يستهلّ بيت الرواية سلسلة “توقيعات راعي النجوم” الأسبوعية لتقديم الكتب الجديدة في الرواية والسرديات للموسم الثقافي 2023-2024، بتقديم رواية “قارئة نهج الدباغين” للكاتب التونسي سفيان رجب، وذلك الأربعاء 20 سبتمبر الجاري، انطلاقا من الساعة الثالثة مساء بالتوقيت المحلي، ببيت الرواية بمدينة الثقافة الشاذلي القليبي بالعاصمة تونس.
ومن مقتطفات الكتاب يكتب سفيان رجب: “قادها شغَفُها بالقراءة إلى “نهج الدبّاغين” المعروف ببيع الكتب القديمة، فوجدتْ نفسها بعد سلسلة من الأحداث مع رجل غريب الأطوار أسّس رابطة للكتّاب الأشباح، تُسند فيها كلّ كتابةٍ إلى اسم وهميّ لا وجود له، من أجل تخليص الكُتّاب من المحظورات الدفينة في أعماقهم وفتح باب الحريّة أمامهم على مصراعيه”.
ويسترسل: “وهكذا تتورّط هذه القارئة في مشروع غريب، جعلها تقرأ الروايات التي يكتبها الكتّاب الأشباح. رواية تتناول في الظّاهر موضوعا مُربكا يتعلّق بالمحظورات الجنسيّة، ولكنّه ليس سوى مطيّة لمقاربة الخوف السّاكن فينا، ومقاربة مأساة الكتابة إذ توضع وجها لوجه أمام الرقابة والسّلطة والمجتمع، فكم عدد الأفكار التي نهدرها كلّ يوم على مذبح الرقابة والخوف؟ وهل تاريخ الأدب هو تاريخ المكتوب والمعلن أم التاريخ الحقيقيّ الكامن في ما لم يُكتب بعد؟”.
ويتساءل رجب في كتابه: “ألا يُضحّي الكتّاب كلّ يوم بالإنسان الساكن فيهم من أجل كتابة المؤتلف والمنسجم والمعلوم؟ ألا يتحوّل الكتّاب مع كلّ كتابة لا تقول ذواتهم الحقّ ولا تقول الإنسان في اختلافه وتعدّده وتنافره إلى مجرّد أشباح؟ هذا ما تُشير إليه هذه الرواية لتقول لنا: ما أكبر دائرة الأشباح وما أضيق الكتابة”.
مُؤلّف قال عنه الروائي سامي المقدّم: “الآن دعوني أدعوكم إلى كرنفال.. قطعا ليس كرنفال البندقية في رواية “باب العلوج” وليس “كرنفال القرود الثلاثة”، بل هو كرنفال في نهج الكتب المنسيّة، نهج الدبّاغين المنسي بدوره”.
ويسترسل: “هنا نمزّق كتب نيتشة وشوبنهاور لنصنع منها أثوابا احتفالية.. الجميع مُقنّعون، وهذه هي اللعبة الحقيقية: حاول أن تعرف هويّة المتنكّرين.. لا تفوتنا رمزية القناع في هذه الرواية، فمنذ بدايتها يُجبر الكاتب شخصياته على إخفاء وجوههم وكأنه يتحدّى القارئ في إماطة اللثام عنها”.
ويُؤكّد المقدّم: “ليست لعبة سهلة على الإطلاق، فسفيان رجب يدخلنا في متاهة تمتزج فيها الشخصيات وتتقابل وتتنافر ثم تتطابق في تشابه مريب.. هي رواية ذكيّة لا تشرح لك كل شيء.. أبوابها المواربة دعوة خرساء لفتحها”.
ويختم داعيا القراء إلى تصفّح الرواية: “هذه الرواية أشبه بوردة متوحّشة رائعة الجمال، لا تنفتح بنعومة وبإغراء، ولا تكاد تقترب منها حتى تلفّ حولك بتلاتها المفترسة وتحتويك تماما.. أنت الآن فراشة بلا حول ولا قوة بين براثن الرواية، وفي خضم كل هذا لا تنسى أنّ الفراشة تحلم أحيانا.. قد تحلم أنّها قارئ مثلك.. لست أنا من يقول ذلك بل الفيلسوف جوانج جو، ولو فهمت مقولته.. ستفهم الرواية”.