عدنان الشواشي يُغنّي لجمهور الحمامات “اِنحبّها” و”انحبّكم”

صابر بن عامر

عدسة: حسان فرحات

بعد إحدى وثلاثين سهرة بالتّمام والكمال ودون إلغاءات وبشبابيك مُغلقة، إجمالا، شملت المسرح والموسيقى والكوريغرافيا، أُسدل الستار أمس الجمعة 19أوت/أغسطس على فعاليات الدورة الـ56 من مهرجان الحمامات الدولي، عبر الصوت التونسي “العبق” عدنان الشواشي في مرافقة عزفيّة لفرقة الوطن العربي للموسيقى بقيادة المايسترو التونسي عبدالرحمان العيادي.

“اِنحبّها”… الأغنية الحدث

“الحمامات تُغنّي عدنان”؛ هو عنوان العرض الموسيقي الراقي الذي استمتع به جمهور المسرح المحاري بالحمامات ليلتها، وبالفعل الحمامات غنّت عدنان في أمسية ختامية كانت وفيّة لسمعة الشواشي وكرم جمهورها معه، وهو الذي استقبله وقوفا وبتصفيق حارّ امتدّ زهاء الخمس دقائق عند اعتلائه الخشبة، في حركة لا يأتيها إلاّ جمهور أَحبَّ عدنان وعشق صوته وألحانه ومسيرته الفنية التي امتدّت زهاء نصف قرن.

“اِنحبّها” كانت أغنية الافتتاح، وهي الأغنية الجديدة الحدث التي تغنّى فيها الشواشي بزوجته، وكلّ الزوجات التونسيات المناضلات، وفق تصريحه لبوابة تونس إثر نهاية العرض.

أغنية لا يأتيها إلّا فنان في قيمة عدنان، الذي تغنّى على خلاف كل من سبقه من الفنانين التونسيين والعرب لا بحبيبته أو أمه أو وطنه، وهو الثلاثي الأكثر إنشادا من قبلهم، بل برفيقة دربه في الانتصارات والانكسارات، عقيلته منية، بل حبيبته التي مهما تقدّم بها العمر يراها الأجمل والأحلى والأرقى.

أغنية من ألحان عدنان وكلمات الجليدي العويني وتوزيع موسيقي لعبدالرحمان العيادي، يقول مطلعها:

“اِنحبّها… اِنحبّها…

كل ما كبرت نشوفها ما شبّها

لا تبدّلت… لا تغيّرت…

***

ما زال صافي حبّها

في حبّها… في ودّها…

لا كيفها لا ضدّها

***

رفيقتي وعشيرتي

فرحي وهنايا بجنبها

اِنحبّها… اِنحبّها…

كل ما كبرت نشوفها ما شبّها”.

وكما كرّم عدنان زوجته في أغنية، كرّم مهرجان الحمامات الشواشي ومسيرته في سهرة تكريمية للأغنية التونسية، من خلال استضافة قامة في عالم الطرب وحامل وسام مسيرة إبداعية ساهمت في إشعاع الفن التونسي.

عدنان وصَحْبِه يطربون ويمتعون

عدنان الشواشي بدوره اختار في حفله تكريم المطرب الشاذلي الحاجي الذي أدّى أغنيتي “مازلت صغير” و”ما أحلى ربيع شبابنا”، قبل أن يغنّيا معا أغنية عدنان على مستوى الألحان ومن كلمات الحبيب المحنوش “اِبكي يا عين”.

ليعود الشواشي شاديا “آش جاب رجلي لمداين زحمة” و”ريحان صدغك أخضر”، وسط تفاعل جماهيري كبير إنصاتا ودندنة مع كل أغنية تنطق بها حنجرته الماسية.

وعدنان الذي كان وما يزال منفتحا على الأصوات الشبابية المتمكّنة، كما يُوصّفهم، دعا للغناء معه الصّوت الصاعد إيمان محمد ليُنشدا معا واحدة من أشهر أغنياته “عيبك”، قبل أن يترك لها المصدح والجمهور لتُغني له “يا ليل ما أحلى السهر”، والأمر ذاته فعله مع الصبية اليافعة آمنة دمّق التي غنّت معه بشكل ثنائي “أحكيلي عليها يا بابا” قبل أن يترك لها المجال لتـغني للفنانة الراحلة ذكرى محمد “إلى حضن أمي يحنّ فؤادي” لحسونة قسومة كلمة وعبد الرحمان العيادي لحنا.

وقبل ختام السهرة، التي اعتلت فيها وزيرة الشؤون الثقافية التونسية حياة قطاط القرمازي الركح لتكريم عدنان أمام جمهوره، رفّع الأخير في النسق ليُغنيّ من سجلّه الرومانسي الإيقاعي “أم العيون السود” و”الليلية الليلة”، ليُنهي حفله كعادته بالطرب مُنشدا لأم كلثوم “أروح لمين” وسط تفاعل جماهيري كبير يُطالبه بالمزيد.

“الحمامات تغنّي عدنان”، مثّلت سهرة الوفاء والصداقة والطرب الجميل لفنان مرهف الحسّ والشعور، نسج خيوطا ذهبية في سجلّ الأغنية التونسية مع الشاعرين الحبيب المحنوش والجليدي العويني.

عدنان الشواشي، وكما عهده جمهوره بنبرته المميزة وصوته القوي والدافئ وحضوره الأنيق، غنّى للحمامات وجمهوره فأطرب وأمتع، مانحا الحضور مساحة من الحلم والحنين لزمن الفن الأصيل الذي يظلّ عدنان الشواشي أحد مؤسّسيه.

وهو الذي أكّد في حوار خاص ببوابة تونس أنه: “ما يزال للطرب مكان في تونس، طالما هناك معاهد موسيقية تُنتج أساتذة كبار في العزف والغناء، ومهرجانات بقيمة الحمامات وجمهوره المتعطّش لكل جميل وأصيل”.

كما حدّثنا عن إيمانه المطلق والمتجدّد بتعاقب الأجيال الموسيقية وتلاحقها من بعضها البعض، حتى يكون لتونس سجلّها الموسيقي الخاص القادر على الذهاب بعيدا في رحاب العالمية.

أضف تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *