صابر بن عامر
وسط حضور إعلامي وجماهيري غفير قدّمت قاعة سينما الكوليزي بالعاصمة تونس، مساء الجمعة 6 جانفي/كانون الثاني الجاري، الفيلم السوري “كازي روز” في عرضه العربيّ الجماهيري الأول بحضور بطله ومخرجه وائل رمضان وكاتبة السيناريو للفيلم النجمة السورية سلاف فواخرجي، التي قالت في تصريح خاص لبوابة تونس: “هي تجربة جديدة قديمة أخوضها للمرة الثانية في مسيرتي الفنية، حيث شاركت في كتابة فيلمي الروائي الطويل “رسائل الكرز” إلى جانب الإخراج”.
وتسترسل: “أن أكون لسنوات ممثلة أمام الكاميرا، ومن ثمّة خلفها عبر فيلم “رسائل الكرز”، فمُشاركة في كتابة سيناريو وحوار “كازي روز”، تجربة أعتزّ بها، ممّا يُضيف إلى مساري الفني الذي اخترته، أنا عاشقة للمُغامرة والتعلّم… ولا يُزعجني إن كانت المحاولة ناجحة أو فاشلة، المهم خوضها، والحُكم يبقى في النهاية للجمهور”.
تونس محرار النجاح
تؤكّد فواخرجي أن اختيار طاقم الفيلم الانطلاق من تونس قاعدة لانتشاره الجماهيري على المستويين العربي والإفريقي، لم يكن اعتباطيا، لما يتمتّع به البلد وجمهوره من ذائقة سينمائية ومسرحية ونقدية تمنحه أحقية النجاح من عدمه، فإن تفاعل الجمهور التونسي مع الفيلم وأحبه تحقّقنا من نجاحه في بقية البلدان العربية”.
والأمر ذاته أكّده مخرج الفيلم وبطله وائل رمضان الذي قال في تصريح خاص لبوابة تونس: “تونس هي بمثابة التأشيرة للفيلم، ويهمّنا رأي جمهوره في العمل، لذلك اخترناها منطلقا لانتشاره الجماهيري”.
و”كازي روز” فيلم روائي طويل (ساعة و45 دقيقة) من إخراج وائل رمضان، وكتبت له السيناريو والحوار الفنانة سلاف فواخرجي، بمشاركة كلّ من شادي علي ونعيم حمصي عن قصة رنا العضم وعلاء مهنا، وبطولة كلّ من وائل رمضان، ميرنا شلقون، أندريه سكاف، جمال العلي، يزن خليل، هدى شعراوي، طارق مرعشلي، جيني إسبر، فايز قزق ومجموعة كبيرة من الممثّلين السوريين.
تدور أحداثه في “كازي روز” -اسم أحد مطاعم دمشق- ضمن إطار من التشويق والإثارة، حيث يصوّر أشخاصا من طبقات وفئات متعدّدة يتعرّضون لظرف استثنائي خلال وجودهم في المطعم، فيتسلّل الخوف بينهم ويختلفون، وتارة أخرى يتقاربون لتسقط الأقنعة في اللحظات الأخيرة من حياتهم.
ومن خلال سرد أحداث الفيلم يتعرّف المُشاهد إلى شخصيات متعدّدة من العاملين في المطعم وروّاده من حديثي النعمة وبنات الهوى وذوي النفوذ، لكن حادثا يقع بين عامل النظافة “سميح” (وائل رمضان) وأحد أبناء المسؤولين (سليمان رزق)، يدخلهما في صدام حاد.
يختطف العامل مسدّسا من مُرافق ابن المسؤول ويشهره في وجهه، فيضطر مدير الملهى إلى طلب النجدة من قوات الأمن التي تُحاصر المكان، بعد اكتشاف أنّ أحد الرواد، موظّف رفيع في الأمم المتحدة، ممّا يعقّد الأمور.
نهاية مكرّرة
الفيلم رغم فكرته المأزومة، لم يخل من كوميديا سوداء تستعرض أمال وآلام شرائح متنوّعة من المجتمع السوري الآن وهنا -سوريا ما بعد الحرب- وما تعيشه من أزمات اقتصادية واجتماعية وأخلاقية، بل وخلافية أيضا، أتت تباعا عبر تداع حر أشبه بالعرض المسرحي، تحدّث فيه أبطاله وبطلاته عن هواجسهم ومشاغلهم وأمانيهم المُشتهاة في بلد تحكمه المحسوبية والبيروقراطية والطبقية، زادت الحرب في تأجيج شتاته وفساده.
“كازي روز” وإن بدا دراما سورية خالصة إخراجا وكتابة وتمثيلا، إلّا أنه تعبير عن وضع عربيّ عام، ما انفكّ يتكرّر ويتجدّد، أساسه التفاوت الطبقي بين طالبي المُتعة من الميسورين وذوي النفوذ، والمسحوقين الذين يجتهدون لأجل إسعادهم وإرضائهم، لتضيع إنسانيّتهم هباء، فلا يطالون لا الجزاء ولا الثناء، بل التنكيل والازدراء.
تتصاعد الأحداث بين إيقاع رتيب في غالبية ومُتسارع في أحيان أخرى، ليستوي “الخادم” وسيّده في المطامح والأماني، ألا وهي المساواة في الحقوق والواجبات.
ينتهي الفيلم بإجلاء الخاطفين والمخطوفين على السواء -نهاية مُستنسخة من الفيلم المصري “الإرهاب والكباب”- دون ضحايا ولا أضرار، عدى جرح بسيط أصاب بالخطأ المُحامي “المحافظ” (أندريه سكاف) الذي ولج الملهى رُغما عنه بدعوة من إحدى زبونات المحل لأجل استشارة قانونية عاجلة، ليجد نفسه غصبا عنه في رحى معركة لا تنتهي بين ثنائيات المقدّس والمدنّس، الحق والباطل، الخير والشر…
“القصة لم تنته بعد”، وفق ما جاء على لسان سلاف فواخرجي، في مشهدها اليتيم في فيلم استلهم في بعض مشاهده عددا من المقاطع المرجعية في السينما المصرية والسورية، على غرار “الإرهاب والكباب”، “كابريه”، “الحدود” وسواهم، الأمر الذي مثّل سقطة الفيلم.