تونس سياسة

علاقة قيس سعيد بهيئة الدفاع عن الشهيدين بلعيد والبراهمي – تحقيق بوابة تونس

رئيس الجمهورية قيس سعيد “أصبح يولي ملف الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي اهتماما واضحا، وخاصة فيما يتعلق بملف ما يعرف إعلاميا ب”الجهاز السري لحركة النهضة » » هكذا يرى مراقبون علاقة سعيد بالهيئة التي ولدت من رحم جريمتي اغتيال سياسي. الشهيدان قُتلا في فبراير ويوليو من العام 2013، وخلفا صدمة في الشارع التونسي لا تزال تبعاتها قائمة. لكن المتابع لقضية الشهيدين يرى في ما آلت إليه هيئة الدفاع عنهما تسييسا ممنهجا وواضحا يأخذ التحقيق القضائي إلى أتون الصراع السياسي وتصفية الحسابات يحذر مراقبون. فتصريحات الرئيس في هذا الملف تتلوها فورا تحركات لهيئة الدفاع عن الشهيدين.

انسجام

لعلّ من أبرز مظاهر الانسجام بين تحرّكات سعيد وهيئة الدفاع، قراره السماح بإحياء ذكرى وفاة بلعيد في 6 فيفري/فبراير 2022 رغم قرار وزير الداخلية حظر التظاهر بالعاصمة في تلك الفترة. وصرّح سعيد من مقر الوزارة وفي جنح الليل بأنه “من حقهم رفع الشعارات التي يريدون سواء تعلق الأمر بالاغتيالات أو بالتلاعب بهذه الملفات وعدم البت فيها من قبل القضاء”.

وجاء رجع الصدى بعد أيام من هيئة الدفاع عن الشهيدين، حين سارعت إلى عقد مؤتمر صحفي وجهت فيه الاتهامات إلى حركة النهضة ورئيسها راشد الغنوشي، ثم توجهت إلي مقر إقامته واتهمته مباشرة بالضلوع في الاغتيالات.

اليوم، وبعد تصريح قيس سعيد خلال لقائه أمس الإثنين بوزيرة العدل ليلى جفال ووزير الداخلية توفيق شرف الدين بأن “لا أحد بإمكانه أن يتعلل بماله أو بوظيفته أو بقرابته للإفلات من الجزاء”، في إشارة لقرار حظر السفر على رئيس النهضة راشد الغنوشي في قضية ما يعرف إعلاميا “بالجهاز السري للحركة”، أعلنت هيئة الدفاع من جديد عن اعتزامها عقد مؤتمر صحافي غدا الأربعاء 1 جوان/يونيو تحت عنوان: “مستجدات ملف الجهاز السري لحركة النهضة”.

فما الذي يجعل الهيئة تتحرك مباشرة بعد كل تعليق من الرئيس؟ وأي استقلالية ينشدها القضاء وهي في تماهٍ واضح مع قرارا الرئيس أو حتى تصريحاته التي يعتبرها محللون «  نابعة من ردات فعل عاطفية ». لفهم تزامن تصريحات رئيس الجمهورية قيس سعيد وتحركات هيئة الدفاع عن الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي، حاولت بوابة تونس التواصل مع جميع المعنيين بالملف.

التقاء موضوعي

يرجح القيادي بحركة النهضة علي العريض في حوار مع بوابة تونس، أن يكون هناك تنسيق بين سعيد والهيئة بالإضافة إلى توافق موضوعي بين الجانبين في “محاولة لإلهاء التونسيين عن قضاياهم الحقيقية » وفق قوله.

وقال العريض لموقعنا الثلاثاء 31 ماي/مايو: “ما يقوم به قيس سعيد من استهداف لحركة النهضة وما تقوم به هيئة الخداع -هذا وصفه لهيئة الدفاع عن الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي- هو تحويل وجهة اهتمام التونسيين من القضية الأصلية وهي العودة إلى المسار الديمقراطي والإشكالات الاقتصادية. ولذلك قلنا إن ذلك ينخرط في إطار توظيف القضاء من قبل المنقلب ومن معه ».

و تحدث العريض عن الضغوط الممارسة على القضاء وأكد أنه لا يستبعد اعتقال قيادات في النهضة. وقال: “رئيس الجمهورية ووزيرة العدل يضغطان على القضاء سواء من خلال توجيه تعليمات أو انتقادات. ونحن لا نستبعد أن يقدم على إيقاف قيادات من النهضة من خلال إنهاك الحركة في البداية ثم إنهاك جبهة الخلاص الوطني ولكننا ستتصدى لهذا وسنُشهِد الشعب على ذلك”.

وفي السياق نفسه، اعتبرت محامية حركة النهضة زينب براهمي في تصريح لبوابة تونس أن قرار حظر السفر بحق رئيس الحركة راشد الغنوشي، “سياسي بامتياز يهدف إلى التغطية على الأزمة الاقتصادية والاجتماعية والمالية التي تمر بها البلاد ». واعتبرت أن هيئة الدفاع عن الشهيدين ليس لديها ما تقدمه “سوى الكذب والافتراء » وفق قولها.

دم الشهيدين والخصومة السياسية

بدوره، اتّهم القيادي في جبهة الخلاص الوطني أحمد نجيب الشابي في تصريح لبوابة تونس الثلاثاء 31 ماي/مايو، رئيس الجمهورية قيس سعيد “بالاستثمار في دم الشهيدين من أجل تصفية خصومة سياسية”.

وقال الشابي لموقعنا إن قيس سعيد يستعدّ لإيقاف قيادات من حركة النهضة “من خلال تلفيق تهم والاستثمار في قضية الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي وهو يتأهب للدخول في مغامرة جديدة وهي توظيف القضاء والزج به في مغامرة إيقاف قيادات حزبية من الصف الأول من خلال افتعال قضايا مقدسة لدى الشعب التونسي وهي قضايا الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي”.

ولم يتسن لنا الحصول على أعضاء هيئة الدفاع عن الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي للتعليق، نظرا لإحجامهم عن التصريحات الإعلامية قبل المؤتمر الصحفي المقرر عقده غدا الأربعاء.