تونس ثقافة

عرفة الشابي: الثائر على الإسبان ومؤسّس الإمارة الشابية 

متصوف وقائد عسكري حارب الإسبان والعثمانيين وانتصر عليهم.. “سيدي عرفة” صاحب القيروان  
وصفه صاحب كتاب “الفتح المنير”، بأنه “سيّد القوم وإمامهم وأعرفهم بالله وأدلهم عليه”، فيما كتب عنه الحاكم العسكري الإسباني لتونس قائلا: “يعتبر سيدي عرفة في نظر الشعب شخصية مقدسة، تتمتع بتأثير أكثر من تأثير الملك أو أي شخص آخر”، وقال عنه الحسن الحفصي، إنه “العارف بالله الولي عرفة”.
هكذا حدث عنه الخصوم قبل المريدين والتابعين والمناصرين، ممن أجمعوا على خصاله أميرا وفقيها وإماما وقائدا عسكريا ومؤسسا للإمارة الشابية في إفريقية.
هو عرفة بن العارف بالله أحمد بن مخلوف الشابي الهذلي، ترجع أصوله إلى ذرية الصحابي عبد الله بن مسعود الهذلي، وولد بالقيروان سنة 1473 ميلادية.

الفوضى والغزو الخارجي

عاش الأمير عرفة الشابي أو “سيدي عرفة” كما عرف بين العامة، في فترة استحكم فيها وهن الدولة الحفصية، و تقلّص نفوذ السلطان الحسن الحفصي فلم يعد يسيطر إلا على مناطق الشمال الغربي وبعض المدن.
وانتشرت في بلاد إفريقي الفوضى، وكثرة السلب والنهب والغوغاء بين الأعراب والحضر، كما يذكر المؤرخون، فيما باتت البلاد مطمعا للإسبان الساعين للتوسع في حوض المتوسط.
سيطر العثمانيون على تونس سنة 1534، قبل أن يهاجمها الإسبان في السنة التي تلتها، بتحريض من الحسن الحفصي، فأجلوا العثمانيين، واستباحوا أهلها مدة ثلاثة أيام من القتل والنهب.
اعلان الاستقلال
في غمرة هذه الأحداث، ظهر الأمير والعارف بالله المتصوف عرفة الشابي، فأعلن الاستقلال عن حكم الحفصيين في القيروان والوسط والجنوب الغربي والشمال الغربي، وامتد نفوذه حتى مشارف مدينة تونس.
خطب الأمير عرفة بالقيروان، وأمر الناس بالإطاحة بالدولة الحفصية والحفاظ على استقلال البلاد وردّ المغيرين عليها، وحكم على الحسن الحفصي بالردة لأنه تحالف مع الإسبان.

الإمارة الشابية

أعلن عرفة الجهاد واستقلاله بالقيروان، لتكون منطلقا لتحرير بقية مناطق البلاد، فتنادت إليه عديد الجهات وآلاف المريدين والأتباع، وتذكر بعض الروايات، أنه عندما أخذ الناس يبايعونه صافحه أكثر من 124 ألف شخص.
كوّن عرفة جيشا كبيرا، وانطلق في مواجهة العثمانيين والإسبان وعمليهم الحسن الحفصي، وحقّق انتصارات مشهودة في عدة معارك أشهرها، معركة باطن القرن ومعركة المنستير، بفضل تكتيكاته العسكرية وشجاعته وفروسيته، فضلا عن إيمانه وتدينه.
وطّدت الانتصارات العسكرية أركان الإمارة الشابية، والتي حكمها الأمير عرفة إلى غاية وفاته سنة 1542، وشيّد له مقام من قبل أبنائه الأمراء وخليفته محمد بن أبي الطيب.
ارتكزت تجربة عرفة الشابي على ضرورة التصدي للغزاة، واستقلال البلاد عن أيّ نفوذ أجنبي، وهو ما ترجمه الباحث محمود أبو علي في كتابه الثورة المستعمرة في البلاد بالقول: “عرفه قائد سياسي وفي لهدف محدد، هو تحقيق استقلال إفريقية العربية المسلمة بعيدا عن كل تدخل أجنبي، سواء كان عثمانيًا أو إسبانيا، يقودها هو بنفسه حسب المبادئ التي يرتضيها وهي المبادئ الإسلامية الخالصة”.