تونس

“قضية الدهماني”.. هل تكون نقطة أمل لمساجين الرأي؟

نزار الريحاني

معتقلو 25 جويلية

أثار قرار محكمة التعقيب بنقض قرار دائرة الاتهام في قضية تقدّمت بها إدارة السجون ضدّ سنية الدهماني، موجة من التفاؤل في صفوف نواب ومحامين وسياسيين.

وأمس، قضت محكمة التعقيب بنقض قرار دائرة الاتهام في القضية المرفوعة من إدارة السجون ضدّ المحامية سنية الدهماني.

وكانت الدهماني قد أحيلت على أنظار الدائرة الجنائية من أجل تهم تتعلق بتعمّد “استعمال شبكات وأنظمة معلومات واتصال  لترويج أخبار كاذبة ونسبة أمور غير حقيقية بهدف التشهير بالغير والإضرار بالأمن العام وكان المستهدف منه موظفا عموميا ومعالجة معطيات شخصية”.

عودة الروح إلى القضاء؟

يرى مراقبون للمشهد التونسي، أنّ قرار محكمة التعقيب في قضية المحامية سنية الدهماني يمثّل “نقطة أمل في عودة الثقة إلى القضاء التونسي”.

ويعتقد مراقبون أنّ عديد التهم تلاحق القضاء التونسي بعد إجراءات 25 جويلية 2021، حتّى إنّ أغلب الأصوات المعارضة أكّدت أنّه “بات أداة ليّنة في يد السلطة التنفيذية لتصفية الخصوم وتلفيق التهم”.

ويقول النائب السابق خالد الكريشي في تدوينة بفيسبوك “القرار التعقيبي الجزائي عدد 74848  الصادر عن محكمة التعقيب في 3 فيفري 2025 في حق الأستاذة سنية الدهماني جرعة أمل”.

بدوره يقول الناشط السياسي هشام العجبوني في تدوينة بفيسبوك “شكرا جزيلا للمستشارة بمحكمة التعقيب السيدة سامية العابد التي أصدرت القرار التعقيبي في القضية الأخيرة لسنية الدهماني، والتي أُحيلت فيها على معنى المرسوم 54 سيئ الذكر”.

ويتابع العجبوني في تدوينته “للأسف،  في ظلّ ما يعيشه القضاء في عهد العلوّ الشّاهق أصبح إصدار قرار قضائي يحترم القانون إنجازا كبيرا”.

وعلّق النائب بالبرلمان ثابت العابد على قرار محكمة التعقيب في قضية سنية الدهماني كالآتي “القرار الصادر عن محكمة التعقيب بنقض قرار دائرة الاتهام في قضية الأستاذة سنية الدهماني يمثل قرارا مبدئيًا “arrêt de principe” في تكريس العدالة وإعلاء سيادة القانون، بعيدًا عن أي ضغوط أو اعتبارات خارجة عن الإطار القانوني. ونحن نفخر بأن القاضية سامية العابد هي التي أنجزت هذا العمل بكل مسؤولية واقتدار، واضعةً العدل فوق كل الاعتبارات”.

كما دوّنت المحامية دليلة مصدق كالتالي “في خصوص قضية سنية الدهماني أمام محكمة التعقيب.. قرار تاريخي يمثل فقه قضاء بالنسبة إلى كل القضايا المنشورة في محاكم في علاقة بالمرسوم سيئ الذكر 54”.

نقطة أمل لمساجين الرأي؟

أعاد قرار محكمة التعقيب في قضية المحامية سنية الدهماني الأمل إلى نشطاء سياسيين لحسم قضايا المسجونين والموقوفين في قضايا الرأي إضافة إلى الملاحقين في ما بات يُعرف بقضية التآمر.

وحول قرار القاضية سامية العابد في قضية الدهماني يقول الناشط السياسي هشام العجبوني “في كل الأحوال، أمثالها يُعيدون إلينا شيئا من الأمل في غد أفضل ويُثبتون أنّ القاض/ية الحرّ/ة لا سُلطان عليه/ا إلاّ القانون ووجدانه/ا وضميره/ا وذلك مهما بلغ حجم الضغوط المسلّطة عليه”.

ويضيف العجبوني “هنالك من يختار أن يُكتب اسمه بأحرف من ذهب وهنالك من يختار طوعيا أن يكون في مزبلة التاريخ، والسيدة الفاضلة سامية العابد كان اختيارها واضحا ومشرّفا لها وللقضاء التونسي”.

بدورها قالت المحامية وفاء الشاذلي في تدوينة “محكمة التعقيب بثت الروح من جديد في جسد القضاء بنقضها قرار دائرة الاتهام في ملف سنية الدهماني”.

