مطالبات “إسرائلية” بإنهاء الحرب على غزة ووقف إطلاق النار
وقّع آلاف الجنود “الإسرائيليين” والاحتياطيين وكبار المسؤولين العسكريين السابقين على رسائل مفتوحة تطالب رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو بإبرام صفقة مع حماس لإنهاء الحرب وضمان تحرير الأسرى المتبقين في غزة.
وتُوجّه إلى نتنياهو المطلوب للعدالة انتقادات عدّة من الداخل الإسرائيلي بسبب قراره استئناف الحرب على غزة والتنصل من اتفاق وقف إطلاق النار الممضى في 19 جانفي الفارط.
وأمضى أكثر من 250 عاملا سابقا بجهاز المخابرات الخارجية الإسرائيلي (الموساد) قبل أيام عريضة تدعو إلى إعادة الأسرى الـ59 المتبقين بغزّة (عشرون منهم على قيد الحياة) من غزة ولو بوقف حرب الإبادة على القطاع.
ويضاف العاملون بالموساد إلى 6 عرائض وقَّع عليها منذ الخميس الماضي، عسكريون احتياطيون وعاملون ومتقاعدون من أسلحة مختلفة بجيش الاحتلال في ما بات يُعرف إعلاميا بـ”عرائض العصيان”.
إمضاءات في تزايد
والخميس وقّع ما يقرب من ألف جندي احتياطي حالي وسابق في القوات الجوية، بما في ذلك رئيس أركان قوات الدفاع الإسرائيلية السابق دان حالوتس على عريضة مماثلة.
وأصدر جنود احتياط حاليون وسابقون في وحدات “كوماندوز” العمليات الخاصة، بالإضافة إلى عملاء سيبرانيين هجوميين، رسائل هذا الأسبوع، بالإضافة إلى رسالة مماثلة من وحدات مشاة مختلفة.
 واستمر عدد الموقّعين على الرسائل في الازدياد، متجاوزا الألف في بعض الحالات.
ويتوزع الموقّعون بين عسكريين من سلاحي المدرعات والبحرية، وعشرات الأطباء العسكريين الاحتياطيين، ومئات العسكريين بالوحدة 8200 الاستخبارية ووحدات من القوات الخاصة والنخبة مثل: الكتيبة 13 في لواء المظليين، ووحدات “شلداج”، و”سيرت متكال”، و”موران”.
ويقول جنود الاحتياط في العمليات الخاصة في رسالة نشرت يوم الاثنين الفارط إنّ “حكومة الاحتلال وزعيمها يشكّلان خطرا واضحا ومباشرا على أمن إسرائيل وعلى حياة الرهائن”.
ويتابع الجنود قولهم إنّ “استئناف القتال في غزة يهدف فقط إلى خدمة الأهداف السياسية للحكومة والمتهم الجنائي الذي يرأسها، بما في ذلك إدامة حالة حرب لا نهاية لها ولن تؤدي إلى عودة الرهائن”.
والأحد الماضي، وقَّع 200 طبيب وطبيبة احتياط فاعلين في وحدات مختلفة بالجيش عريضة، طالبوا فيها بإعادة الأسرى من غزة وبوقف حرب الإبادة وفق ما نقلته القناة “13” العبرية.
ويصف نتنياهو الموقّعين على هذه العرائض بأنهم “مجموعة متطرفة هامشيّة” تسعى إلى إضعاف إسرائيل في زمن الحرب”، وفق تعبيره.
ويقول مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى ردّا على أسئلة حول الحملة التي تشن ضد قرارا نتنياهو: “الجيش فوق كل خلاف سياسي.. لا مجال لأيّ جهة أو فرد، بمن فيهم جنود الاحتياط في الخدمة الفعلية، لاستغلال مكانتهم العسكرية بينما يشاركون في القتال ويدعون إلى وقفه”.
وقال المسؤول إنّ “معظم الموقّعين ليسوا من جنود الاحتياط النشطين، كما أنّ العديد من الذين وقّعوا على رسالة القوات الجوية سحبوا أسماءهم بعد تحذيرهم من أنه لن يُسمح لهم بعد الآن بالخدمة في الجيش”.
