لم تكن صفوة منتخبات العالم الآن رائدة في وقت سابق من تاريخ كرة القدم، باستثناء بعض الأسماء مثل إيطاليا والبرازيل والأرجنتين… بل كانت منتخبات أخرى تسيطر على اللعبة، تشارك باستمرار وتنافس بقوة في المونديال، لكنها اختفت اليوم لأسباب أغلبها سياسية.
تشيكوسلوفاكيا… مرعب أوروبا
قد لا يعرف الجيل الحالي من المشجّعين أن منتخبا عملاقا اسمه “تشيكوسلوفاكيا”، كان ينافس بقوة عالميا وأوروبيا. فمنتخب الدولة الأوروبية، الذي تأسس سنة 1918، حلّ ثانيا في مونديال 1934 بإيطاليا، بعد إطاحته بألمانيا في نصف النهائي. كما أنهى منافسته في المرتبة نفسها في مونديال 1962 بالشيلي أمام نجوم البرازيل، إضافة إلى بلوغ ربع نهائي دورة إيطاليا عام 1990.
أوروبيا أيضا، كان منتخب تشيكوسلوفاكيا منافسًا شرسا ببلوغه نهائي النسخة الأولى من الدوري الأوروبي عام 1960، وتتويجه بلقب دورة عام 1976 أمام ألمانيا الغربية حاملة اللقب، وحلّ في المركز الثالث في الدورة الموالية سنة 1980.
كما كان لتشيكوسلوفاكيا سجل أولمبي مميز، بحصدها ذهبية دورة 1960 وفضية أولمبياد 1964.
المنتخب الغائب عن كأس العالم، كتب تاريخه لاعبون كبار، أحدهم هدّاف في كأس العالم وهو أولدريتش نيدلي بسبعة أهداف، وأنتونين بوتش، الذي سجل 34 هدفًا مع منتخب بلاده.
واختفى منتخب تشيكوسلوفاكيا من خارطة كرة القدم سنة 1993، إثر انقسام البلد إلى دولتين هما تشيكيا وسلوفاكيا، الأمر الذي أضعفهما كرويا وأصبح أقصى طموح منتخبيهما المشاركة في كأس أمم أوروبا والمونديال.
الاتحاد السوفييتي
في عام 1960 انطلقت بطولة أوروبا للأمم للمرة الأولى، لكن أبطال تلك الدورة اختفوا، فقد جمع النهائي منتخبي الاتحاد السوفييتي ويوغسلافيا، فيما حلّت تشيكوسلوفاكيا في المركز الثالث.
كان منتخب السوفييت في ذلك الوقت، منافسا عنيدا يضم أساطير في كرة القدم، أبرزها: الحارس ليف ياشين المُتوّج بجائزة أفضل لاعب في الدورة وبالكرة الذهبية لأفضل لاعب في العالم لاحقا، وهو إنجاز لم يحققه أي حارس مرمى بعده.
في المونديال، حقق المنتخب السوفييتي، الملقب بمنتخب “الجيش الأحمر” سجلا أوروبيا مميزا، فبعد بطولة الدورة الافتتاحية، كان وصيفا في ثلاث مناسبات لاحقة وأنهى نسخة 1968 في المرتبة الرابعة.
كما شارك منتخب “الجيش الأحمر” في خمس دورات لكأس عالم، وحقق المركز الرابع في دورة 1966 بإنجلترا، وهي أفضل نتائجه. كما توّج بذهبيتين في أولمبياد سنتي 1956 و1988.
ومع نهاية الحرب الباردة مطلع التسعينات، اختفى منتخب الاتحاد السوفييتي وانقسم المجمّع الشيوعي إلى دويلات في أوروبا الشرقية، وأصبح لاعبوه يمثلون المنتخب الروسي.
يوغسلافيا
في القرن العشرين كان هناك منتخب قوي، اختفى منذ أكثر من ثلاثين عامًا، أرعب أقوى المنتخبات.
المنتخب اليوغسلافي كان قويا حلّ في المركز الثالث في كأس العالم 1930 والرابع في 1962. كما كانت مشاركاته في بطولة أمم أوروبا مميّزة، خاصة سنتي 1960 و1968، حين أنهى المسابقة في المركزين الثاني والثالث.
ويوغسلافيا هي جمهورية اشتراكية تكوّنت سنة 1945، وتضم دول صربيا، كرواتيا، سلوفينيا، البوسنة والهرسك، الجبل الأسود ومقدونيا وإقليم كوسوفو، وحُلّت سنة 1992 بعد نهاية الحرب الباردة.
ورغم انهيار الدولة سياسيا، إلا أن الاتحاد اليوغسلافي لكرة القدم ظلّ قائما إلى حدود سنة 2006، وانهار بعد قرار انفصال دولتي صربيا والجبل الأسود.
وتسبب انهيار الجمهورية اليوغسلافية في إضعاف المنتخبات المنبثقة عنها، باستثناء منتخب كرواتيا، الذي ما يزال منافسا قويا في كرة القدم العالمية.
المجر… منتخب الأسطورة بوشكاش
ما يزال منتخب المجر قائما إلى اليوم بالاسم نفسه، لكنه لم يعد بتلك القوة التي عُرفت عنه في السابق. المنتخب المجري العملاق وُصف بأنه أفضل منتخب كرة قدم في التاريخ.
التسمية أُطلقت عليه إثر مونديال سويسرا 1954 عندما قدّم بطولة عالمية استثنائية استهلها بانتصار كبير على ألمانيا الغربية بثمانية أهداف، وأطاح في طريقه بالبرازيل والأوروغواي (طرفا نهائي 1950)، قبل أن يلتقي بالألمان من جديد في النهائي.
في ذلك النهائي، لم تُنصف كرة القدم زملاء الأسطورة بوشكاش، فقد انهزموا بثلاثة أهداف لهدفين، بعد التقدّم بهدفين في أول 8 دقائق، في مباراة وصفها الألمان بـ”معجزة بيرن”، نظرا إلى صعوبة التتويج على حساب المجر القوية.
وقبل تلك الخسارة، لعبت المجر نهائي مونديال 1938 وانهزمت أمام إيطاليا.
وتعد هزيمة سنة 1954 إعلانا عن انهيار منتخب قوي، اقتصرت مشاركاته التالية في كأس العالم، على تحقيق أكبر انتصار في تاريخ البطولة بنتيجة 10 مقابل 1 أمام السلفادور سنة 1982.
أما أوروبيا، فحظّ المجريين لم يكن أوفر من سجلهم المونديالي، حيث اكتفوا بالمركز الرابع في بطولة أمم أوروبا في العام 1972.
كما تُظهر نتائج المجر في الألعاب الأولمبية قوة منتخبها، الذي حاز الميدالية الذهبية في دورات 1952 و1964 و1968.
وقد يكون الرابط المشترك بين هذه المنتخبات الأوروبية الشرقية، أنها فشلت في التتويج بكأس العالم رغم قوتها وما تضمه من نجوم عالمية، فبقي وجودها في خارطة كرة القدم العالمية يقتصر على إنجازاتها في الماضي.