وفي هذا الجانب يعلّق المحامي وعضو هيئة الحقيقة والكرامة سابقا خالد الكريشي في تدوينته “أرجو أن تتبعها خطوات أخرى لإثبات النزاهة والحياد والاستقلالية وإرجاع منسوب الثقة في القضاء التونسي”.

وكثيرا ما انتقدت الجمعيات الحقوقية والأحزاب السياسية الملاحقات القضائية لأصحاب الرأي خاصّة من الإعلاميين والناشطين على معنى المرسوم 54.

ومازال المرسوم 54 يثير جدلا في تونس، رغم الدعوات المتكررة لتنقيحه أو سحبه، وهو ما ذهب إليه عشرات النواب بالبرلمان بتقديمهم مقترحا لإلغاء العمل بالمرسوم أو تعديله مع طلب استعجال النظر فيه من مكتب البرلمان.

وفي هذا الإطار قال النائب محمد علي رئيس لجنة الحقوق والحريات بالبرلمان لبوابة تونس، إنّ مكتب البرلمان يقف حجر عثرة أمام تمرير المبادرة البرلمانية.

وأوضح النائب أنّ المبادرة البرلمانية تمّ تقديمهما منذ فيفري 2024 مع طلب استعجال النظر فيها، غير أنّ مكتب البرلمان لم يحرّك ساكنا رغم المعارضة الشعبية للملاحقات القضائية على معنى المرسوم 54.

امتحان حقيقي للقضاء

يرى مراقبون أنّ القضاء التونسي سيكون أمام امتحان حقيقي قبل شهر من عقد جلسة محاكمة الموقوفين في “قضية التآمر”.

وكانت دائرة الاتهام المختصة بالنظر في قضايا الإرهاب بمحكمة الاستئناف بتونس، قد قررت يوم 2 ماي 2024، إحالة 40 متهما في قضية “التآمر على أمن الدولة” على الدائرة الجنائية المختصّة بالنظر في قضايا الإرهاب بابتدائيّة تونس، ورفض جميع مطالب الإفراج عن تسعة موقوفين منهم.

يشار إلى أنّ مدة إيقاف المتهمين في هذه القضية قد قاربت 23 شهرا، لتتجاوز بذلك الحد الأقصى لمدة الاحتفاظ المحددة بـ14 شهرا، وفق ما أفادت  هيئة الدفاع.

وفي الفترة الأخيرة عبّر محامون عن خشيتهم المسار القضائي في عديد الملفات على غرار “قضية التآمر” أو القضايا التي تلاحق سياسيين على غرار عبير موسي وغيرهم.

ويعتقد محامون أنّ غياب ضمانات المحاكمة العادلة في القضايا السياسية وقضايا الرأي يثير المخاوف.

وفي هذا الإطار أوضح المحامي صابر العبيدي، أنه لا توجد في كل القضايا السياسية وقضايا الرأي ضمانات لتحقيق المحاكمة العادلة في تونس.

وأكّد العبيدي في تصريح “للعربي الجديد أنه “مع المقاطعة الجماعية سواء للمتهمين أو المحامين طالما لم تتوفر شروط المحاكمة العادلة في تونس”.

وتابع أنّ “جل جهود المحامين من الزيارات المتتالية والإنابة والترافع تكاد لا تفضي إلى أي نتيجة”.

وأضاف أن “حضورهم (المحامون) للترافع أصبح يشعرهم بالحرج، كأنهم جزء من مسرحية.”

 كما لفت إلى أن “المسألة تحوّلت إلى مسرحية إذ سواء كان هناك ترافع من قبل المحامين أو لا، فإن النتيجة واحدة”.

وأمس، قررت لجنة الدفاع عن رئيسة الحزب الدستوري عبير موسي مقاطعة ما تبقى من المسار القضائي للمحاكمة.

كما أعلنت الهيئة مقاطعة الدوائر الجنائية، التي تمثل أمامها عبير موسي، باستثناء الطعون وتقديم مستندات التعقيب.

وقال المحامي علي البجاوي في تصريح لبوابة تونس إن “هيئة الدفاع ترفض أن يكون دورها صوريا”.

وأشار إلى أن عبير موسي قررت حضور جلسات المحاكمة والتزام الصمت وعدم الإجابة عن أسئلة القضاة

وقالت هيئة الدفاع إنّها ستراسل كل المحامين التونسيين من أجل عدم الترافع دفاعا عن عبير موسي، وإن كان ذلك بطلب من المحكمة.