يُمثّل الفيلم الوثائقي الطويل “عقرب مجنونة” للمخرج التونسي الشاب أكرم منصر، تونس في مهرجان أيام فوتشا السينمائية في مدينة فوتشا بإزمير التركية، وذلك من 4 إلى 8 أكتوبر 2023.
و”عقرب مجنونة” الحاصل على جائزة الاتحاد العام التونسي للشغل ضمن مهرجان أيام قرطاج السينمائية 2022، وجائزة أفضل فيلم وثائقي في مهرجان أفلام حقوق الإنسان في العام ذاته، هو سيرة سينمائية لإبداعات نساء مدينة وذرف من ولاية قابس (جنوب تونس)، اللاتي ورثن صناعة المرقوم وتفنّنن فيه، تتبعتهنّ كاميرا أكرم منصر لتُقدّم إلى جمهور السينما وثيقة بصرية عن نضالات النساء وقدرتهنّ على خلق الحياة من العدم.
وانطلاقا من مدينة وذرف الواقعة شمال ولاية قابس، حيث واحة بحرية تصارع البقاء رغم التلوث، ينقل الفيلم الوثائقي الطويل واقع نساء يناضلن من وراء خيوط المنسج يوميا من طلوع الشمس إلى غروبها، ليؤسّسن مملكة ليس للرجل مكان فيها.
الوثائقي يحمل الجمهور في رحلة بين ثنايا “المرقوم الوذرفي”، وألوانه الزاهية أحيانا والقاتمة أحيانا أخرى و”رقماته” المُتشابكة التي تُصارع من أجل البقاء.
ينطلق الفيلم بتصوير امرأتين بصدد دقّ أعمدة حديدية، لتُمرّر بعد ذلك خيوط “الجداد” بينها، مع التغنّي بالرسول محمد بترديد “يا محمد يا علي” و”الصلاة على النبي”، كأنّهما يطلبان النصر من الله وهما يخوضان حربا لتأسيس مملكة، يناشدان الله فيها الستر وصلاح الحال.
ويُحاول المخرج من خلال هذا العمل نقل الحياة اليومية لصانعات المرقوم وصراعهنّ اليومي رغبة في التوفيق بين متطلبات الأعمال المنزلية من جهة ومساعدة أزواجهنّ في تأمين المصاريف العائلية من جهة أخرى، ليبرز دور المرأة في بناء الاقتصاد العائلي وتحقيق استقلاليتها المالية.
ووفق تصريحات المخرج أكرم منصر للصحافة التونسية فقد اختار الوثائقي عنوان “عقرب المجنونة” في استعارة لواحدة من بين 62 رقمة أو نقشة تُميّز المرقوم الوذرفي، التي اخترعتها صانعات المرقوم من واقعهنّ المعيش، ومن المعتقدات لديهنّ، ومن تراث المدينة العربية الإسلامية وحتى الأمازيغية.
ولم يفوّت منصر، وهو ابن المنطقة، فرصة الإشارة إلى ما يتعرّض له النسوة هناك من استغلال سواء من التاجر الذي يتولى مدّهنّ بالمواد الأولية ثم شراء المرقوم بأسعار زهيدة وترويجها وحتى تصديرها إلى الخارج، أو من الرجال في العائلة الذين يعتبرون مساهمة المرأة في المصاريف حقا مكتسبا.