أعلنت وزارة الصحة بحكومة الوحدة الوطنية في ليبيا، اليوم السبت 27 أوت/أغسطس، سقوط 23 قتيلا و140 جريحا في الاشتباكات الدائرة في العاصمة. فيما طالب ممثّل اليونيسف بحماية المدنيين والمرافق الطبية والأفراد في الاشتباكات الدائرة في طرابلس.
اشتباكات وضحايا
أهم الأخبار الآن:
عدّلت وزارة الصحة مساء اليوم، حصيلة أرقام القتلى الذين سقطوا في الصّراع الدائر بين حكومتين تتنازعان على السلطة. وقالت في بيان أصدرته إنّ أعداد القتلى بلغ 12 فيما أصيب العشرات، في وقت يكافح جهاز الطوارئ من أجل الوصول إلى الضحايا بسبب حدّة القتال.
وأضاف بيان وزارة الصحة الليبية، أنّ المستشفيات العامة والمراكز الصحية تتعرّض للقصف منذ ساعات الفجر الأولى بمدينة طرابلس. فيما أوردت مصادر محلية أنّ أحياء شارع الزاوية وباب بن غشير والصريم، تشهد مواجهات مسلّحة عنيفة.
ونقلت مصادر محلية أنّ الاشتباكات أسفرت عن أضرار بممتلكات عامة وخاصّة، من بينها إحدى المستشفيات، مشيرة إلى اندلاع عدد من الحرائق في المباني. فيما أعلن مركز طبّ الطوارئ والدعم الليبي، أنّ فرقه تعمل على إخلاء العالقين من مناطق الاشتباكات إلى أقرب نقطة آمنة في العاصمة.
وأوردت وزارة الصحة الليبية أنّها نفّذت 22 عملية إخلاء خلال الساعات الماضية، ونقلت 64 عائلة إلى أماكن بعيدة عن مواقع الاشتباكات. في حين خلّفت الاشتباكات أضرارا جسيمة في قلب العاصمة.
وأظهرت صور عديدة نُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، سيارات متفحّمة ومبانيَ فيها آثار الرصاص، ونيرانا مشتعلة في مسجد وعيادة.
معارك مستمرّة
تدور الاشتباكات بين القوّات المتحالفة مع حكومة الوحدة الوطنية المعترف بها دوليا برئاسة عبدالحميد الدبيبة، ومنافستها بقيادة فتحي باشاغا المدعوم من برلمان شرق البلاد واللواء المتقاعد خليفة حفتر، في أكثر من جبهة.
وفي تصريح خاصّ ببوابة تونس، قال الصحافي الليبي عصام الزبير إنّ المعارك التي تخوضها القوات الموالية لرئيس الحكومة فتحي باشاغا المدعوم من معسكر الشرق، تدور رحاها في أربعة محاور، وهي قلب العاصمة طرابلس التي تقودها الكتيبة 77 ويتزعّمها هيثم التاجوري، والمحور الغربي (طريق الزاوية/جسر 17 جنزور) الّذي تقوده قوات علي بو زريبة.
أمّا في ما يخصّ المحور الجنوبي، فأكّد الزبير أنّ قوات تابعة للواء أسامة الجويلي تقود قتالا عنيفا في منطقة جمعية الدعوة الإسلامية. فيما تحاول قوات تابعة لسالم جحا، التقدّم من الشرق من مدينة مصراتة، إلا أنّ آخر المعطيات الميدانية تشير إلى انسحابه وتقهقرها إلى مناطق محيطة بالعاصمة طرابلس.
وفي رصد لبوابة تونس، أظهرت مقاطع فيديو تداولها ليبيون على مواقع التواصل الاجتماعي، سيطرة قوات دعم الاستقرار بقيادة عبدالغني الككلي (غنيوة) الموالية لحكومة الوحدة الوطنية، على مخزن ذخيرة لكتيبة يقودها هيثم التاجوري تابعة لحكومة باشاغا.
وكان القتال بأسلحة ثقيلة وخفيفة، اندلع ليل أمس في عدد من أحياء العاصمة طرابلس على خلفية الصراع السياسي بين حكومتين متنافستين. فيما أظهرت صور ومقاطع فيديو أصوات رشقات نارية ودويّ انفجارات طوال الليل.
وحاول باشاغا دخول طرابلس في مايو/أيار، ممّا أدّى إلى تبادل لإطلاق نار استمرّ ساعات، أجبره على المغادرة. فيما ألمح في وقت سابق من خلال رسائل وجّهها إلى الدبيبة بأنّه قد يحاول دخول العاصمة مرّة أخرى.
لا حلّ في الأفق
وعن اشتباكات العاصمة، قال عضو المجلس الأعلى للدولة أبو القاسم قزيط في تصريح إعلامي، إنّ الميليشيات العسكرية اعتبرت خروج المبعوثة الأممية من ليبيا “ضوءا أخضر” لبدء القتال، مشيرا إلى أنّه لا يوجد حلّ سياسي في الأفق، معتبرا أنّ المجتمع الدولي غير جاد في التعاطي مع الملف الليبي.
وتحظى حكومة فتحي باشاغا، التي أقرّها برلمان الشرق في فيفري/فبراير ومنحها ثقته في مارس/آذار وتتّخذ من سرت (وسط) مقرّا مؤقتا، بدعم مصري، خاصّة بعد فشل اللواء المتقاعد خليفة حفتر في احتلال العاصمة عام 2019، وترى فيه بديلا محتملا.
