبرها في اليوم التالي، بأنّ سنابل لن يشكّل لها مصدر إزعاج بعد اليوم.

وأكّدت دونا اعترافات شقيقتها ولفتت إلى أنّ إيرين هي من حدّدت ماذا تقولان للشرطة عند استجوابهما، وأنّها هدّدتها بالقتل في حال بوحها بأيّ شيء هي أو شقيقتها. 

وباصطحابها إلى قسم الشرطة كشفت دونا تفاصيل ما حدث لبول سنابل، حيث قالت إنّ إيرين ورونا أقنعتاه بتلقّي حقنة من المخدّرات، والتي كانت في حقيقة الأمر مزيجا بين المخدّر ومادة الأسيد القاتلة.

ثم عادت إيرين إلى دونا وطلبت منها المغادرة إن لم تشأ رؤية بول مغشيا عليه. في ذلك الوقت غادرت كلّ من دونا وشقيقتها كارين المكان فورا.

وأشارت دونا إلى تعمّد إيرين بيع الأريكة التي كان يجلس عليها بول، والتي على الأرجح كانت تحتوي على آثار دماء، بعد الفشل في إزالتها.

سارعت الشرطة على الفور بالبحث عن الأريكة، ونجحت في استرجاعها والعثور على بقعة دم عليها.

كما اعترف إيان غيلون أحد جيران إيرين وزوجها أنّه كان في بيتهما يوم اختفاء سنابل، وأنّهم كانوا منغمسين في حفر حمام السباحة مثل ما أفاد جانو.

لكن ما لم يخبر به الزوج الشرطة هو غيابه لساعتين عن البيت ليلا، وعودته وهو يصطحب دراجة نارية حمراء اللون فوق شاحنته الصغيرة.

ولفت إلى أنّ إيرين طلبت منه ومن زوجها جانو ومن رونا المشاركة في تفكيك الدراجة، ومن ثمّة التخلّص من أجزائها في أماكن متفرّقة من القرية.

بعد القبض على رونا اعترفت بتورّط إيان غيلون في عملية القتل، ولم يكتف فقط بتفكيك الدراجة، وأنّه هو من ضربه بعصا البيسبول على رأسه بطلب وإصرار من إيرين، رغم أنّه رآه للمرّة الأولى في حياته.

وقالت رونا إنّهم قرّروا التخلّص من بول سنابل، لأنّه يعنّف كارين باستمرار وخوفا من أن يقتلها يوما ما.

لكن المفاجأة الكبرى في القضية هي أنّ كارين وشقيقتها دونا كانتا على علم بكل شيء، وكانتا موافقتين وحاضرتين على عملية التخطيط قبل الجريمة بيومين.

وكان لكل شخص دور يقوم به للإيقاع ببول والإجهاز عليه. وبعد فشل قتله بحقنة الأسيد انتقلوا إلى خطة بديلة بضربه ضربا مبرحا بعصا البيسبول.

ولم تكتف إيرين بذلك بل خنقته بكيس بلاستيكي حتى تضمن لفظ أنفاسه الأخيرة.

أستراليا#
جريمة#
كتيبة_إعدام_نسائية#

عناوين أخرى