تونس

قيس سعيّد يضرب استقلالية البلديات ويستعدّ لنسف مسار اللاّمركزية

ندّدت “الجامعة الوطنية للبلديات التونسية”، ببرقية صادرة عن وزارة الداخلية إلى الولاة (المحافظون) بتاريخ بتاريخ 22 أفريل/ نيسان، وتتعلّق بـ”تنظيم التراسل بين الهياكل المحلية والجهوية والمصالح المركزية”.

والتوصية التي طالبت وزارة الداخلية من الولاة التونسيين تطبيقها فورا وبحذافيرها، تطلب عدم توجيه المراسلات مباشرة إلى المصالح المركزية لوزارة الداخلية، وعدم توجيه البريد إلى الإدارات المركزية لبقية الوزارات والهياكل إلا عن طريق والي الجهة وتحت إشرافه، ما يعني ضربا لاستقلالية البلديات وضربا لصلاحياتها التي حددها القانون، حسب متابعين.

وبالفعل، راسل عدد من الولاة، البلديات من أجل تطبيق برقية وزارة الداخلية، ما دفع بـ”الجامعة الوطنية للبلديات التونسية” إلى اعلان رفضها التام تطبيق الأحكام الواردة في تلك البرقيات و”تمسكها بمسار اللامركزية وباستقلالية البلديات التي تتمتع بالشخصية القانونية والإستقلالية الإدارية حسب ما نص عليه الدستور ومجلة الجماعات المحلية التي تمثل المرجع القانوني المنظّم لعمل البلديات”.

وذكّرت الجامعة بمقتضيات الأمر الرئاسي عدد 197 لسنة 2021 المتعلق بحذف وزارة الشؤون المحلية وإلحاق مشمولاتها بوزارة الداخلية الذي نصّ في فصله 1 على إلحاق الهياكل المركزية والجهوية لوزارة الشؤون المحلية ولم يتم التنصيص على الهياكل المحلية. كما ذكّرت بـن البلديات “ليست هياكل محلية تابعة لوزارة الداخلية”.

ونبّهت “الجامعة الوطنية للبلديات التونسية” التي تعرّف نفسها بكونها “الممثل الشرعي للسلطة المحلية ولكل بلدية تونسية”، وأنّ “هدفها الدفاع عن مصالح البلديات وتعزيز السلطة المحلية مع تسريع تطورها المؤسساتي”، من خطورة تدخل وزارة الداخلية في عمل البلديات وعلاقتها بباقي الوزارات وما سيتسبب فيه هذا الوضع من تعطل للمشاريع والبرامج التي تنجزها البلديات بالتنسيق والشراكة مع باقي الوزارات والهياكل.

كما حضّت الجامعة البلديات على “الطعن لدى الدوائر الجهوية الابتدائية للمحكمة الادارية في البرقيات الصادرة عن الولاة أو من ينوبهم وذلك ضمن دعاوى فردية أو جماعية للمطالبة بإيقاف هذه المقررات الإدارية غير القانونية”.

وتعهدت بـ”الدفاع عن مسار اللامركزية وعن مصالح البلديات”، مؤكدة أنها ستلتجئ إلى المحكمة الإدارية للطعن في البرقية الصادرة عن وزير الداخلية بتاريخ 22 أبريل نيسان الجاري.

وشكّلت الانتخابات البلدية في 6 أيار/مايو 2018، والتي كانت الانتخابات المحلية الأولى في تونس، خطوة مهمة لدفع البلاد قدماً نحو تعزيز انتقالها الديمقراطي، وسط اشادات دولية ومحلية، من خلال انتخاب 7200 مسؤول محلي يُمثلون 350 بلدية.

وكانت الانتخابات البلدية حسب مراقبين مجرد خطوة صغيرة نحو برنامج أكثر طموحا، يتمحور حول اللامركزية بما يضبط السلطات والمسؤوليات بين المستويين الوطني والمحلي، إذ أن اللامركزية لها تأثيرات إيجابية عدة، على غرار تطوير فعالية الحكومة، وتقليص مؤشرات الفساد، والنهوض بالعلاقات بين المواطنين وبين الدولة وتوفير خدمات عامة فعّالة.

ويبدو أن هذا التضييق على عمل البلديات، ومنح صلاحيات أكبر للولاة، يأتي في اطار سعي الرئيس قيس سعيّد لبسط سلطاته على كافة مناحي الحياة العامة في تونس، ومن ذلك مسار اللامركزية الذي بدأ بتعثّر، فيما ينظّر سعيّد لنمط حكم آخر يوصف بـ”القاعدي”.

وكان الرئيس التونسي قد أعلن في 25 يوليو/ تموز من العام الماضي فرض تدابير استثنائية عزّز بها صلاحياته التنفيذية والتشريعية وجمّد عمل البرلمان وأقال الحكومة. ثم أقدم لاحقًا على حل المجلس الأعلى للقضاء، وحل البرلمان وتغيير الهيئة العليا المستقلة للانتخابات.