ومنذ تعيينه، يحاول باشاغا، من دون جدوى، دخول طرابلس لتأسيس سلطته هناك، وقد هدّد في الفترة الـأخيرة باستخدام القوة لتحقيق ذلك، ما أدى إلى تصاعد حدّة التوتّر بين القوّات الموالية للقادة المتنافسين في الأشهر الأخيرة في طرابلس. ففي 22 جويلية/يوليو، أودت المعارك بحياة 16 شخصا بينهم مدنيون، وتسبّبت في جرح نحو خمسين آخرين.
دعوات التهدئة
محليا، دعا المجلس الأعلى للدولة، اليوم، إلى ضرورة التوقّف، فورا، عن العنف والاشتباكات المسلّحة التي تجري في العاصمة طرابلس، واصفا إياها بـ”العبث”، مضيفا أنّه “يحمّل المسؤولية المباشرة لمن أطلق الرصاصة الأولى فيها”.
وبدوره، طالب المجلس البلدي المركزي للعاصمة الليبية طرابلس، في بيان أصدره اليوم، المجتمع الدولي بحماية المدنيين جراء مواجهات مسلّحة بين جهاز “حفظ ودعم الاستقرار” التابع للمجلس الرئاسي، و”اللواء 777″ التابع لرئاسة الأركان تشهدها المدينة.
وحمّل البيان “البرلمان والمجلس الأعلى للدولة والمجلس الرئاسي والحكومتين، المسؤولية عن تردّي الأوضاع في العاصمة”.
من جانبه، دعا حزب العدالة والبناء الليبي، الأطراف السياسية المعنيّة بضرورة الإيمان الكامل بالحلّ السياسي للأزمة الليبية واستبعاد الحلّ العسكري، مطالبا بوقف القتال وأعمال العنف في طرابلس والاحتكام لصوت العقل والحفاظ على أرواح المدنيين.
كما دعا الحزب مجلسيْ النواب والدولة، بالقيام بدورهم في استكمال القاعدة الدستورية للوصول إلى إجراء انتخابات نزيهة وشفافة، تُنهي الانقسام وحالة الاقتتال على السلطة.
عربيّا، أعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية عن قلقه الكبير إزاء الأوضاع في طرابلس، وطالب الجميع بتحمّل مسؤولياتهم، والجلوس إلى طاولة الحوار ووقف الأعمال المسلّحة.
ومن جانبها، قالت وزارة الخارجية الجزائرية إنّه من الضروري الحفاظ على اتّفاق وقف إطلاق النار في ليبيا، وإنهاء التدخّلات في الشأن الليبي من أجل تحقيق المصالحة الوطنية وإجراء انتخابات حرّة. فيما أوردت الخارجية القطرية أنّها تتابع بقلق بالغ التطوّرات في ليبيا، وتدعو إلى تسوية الخلافات سلميّا.
وأكدّت دولة قطر في البيان الصادر مساء اليوم، ضرورة عمل الأطراف الليبية على ضمان حماية المدنيين والمنشآت المدنية، مشيرة على أنّها تدعم الحلول السلمية التي تحافظ على وحدة ليبيا.
دوليا، دعت بعثة الأمم المتّحدة للدعم في ليبيا إلى الوقف الفوري للأعمال العدائية في العاصمة طرابلس، مع استمرار الاشتباكات التي بدأت مساء أمس وأسفرت عن إصابة مدنيين، وفق جهاز الإسعاف والطوارئ.
وبدوره قال السفير الأمريكي ريتشارد نورلاند، إنّ واشنطن ما تزال ملتزمة بتقديم دعمها الكامل أيّ جهد لوقف الاقتتال في ليبيا، مضيفا أنّه “من الضروري سدّ الفجوة بين مجلسي النواب والأعلى للدولة لإجراء الانتخابات”.
وفي السياق ذاته، قالت السفارة البريطانية في ليبيا إنّ المملكة المتّحدة تدعو إلى وقف العنف بطرابلس، وتدين أيّ محاولة للاستيلاء على السلطة أو التمسّك بها بالقوة.
بدوره، طالب مبعوث وزير الخارجية الإيطالي إلى ليبيا، الجماعات المسلّحة المشاركة في التصعيد في طرابلس، بوقف الأعمال العدائية على الفور، مجدّدا دعوة بلاده إلى حوار لتجاوز الخلافات وازدواجية المؤسّسات الليبية.
كما دعا المبعوث إلى رفض الأعمال الانفرادية والاعتداءات على المؤسّسات الليبية ومحاولات فرض حلول للأزمة بالقوّة، مضيفا أنّ بلاده تدعو إلى الموافقة، على وجه السرعة، على المتطلّبات القانونية والعملية لإجراء الانتخابات الليبية.
ومنذ الأربعاء الماضي، لاحت بوادر الحرب بين الحكومتين المتنازعتين على الحكم في ليبيا، وذلك إثر رسائل وجّهها باشاغا إلى الدبيبة، دعاه فيها إلى تسليم السلطة، قوبلت برفض قاطع من رئيس حكومة الوحدة الوطنية.
أضف تعليقا