يشق الحوار الوطني الذي دعا إليه قيس سعيد طريقه نحو الفشل بحسب مراقبين بعد تتالي مواقف الرفض والعزوف عن المشاركة فيه.
البداية كانت بتحدي المنظمة الشغيلة قيس سعيد وإعلانها بلهجة حادة رفضها المشاركة في الحوار الوطني واعتبرته أحادي الجانب.
وبعد أن وافقت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان على المشاركة في هذا الحوار، واجهت رفضاً مباشراً من هيئة قدماء الرابطة نفسها مساء الثلاثاء منددة بالزج بها في مشاريع الرئيس السياسية داعية إياها إلى التراجع عن موقفها.
مجموعة من المحامين دعت أيضا أمس الثلاثاء 24 ماي/ مايو 2022، عميد الهيئة الوطنية للمحامين إبراهيم بودربالة إلى “الكف عن توريط المحاماة في مشروع رئيس الجمهورية، الذي اعتبرته “تسلطيا”، عقب موافقة بودربالة على المشاركة في لجان الحوار الوطني.
لكن اعتذار عمداء وعميدات كليات الحقوق والعلوم القانونية والسياسية في تونس عن مباشرة مهامهم عقب تكليفهم من قبل الرئيس بعضوية اللجنة الاستشارية القانونية ولجنة الحوار، في بيان نشر أمس الثلاثاء، كان النقطة المفصلية.
وكان قيس سعيد قد دعا عمداء وعميدات كليات الحقوق إلى المشاركة في اللجنة الاستشارية القانونية المكلفة بإعداد دستور جديد سيعرض على الاستفتاء. زملاء الرئيس قيس سعيد السابقين ( كان بودره أستاذا للقانون الدستوري في الجامعة) لم يستجيبوا إلى طلبه بل نددوا به رافضين الزج بهم في أتون السياسة.
قيس سعيد قبل أن يتولى مهام رئاسة الدولة التونسية في أكتوبر/ تشرين الأول 2019، كان أستاذا جامعيا في القانون الدستوري لأكثر من 30 عاما، ورئيسا للجمعية التونسية للقانون الدستوري منذ 1995 حتى 2019.
منى كريم أستاذة القانون الدستوري وهي طالبة سابقة لقيس سعيد، وعياض بن عاشور زميله السابق وأساتذة آخرون، أعرضوا عن المشاركة في الهيئة الاستشارية التي دعا إليها الرئيس لبلورة مفهوم الجمهورية الجديدة، ونددوا بـ “الزج بهم في السياسة”.
رفض ذو وقع خطير
أستاذ القانون الدستوري الصغير الزكراوي وهو زميل سابق وصديق الرئيس قيس سعيد، ومن بين المعارضين لمساره الانفرادي في تأسيس “الجمهورية الجديدة”، قال لموقع بوابة تونس إن رفض عمداء وعميدات كليات الحقوق في تونس المشاركة في الهيئة الاستشارية، له وقع خطير جدا وأخطر من رفض المنظمات الوطنية لأنهم النخبة التي يفترض أن تتولى صياغة الدستور. فمن يصوغ دستور البلاد إذا؟
وأكد الزكراوي الأربعاء 25 ماي/ مايو 2022، أن رفض عمداء وعميدات كليات الحقوق المشاركة في كتابة الدستور والزج بهم في مشروع قيس سعيد، جاء بناء على عدم استشارتهم أو دعوتهم مسبقا، بل قام بإقحامهم في مشروعه. ففي الموافقة على المشاركة في اللجنة الاستشارية، تأييد لمسار الرئيس، وهو مسار أحادي انفرادي، وفق تعبيره.
وتابع محدثنا أن المؤسسات الجامعية مبنية على الحياد ولا يمكنها الانصياع أو الانحياز إلى المواقف السياسية. وبالتالي فإن قيس سعيد حشر الجامعة التونسية في مساره السياسي من جهة ودون موافقتها من جهة أخرى وأراد توريطها في مساره الشخصي، دون الرجوع إليها أو إقناعها بصفة مسبقة.
وأضاف أن العمداء “انفضوا من حوله” بسبب تعاليه، مشيرا إلى أن رئيس الجمهورية هو رئيس كل التونسيين، لكن قيس سعيد مضى في تنفيذ مشروعه الخاص وعمق الأزمة الحالية في تونس.
وكانت جبهة الخلاص الوطني، قد عبرت الأربعاء 25 ماي/ مايو 2022، عن مساندتها و”تقديرها العميق لموقف عمداء كليات الحقوق، المتمسك باستقلالية الجامعة وحياد المؤسسات الأكاديمية ورفضهم الزج بها في الصراعات السياسية”.