أفاد أمين مال الغرفة الوطنية لأصحاب المخابز، صادق الحبوبي، اليوم الخميس 21 سبتمبر، أنّ الديون المتخلّدة بذمة الدولة لفائدة أصحاب المخابز تُناهز 262 مليون دينار.
ولفت في تصريح لموزاييك، إلى أنّ الإقبال المكثّف الذي كانت تشهده المخابز، انخفض مقارنة بشهر أوت، ملاحظا النقص على مستوى الصفوف أمام المخابز، رغم أنّ الكميات المتوفّرة في سبتمبر نفسها بالنسبة إلى أوت، وهي 25 ألف قنطار في الشهر، أي بمعدلّ 11 مليون خبزة يوميا.
وتعرف تونس، منذ أشهر أزمة خبز غير مسبوقة، في وقت تبادلت فيه الاتّهامات بين عديد الأطراف حول أسباب الأزمة، حيث وجّه رئيس الجمهورية أصابع الاتّهام إلى من وصفهم بالمحتكرين والمضاربين، بينما أكّدت غرفة أصحاب المخابز العصريّة، أنّ عدم تمكينها من الكميات اللازمة من “الفارينة” و”السميد” أخلّ بالتوازن في توفير حاجة المواطن من الخبز يوميا.
وفي الشهر الماضي، أذنت النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بتونس، لأعوان الفرقة المركزية للجرائم الماليّة المُتشعّبة للحرس الوطني بالعوينة، بالاحتفاظ برئيس الغرفة الوطنية لأصحاب المخابز محمد بوعنان.
وجاء الاحتفاظ برئيس الغرفة الوطنية للمخابز على خلفيّة شبهات تتعلّق بالاحتكار والمُضاربة بمواد غذائيّة مدعمة.
ويرى خبراء اقتصاديون، أنّ أزمة الخبز، مردّها غياب استراتيجية واضحة ودقيقة من الدولة في التعاطي مع أزمة القمح العالمية، إضافة إلى عجزها عن توفير السيولة اللازمة لاستيراد المواد الأساسيّة، ناهيك عن تأثّر الإنتاج المحلّي بالجفاف.
وأوت الماضي، أكّد رئيس الحكومة أحمد الحشّاني، ضرورة تجاوز أزمة الخبز وإيجاد الحلول اللازمة.
وحثّ الحشاني خلال لقائه وزيرة التجارة كلثوم بالرجب، على أهمية التعجيل باتخاذ الإجراءات اللازمة لتأمين التزوّد الطبيعي بمادة الخبز من خلال التنسيق مع مختلف الأطراف المتدخّلة.
وقال الحشّاني إنّه يجب “إيلاء موضوع الخبز ما يستحقّه من عناية على مستوى الوزارة ومزيد إحكام التنسيق بين الفاعلين في هذا المجال للنظر في المقترحات والتصورات العملية.”
ومثّلت أزمة الخبز محور نقاش على أعلى مستوى في تونس خلال الأيام القليلة الماضية، حيث سبق أن أكّد رئيس الجمهورية قيس سعيّد ضرورة وضع حدّ لهذه الأزمة، لاسيما من خلال إنهاء عملية تصنيف المخابز وتوحيد إنتاج الخبز وبيعه.
كما منعت وزارة التجارة المخابز العصرية من التزوّد بالمواد الأولية وحرمتها من صنع خبز “الباقيت”، ما انجر عنه احتجاجها، قبل أن تتراجع عن قرارها وتستأنف عملية التزويد وفق ضوابط وشروط.
وحمّل الأستاذ الجامعي في الاقتصاد، رضا الشكندالي، مسؤوليّة أزمة ندرة المواد الغذائيّة وظهور الاحتكار للأزمة المالية، بالقول: “الوضعيات الاحتكارية والمضاربة تُخلق من وضعيات ندرة”، مضيفا في تصريح لوكالة الأناضول: “تكون السلع غير متوفرة لأنّ الدولة التونسيّة ليس لها الموارد من العملة الصعبة اللازمة لتوفير الكميّات اللازمة للسوق الداخلية”.
وأثنى الشكندالي على شعار “خبز واحد لكل التونسيين” الذي رفعه الرئيس قيس سعيّد لمواجهة أزمة الخبز والتصدي للمحتكرين والمضاربين، لكنه في المقابل أشار إلى الصعوبات الماليّة على مستوى توفير القمح بالكمّيات اللازمة من أجل تفعيل هذا الشعار.
وقال الشكندالي: “رفع الدعم يعطي رغيفا بـ250 مليما، لكن هذا بالنسبة إلى هذه السنة، وإذا ارتفعت الأسعار العالمية للحبوب لا يبقى السعر نفسه”، مضيفا: “إذا رفعت الدولة السعر، فأنت ذهبت في تحرير الأسعار، لكن غدا لا يمكنك التحكّم في سعر الخبز لدى المخابز، هذه الطريقة ستؤدي إلى زيادة التضخم المالي، الذي قد يؤدي إلى الاحتقان”.