ثقافة

في اليوبيل الفضي…أنور الشعافي عرّاب مسرح التجريب بمدنين جنوب تونس

 “دورة الفنان أنور الشعافي” شعار اختاره مركز الفنون الدرامية والركحية بمدنين (جنوب تونس) للدورة 25 من المهرجان الوطني لمسرح التجريب، الذي ينطلق السبت 7 ماي/ أيار الجاري ويستمر حتى الثالث عشر من الشهر.

ويقترح المهرجان على جمهوره جملة من العروض المسرحية وورشة تدريبية ومعرضا للفنان التشكيلي رؤوف ليسير إلى جانب ندوة فكرية بعنوان “مساءلة المصطلح المسرحي وأثره على المنجز الفني”.

ويعرض المهرجان 10 مسرحيات، هي: “قافلة تسير” من إخراج كيلاني زقروبة، و”كابوس آينشتاين” لأنور الشعافي، و”هديقة” لضحى الحجام، و”منطق الخير” لنوفل عزارة، و”عائشة 13″ لسامي النصري، و”18 أكتوبر” لعبد الواحد مبروك، و”آخر مرة” لوفاء الطبوبي، و”في مديح الموت” لعلي اليحياوي، و”مريض” لوليد خضراوي و”ذاكرة” لسليم الصنهاجي.

ولأن المهرجان يحتفي هذا العام بيوبيله الفضي، مشيدا بتجربة المخرج المسرحي التونسي أنور الشعافي، صاحب التجارب المسرحية الرائدة، على غرار: “هوامش على شريط الذاكرة” و”المسودة” و”رقصة السرو” و”بعد حينُ” و”من ليلى إلى جولييت” و”ترى ما رأيت” وغيرها، فقد اختار أن يحمل المهرجان اسمه هذا العام.

 وكتب الشعافي الخميس 5 ماي/ أيار الجاري على صفحته في فيسبوك: “بالغ الامتنان لمركز الفنون الدرامية بمدنين الذي كان لنا شرف تأسيسه سنة 2010، وهو رابع المراكز والوحيد وقتها الذي لم يُبعث على أنقاض فرقة جهوية، وللمهرجان الوطني لمسرح التجريب الذي أسّسناه فنّيا سنة 1992 واحتضنه إداريّا مندوب الثقافة حينها الراحل محمد العيادي العوني”.

وأضاف الشعافي: “التجريب كان هاجسنا منذ البدايات، فقد كان موضوع رسالة تخرّجنا من المعهد العالي للفن المسرحي سنة 1988، وذلك قبل أول دورة للمهرجان التجريبي بالقاهرة بأشهر وقبل مهرجان هانوي للمسرح التجريبي بفيتنام الذي تأسّس في العام 2004، وقد أسّسنا فرقة مسرح التجريب صحبة مجموعة من الأصدقاء سنة 1990 ثم المهرجان سنة 1992، وكنا قد تكوّنا ميدانيا في مسارح عالمية”.

و”لقد سمّينا الفرقة ثم المهرجان مسرح التجريب، وليس المسرح التجريبي، وهما مصطلحان مختلفان لا يفرّق بينها جلّ الأكادميين”، يقول في مدوّنته.

ويختم صاحب مسرحية “كابوس آينشتاين” مدوّنا: “يوم السبت 7 ماي تُفتتح دورة الربع قرن في العدد والثلاثينية في الزمن، فشكرا لإدارة المهرجان على صيغة التكريم وللبرمجة في علاقتها بتخصّص المهرجان وعلى موضوع الندوة التي تتناول موضوعا غير مُستهلَك هو المصطلح المسرحي”.

بين الإخراج والكتابة المسرحية

وتنعقد الندوة الفكرية بالشراكة مع المعهد العالي للفن المسرحي بتونس يومي 8 و9 ماي/ أيار الجاري، وتطرح عدة محاور من بينها كيفية اختيار المصطلح المسرحي وبيان الفرق بين الإخراج والكتابة الركحية وبين الممثل والمؤدّي والشيء والأداة وكذلك الفضاء والمكان.

وجاء في الورقة العلمية للندوة التي تحصّلت بوابة تونس على نسخة منها: “بما أن هذه الندوة تقام في إطار مهرجان “مسرح التجريب” بمدنين شراكة مع المعهد العالي للفن المسرحي بتونس، فإن هذه الندوة تتنزل في الحقل الدلالي لفعل التجريب في مجال الفن الدرامي، باعتبار التجريب يقع في المسافة الفاصلة بين مسرح مشروعه “تنظيم الفوضى” وقرين له يتوق إلى “خلخلة المنتظم”. وهذه المسافة الفاصلة بين المشروعين تختزل تحوّلات فكرية وجمالية تفيض خارج الحقل الدلالي للفن الدرامي، لتلامس الرؤى المعرفية التي اهتمت بعلاقة الإنسان والوجود، ومنها تلك التي اعتبرت الوجود مكتملا، ودلالته ممتلئة ما قبليا، تسيّجها الحقائق والنواميس والحدود”.

ويُضيف البلاغ: “كلما حدث ما يزعزع هذه الوثوقية، كان لا بد من الإسراع لإرجاع الأمور إلى نصابها، وبالتالي تنظيم “الفوضى” وردّ المختلف إلى المؤتلف، فهناك رؤى فكرية أخرى تتموقع على النقيض من كل سكونية، بل تنطرح كمشروع خلخلة للصروح التي انبنى عليها فكر التعالي كحضور ممتلئ ومركزية واثقة من ذاتها”.

وهذا المشروع الفكري والجمالي هو الذي يمكن أن يتنزّل فيه فعل التجريب المسرحي كترسيخ المختلف والمغاير احتفاء بكل ما هو مقصي ومهمش… كل ذلك من أجل مسرح مشروعه خلخلة المنتظم وليس تنظيم الفوضى.

ومن أجل كل ذلك تسعى الندوة إلى مساءلة المصطلح المسرحي وأثره على المنجز الفني، هذا المصطلح الذي يعتبره نيتشه “استعارة متخثرة”، ويرى بول ريكور “الاستعارة ليست إبدال لفظ بلفظ”، وإنما هي “خلق توتّر بين ما عانيت”.

ما هو المصطلح المسرحي؟

ومن هناك تطرح الندوة الأسئلة التالية: “هل المصطلح المسرحي هو اختيار لفظ لتثبيت المفهوم أم هو خلق توتّر بين عالم النظريات وعالم المنجز الفني؟ وما الفرق بين الإخراج والكتابة الركحية، أو الممثل والمؤدّي، أو الشيء والأداة أو الفضاء والمكان؟”.

كل هذه الأسئلة وغيرها، سيطرحها كل من محمد الهادي الفرحاني وسامي النصري ومعز الوهايبي وإيمان عروس ومحمد الكشو ورياض بلحاج صالح وفوزية ضيف الله وهشام بن عيسى وغيرهم في ورقاتهم العلمية المُزمع عرضها على جمهور مدنين بالمشاركة والنقاش.

كما سيتمّ على هامش المهرجان توقيع كتابي “مأساة استعارة” لمحمد الباشا و”رطبا جنيا” للهادي القاسمي، علاوة على تنظيم حفل فني لمجموعة أوتار للموسيقى العربية.