تونس سياسة

العزوف عن الانتخابات.. تبرير بحرب غزة والعطل المدرسية

شهدت أول انتخابات محلية لتونس في ظل الدستور الجديد، إقبالا متواضعا، رغم الحملات الإعلامية الكبيرة التي قامت بها هيئة الانتخابات، فضلا عن الدعوة التي توجه بها الرئيس قيس سعيد إلى التونسيين، إلى المشاركة بكثافة في انتخابات قال إنها ستضع حجر الأساس لبناء جديد يعيد السيادة إلى الشعب.

ومنذ 25 جويلية، اعتاد التونسيّون، نسب إقبال ضعيفة جدّا على مراكز الاقتراع مع تعدد المناسبات الانتخابيّة. كما اعتاد التونسيّون الأصوات التي تخرج لتبرير هذه النسب الضعيفة بعيدا عن الدراسات العلميّة والتحليلات الموضوعيّة.

معتقلو 25 جويلية

الحرب في غزّة والأزمة الاقتصاديّة
فمنهم من أرجع سبب عزوف التونسيين عن الانتخابات إلى أنهم في عطلة، وهو ما صرّحت به الصحفيّة فاطمة كرّاي خلال تعليقها على نسب الإقبال الضعيفة على الانتخابات المحليّة. 

فيما ذهبت عضو هيئة الانتخابات نجلاء العبروقي إلى أن ضعف الإقبال راجع إلى تداعيات الحرب في غزّة على المشهد الانتخابي في تونس. كما فسرت سبب عزوف التونسيين عن المشاركة في الانتخابات بـ”مللهم من السياسة بسبب الأجواء السابقة في البرلمان”.

ورغم نسبة الإقبال المتواضعة، إلا أن عضو هيئة الانتخابات نجلاء العبروقي أكدت أن هذا الأمر لن يعرقل تشكيل الغرفة البرلمانية واستكمال المؤسسات الدستورية، وفق دستور 2022.

وقالت العبروقي: “نسبة المشاركة عموما لن تؤثر في النتائج. وسيقع في كل الحالات إرساء 279 مجلسا محليًا، ستتفرع عنها بقية المجالس الجهوية ليتم لاحقا تركيز الغرفة البرلمانية الثانية المتمثلة في المجلس الوطني للجهات والأقاليم”.

ونقلت جريدة الصباح عن العبروقي قولها: “إن التونسيين ضاقوا ذرعا بالسياسة وأصبحوا لا يريدون من يمثلهم في المجالس التمثيلية للشعب. كما أنه من بين أسباب العزوف أيضا أن هذه الانتخابات هي انتخابات على الأفراد وليست على القائمات كما كان في الاستحقاقات الانتخابية السابقة”.

عضو هيئة الانتخابات أيمن بوغطاس برّر ضعف نسب الإقبال على صناديق الاقتراع بتأثّر المواطنين بالوضع الاقتصادي والاجتماعي المتردي، مؤكّدا أن المسار الانتخابي لا يكون في معزل عن السياق السياسي والاقتصادي والاجتماعي للبلاد.

واعتبر بوغطاس أن الهيئة قدمت الحقيقة ولم تزيّف النتائج، داعيا إلى دارسة هذه النسبة وتحليلها. 

رأي علم الاجتماع
اعتبر الباحث في علم الاجتماع والمحلل السياسي، ماهر حنين، أن الوضع يتطلب دراسة معمقة للوقوف على أسباب انحدار نسب المشاركة في الانتخابات والانسحاب الكامل للمواطنين والمواطنات التونسيين من العملية السياسية الانتخابية.

ورأى حنين، وفق ما أوردته جريدة الصباح في عددها الصادر اليوم الثلاثاء 26 ديسمبر، أن هذا الفتور والعزوف عن المشاركة في الشأن العام يشكل في جزء منه ضربا للمسار الثوري وخروجا طوعيا وإراديا للتونسيين من العملية الديمقراطية. 

وفي قراءته لأسباب العزوف المسجل للناخب التونسي، قدم ماهر حنين قراءتين. اشترك في الأولى مع عضو هيئة الانتخابات نجلاء العبروقي ورأى أن تنظيم الانتخابات على الأفراد لم يحقق أهدافه. وغياب الأحزاب ومقاطعتها للمواعيد الانتخابية، بما فيها المحلية، قد أضعفا العملية الانتخابية فالأحزاب هي التي كانت تحرك الشارع وتحشد الدعم لمرشحيها وتعطي عملية الاقتراع زخما. 

أما القراءة الثانية فأشار ماهر حنين إلى أنها تتعلق بحالة من استبطان المواطنين للحكم الفردي حيث لم تعد هناك قناعة بأن المشاكل تعالج عبر المؤسسات الرسمية، وإنما تكون إما عبر البحث عن حلول فردية أو يكون الرئيس هو مصدرها الأول. 

ورأى الباحث في علم الاجتماع أن المشاركة كانت عكسية في علاقة بالانتخابات المحلية ففي الوقت الذي تكون فيه استحقاقا يهم الشأن التنموي المحلي الجهوي، سجلت عزوفا وغيابا للناخبين. مما يعني أن التونسي أمام حجم الضغوط التي يعيشها، خاصة منها الاقتصادية، لم تعد له ثقة في المسؤولين والمؤسسات الرسمية بمن فيهم الفاعلون السياسيون.