الاتفاق مع حماس.. خيار أفضل
تعكس هذه العرائض المطالبَ الشعبيّة في الاحتلال المنتقدة لسياسات نتنياهو ذلك أنّ 70% من اليهود هناك يعتبرون بأنّ الاتفاق مع حماس هو الخيار الأفضل لتحرير الأسرى المتبقين حتى لو كان ذلك يعني إنهاء حرب دامت اكثر من 18 شهرا.
ويعتبر “إسرائيليون” أنّ طريقة تعامل نتنياهو مع الحرب هي وسيلة لصرف الانتباه عن محاكمته بتهم الفساد والحفاظ على ائتلافه الحاكم الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل على حاله.
وفي وقت سابق أعلن أفراد من عائلات الأسرى دعمهم لمقدمي هذه العرائض، الذين يؤكّدون أنّ استمرار الحرب على غزة لا يخدم سوى مصالح شخصية وسياسية لرئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو وحكومته.
وفي السياق ذاته، وقّع مئات المدنيين بمن فيهم أسرى محرّرون وأفراد من عائلاتهم على رسائل مماثلة مطالبة بوقف إطلاق النّار.
حرب مستمرة.. بلا هوادة
وتأتي هذه العراض في وقت تواصل فيه قوات الاحتلال حرب إبادة على غزة منذ 18 شهرا أسفرت عن استشهاد وإصابة أكثر من 167 ألف فلسطيني معظمهم أطفال ونساء وفقدان ما يزيد عن 11 ألف شخص.
وفي ظل هذه الحرب الضارية بات نحو 1.5 مليون من متساكني غزة، البالغ عددهم حوالي 2.4 مليون فلسطيني، بلا مأوى بعد أن دمّرت آلة الحرب مساكنهم، ودخل القطاع مرحلة المجاعة؛ جراء إغلاق تل أبيب المعابر بوجه المساعدات الإنسانية.
إنهاء الحرب وانسحاب قوات “العدو”
كما تتنزّل هذه الرسائل في وقت تسعى فيه كل من مصر وقطر إلى إعادة إسرائيل وحماس إلى مفاوضات جادة، من خلال مسودة اقتراح تتضمّن إطلاق سراح أقل من 12 رهينة مقابل وقف إطلاق نار لمدة 45 يومًا.
من جهتها، أكّدت حركة المقاومة حماس أنها لن تنظر في الاقتراح إلا إذا تضمّن خطوات تهدف إلى إنهاء الحرب.
وجاء على لسان القيادي البارز في حركة حماس باسم نعيم مساء الاثنين أنّ “أيّ اتفاق يجب أن يقوم على أساس إنهاء الحرب وانسحاب قوات العدو”.
وأضاف نعيم أنّ “العدو لن يرانا منكسرين أو نقع في فخ تحويل العملية برمتها إلى مجرد تبادل أسرى، ثم استئناف العدوان والمجازر بعد ذلك”.
تهم بالفساد
ويُواجه رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو 3 قضايا فساد تعرف باسم الملفات “1000” و”2000″ و”4000″ تتعلق بتلقّي هدايا باهظة من رجال أعمال والتدخّل في تغطية وسائل الإعلام لصالحه، ومنح امتيازات لشركة الاتصالات “بيزك” مقابل تغطية إيجابية في موقع “والا”.
ومنذ عودته إلى رئاسة الحكومة في أواخر 2022 حضر نتنياهو محاكماته بشكل أسبوعي، لكنه حاول تقويض سلطة القضاء مما أدى إلى أزمة سياسية كبيرة داخل إسرائيل.
ويواجه 9 من كبار المسؤولين في الائتلاف الحكومي الإسرائيلي أيضا تحقيقات أو محاكمات جنائية.
ويوظف نتنياهو نفوذة بغية تمرير قانون حصانة جديد سيجعل بدء الإجراءات القانونية ضد المسؤولين المنتخبين شبه مستحيل وهو ما يتطلّب موافقة 90 عضوا بالكنيست من أصل 120 ما قد يجعل المساءلة القانونية شبه مستحيلة.