احتفت المكتبة العمومية بمدينة الثقافة الشاذلي القليبي بالعاصمة تونس، صبيحة أمس الأحد 19 مارس، بتقديم كتاب “الهروب من الكامور إلى أوروبا عبر البلقان” للدكتور محمد نجيب بوطالب.

وفي الكتاب قال مؤلفه: “تُمثّل ظاهرة الهجرة غير النظامية عبر مسلك تركيا صربيا التي انتشرت خلال سنة 2022 في تونس سلوكا جديدا مكلفا، لكنه يعتبر أقل خطورة من مسلك مراكب الموت عبر البحر المتوسط من الجنوب إلى الشمال، كما تُعتبر نموذجا صالحا للدراسة باعتباره لم يدم طويلا، إذ توقّفت الهجرة عبر صربيا بعد نجاح الاتحاد الأوروبي في الضغط على دول البلقان، خاصة صربيا”.

ويسترسل: “فقد أصبح هذا الحراك المستجد يمسّ جزءًا كبيرا من الشباب التونسي عامة وشباب الجنوب الشرقي وجهة تطاوين بشكل خاص.. لذلك فنحن إزاء ظاهرة ضاغطة وشاملة مسّت بشكل شبه كلي المجتمع المحلي، إذ مثلت الظاهرة استجابة لفشل سياسات الدولة في الدفع نحو التشغيل وتنمية الجهات الداخلية، وبيّننا خصائص المُقدمين عليها وعرضنا نتائجها وانعكاساتها وآفاقها كما قدمنا بعض المقترحات والتوصيات لوضع حلول دائمة وفعالة لها”.

وتسعى هذه الدراسة إلى التميّز بمنهجيتها الميدانية وبمعطياتها الحية، التي قام الباحث بجمعها من مجتمع الدراسة بالاعتماد على عيّنة ممثلة والتواصل مع فاعليه الميدانيين في الداخل والخارج.

ويشير الباحث إلى “فراغ في القانون التونسي الذي لا يشير في نصوصه الصريحة إلى الهجرة اللانظامية عبر هذا المسلك الجديد”.

ويتوقّف الدكتور بوطالب عند مفارقة مهمة، فجهة تطاوين غنية بمواردها الطبيعية، لكنها “طاردة لقوة العمل النشيطة”، وفق توصيفه.

ويقول: “يمكننا اعتبار جهة تطاوين من مناطق الدفع المهمة في تونس التي تمكّن أبناؤها منذ أكثر من قرنين من الزمن من نحت شخصية تتميّز بصفات التقشّف والمكابدة في غربتهم خارج إطارهم العائلي والجغرافي المعتاد، ممّا جعل تلك الصفات تتحوّل إلى نوع من الأخلاق”.

واعتبر بوطالب في خاتمة كتابه أنّ هشاشة التنمية في المنطقة هي السبب، ولا بد من أن تتحمّل الدولة دورها ومسؤوليتها في تأمين المستقبل والحضور الفاعل في المجتمع.

وما استعرض في الكتاب ليس مجرد انطباعات ولا تخمينات ولا توقعات غير مسؤولة، كما فعلت بعض التقارير خلال الفترة الماضية، أو “التهويلات” كما فعلت بعض التقارير الصحفية حينما تحدّث أصحابها بلا مسؤولية عن “مدن أشباح”، وفق نورالدين بالطيب.

وبهذا الأسلوب سعى الكاتب إلى تحقيق الإضافة العلمية لمجال دراسي غير مطروق، وهو الهجرة عبر بلاد البلقان بطريقة لا نظامية باعتبارها ظاهرة مستحدثة بالنسبة إلى التونسيين عامة، وشباب الجنوب الشرقي التونسي بشكل خاص.