ثقافة

عمر الخيام صاحب الرباعيات التي شنّفت الأذان بصوت أم كلثوم

ولد في مثل هذا اليوم 15 ماي/ أيار من العام 1048 غِيَاث الدين أبو الفتوح عمر بن إبراهِيم الخيام النيسابوري الشهير باسم عمر الخيام، عالم الفلك والرياضيات والفيلسوف والشاعر الفارسي المسلم، ويذهب البعض إلى أنه من أصول عربية.

ووُلد الخيام في مدينة نيسابور بخراسان إيران وتوفّي فيها في العام 1124 عن عمر ناهز الـ83 عاما، تخصّص في الرياضيات والفلك واللغة والفقه والتاريخ. وهو أول من اخترع طريقة حساب مساحة المثلثات ومعادلات جبرية من الدرجة الثالثة بواسطة قطع المخروط.

قصة نجاح ملهمة

كان يدرس مع صديقين حميمين، وتعاهد ثلاثتهم على أن يساعد من يواتيه الحظ الآخرين، وهذا ما كان. فلما أصبح صديقه نظام الملك وزيرا للسلطان ألب أرسلان ثم لابنه السلطان ملكشاه، خُصّصت له مائتان وألف مثقال يتقاضاها من بيت المال كل عام من خزينة نيسابور، فضمن له العيش في رفاهية ممّا ساعده على التفرّغ للبحث والدراسة.

وقد عاش معظم حياته في نيسابور وسمرقند، وكان يتنقّل بين مراكز العلم الكبرى مثل بخارى وبلخ وأصفهان رغبة منه في التزوّد بالعلم وتبادل الأفكار مع العلماء.

وهكذا صار للخيام الوقت الكافي للتفكير بأمور الحياة وأسرارها، بعد أن توفّرت له أسباب المعيشة، وكان صديقه الثالث هو الشاعر حسن الصباح مؤسّس طائفة الحشاشين، وهي طائفة إسماعيلية نزارية.

أم كلثوم والخيام

عمر الخيام إلى جانب كل ما سبق هو الشاعر الجهبذ الذي ألهمت كلماته أجيالا وهو صاحب الرباعيات الشهيرة.
رباعيات لاقت رواجا كبيرا في العالم العربي وخاصة بعد أن ترجمها أحمد رامي وغنتها أم كلثوم، ممّا أمّن انتشارها لدى شريحة أكبر من القُرّاء والسامعين في العالم العربي.
ويقول التاريخ إن حب الملحن رياض السنباطي للغناء دفعه خلال البروفات، إلى أن يسجّل عددا من الأغاني كبروفة مبدئية بصوته، وسرى هذا على أغلب أغنيات أم كلثوم، ليسجّل بعدها الرباعيات بصوته كونه ملحنها لأم كلثوم. وتقول الرباعيات في مطلعها:
“سمعت صوتا هاتفا في السحر
نادى من الغيب غفاة البشر
هبوا املؤوا كأس المنى قبل أن
تملأ كأس العمر كف القدر

***
لا تشغل البال بماضي الزمان
ولا بآت العيش قبل الأوان
واغنم من الحاضر لذاته
فليس في طبع الليالي الأمان…”.

والرباعيات نوع من الشعر مشهور في الشعر الفارسي وقد عرف به عمر الخيّام، ويُقال إنها كُتبت في أوائل القرن الثاني عشر ميلادي/ 568 هجري، ويأتي العنوان من صيغة الجمع للكلمة العربية رباعية، والتي تشير إلى قالب من قوالب الشعر الفارسي. والرباعية مقطوعة شعرية من أربعة أبيات تدور حول موضوع معيّن، وتكوّن فكرة تامة. وفيها إما أن تتّفق قافية القسمين الأول والثاني مع الرابع، أو تتّفق جميع الأقسام الأربعة في القافية.

ترجمات متعدّدة

تعدّ أشهر ترجمة للرباعيات إلى اللغات الأجنبية تلك الترجمة الإنجليزية التي قام بها الكاتب البريطاني إدوارد فيتسجيرالد، وقد نُشرت ترجمة فيتسجيرالد في أربع طبعات أعوام 1859 و1868 و1872 و1879. والطبعتان الأخيرتان تشكل كل منهما قصيدة من 101 رباعية.

وتصف القصيدة يوما بطوله من الفجر حتى المساء، مليئا بالمتعة والبهجة، وبكثير من الحالات النفسية. وتشكو بعض المقطوعات من قصر العمر ومن ظُلم الدنيا. بينما تتغنّى مقطوعات أخرى بالزهور أو العشق، أو الربيع، أو الخمر.

ونصف المقطوعات في عمل فيتسجيرالد تقريبا ترجمات أو إعادة صياغة لرباعيات عمر الخيام. وهناك من يُضيف إلى الرباعيات بضع مقطوعات لشعراء فرس آخرين. هذا بالإضافة إلى أن فيتسجيرالد قام بتأليف بضع مقطوعات في الطبعات الأولى من ترجمته.

أما بالنسبة إلى الترجمات العربية لرباعيات الخيام فهناك العديد ممّن قاموا بترجمتها من أمثال وديع البستاني الذي يعدّ من الرواد الذين ترجموا الرباعية، وقد اعتمد البستاني على الترجمة الإنجليزية لفيتزجرالد، ومحمد السباعي التي صدرت  عام 1922 مستعينا بترجمة أحمد زكي أبو شادي وإبراهيم المازني وعلي محمود طه وعباس العقاد وغنيمي هلال وأحمد رامي وغيرهم إلى اللغة العربية.

وهؤلاء منهم من ترجم بعض الرباعيات ومنهم من عرّب عددا كبيرا منها يصل زهاء ثلاثمائة وخمسين رباعية، ولكن صاحب الرقم القياسي هو العراقي عبد الحق ف٠اضل الذي ترجم ثلاثمائة وإحدى وثمانين رباعية.