رياضة

فكرة سودانية وُلدت في البرتغال…قصة كأس إفريقيا للأمم

دشّنت القارة الإفريقية الأحد 9 جانفي/كانون الثاني النسخة 33 من أشهر أحداثها الرياضية، بطولة كأس إفريقيا للأمم. المسابقة التي تجمع شعوب القارة تحط رحالها بالكاميرون هذه المرة لتكتب صفحة جديدة في تاريخ الكان تفتخر أجيال الكرة بروايتها في المستقبل كما تفخر بسرد تاريخها.

فكرة عربية 

من منطلق الغيرة على القارة واللعبة المفضلة لدى شعوبها، توجه ستة مسؤولين أفارقة إلى مدينة  لشبونة البرتغالية يوم 8 جوان/يونيو عام 1956 لحضور مؤتمر الاتحاد الدولي لكرة القدم فيفا. المسؤولون الذين سافروا لتمثيل الكرة الإفريقية هم المصريون عبد العزيز سالم (أول رئيس للاتحاد الإفريقي لكرة القدم) ومحمد لطيف ويوسف محمد مع السودانيين عبد الرحيم شداد وبدوي محمد وعبد الحليم محمد وويليام فيل  من جنوب إفريقيا.

حضورهم كان بهدف اقتراح تأسيس اتحاد يدير شؤون كرة قدم في إفريقيا والحصول على تأشيرة من فيفا، لكن طموح السوداني عبد الحليم محمد كان أكبر من تأسيس اتحاد إفريقي، إذ طالب بتنظيم بطولة قارية تتنافس فيها منتخبات إفريقيا فيما بينها على غرار بطولة أمريكا الجنوبية التي كان عمرها 40 عامًا في ذلك الوقت أو بطولة كأس آسيا المنشأة حديثًا.

حظي الوفد الإفريقي بمباركة الاتحاد الدولي للمقترح وتم الإعلان عن تأسيس الاتحاد الإفريقي لكرة القدم في العاصمة البرتغالية وتزكية المصري عبد العزيز سالم رئيسًا له، ثم وقعت الموافقة على طلب إنشاء بطولة كأس أمم إفريقيا وتحديد السودان مكانا لأول دورة.

وكان عبد العزيز سالم أول مصمم لكأس إفريقيا وقد استوحى الشكل من رمز كأس الاتحاد الإنجليزي وقد صنعه من الفضة لينتظر أول بطل لإفريقيا .

كأس إفريقيا ترى النور 

بعد حصوله على الموافقة عاد الوفد الإفريقي متسلحًا بفكرة تنظيم أول دورة من الكان، فكانت الاتحادات المؤسسة للكاف جاهزة لتؤثث النسخة الأولى فتقدمت كل من مصر والسودان وإثيوبيا وجنوب إفريقيا للعب الدورة في ملعب أم درمان بالعاصمة السودانية الخرطوم في شكل دورة مصغرة، إلا أن الوضع السياسي في جنوب إفريقيا حال دون مشاركة منتخبها بسبب إصرار سلطة جنوب إفريقيا العنصرية في ذلك الوقت على إقصاء اللاعبين السود ومشاركة اللاعبين من ذوي البشرة البيضاء في الكان، الأمر الذي رفضه الاتحاد الإفريقي.

رغم إقصاء منتخب جنوب إفريقيا أقيمت الدورة من مباراتين في ستة أيام. في المواجهة الأولى انتصرت مصر على السودان بهدفين لهدف وعبرت إلى النهائي لتلاقي إثيوبيا المتأهلة آليا على حساب المنتخب المنسحب. في النهائي ضربت مصر بقوة وانتصرت برباعية مقابل صفر سجلها المهاجم المصري محمد دياب العطّار الذي يعد أول هداف في تاريخ الكان، ليتوّج الفراعنة ويدشنون مسيرتهم على منصة التتويج القارية.

كيف تطوّر الكان؟

بعد دورة أولى وثانية وثالثة بأربع منتخبات، تطوّرت بطولة كأس أمم إفريقيا عام 1963 لتستدعي 6 منتخبات وتقام بنظام المجموعتين، إذ يتنافس متصدر كل مجموعة في النهائي على اللقب، وآلت الكأس لإثيوبيا.

بين 1968 و1990 لم يتطوّر نظام بطولة الكان وحافظ على حضور 8 منتخبات في كل دورة، قبل أن يزداد العدد إلى 12 منتخبا عام 1990، ويصبح الوصول إلى النهائيات عبر التصفيات، ثم إلى 16 حتى سنة 2019، ويتطوّر منذ دورة مصر 2019 إلى 24 منتخبًا.

بعد إقصاء جنوب إفريقيا سنة 1957 في الدورة الأولى، تكرّر الانسحاب في أكثر من مرة عبر تاريخها، ففي دورة جنوب إفريقيا سنة 1996 غادر المنتخب النيجيري المسابقة بقرار سياسي من الرئيس  ساني أباتشا بعد خلافات مع نيلسون مانديلا رئيس البلد المنظم جنوب إفريقيا.

وفي سنة 2010 انسحب المنتخب الطوغولي من دورة أنغولا بعد أن هاجم مسلحون حافلة الفريق وقتلوا المدرب المساعد وأحد المسوؤلين، فأمر  رئيس البلاد بعودة البعثة إلى العاصمة لومي.