"شوق".. مسرحية عن التفكّك الأسري من خلال ثنائية الموت والحياة
tunigate post cover
ثقافة

"شوق".. مسرحية عن التفكّك الأسري من خلال ثنائية الموت والحياة

تمّ عرضها ضمن تظاهرة "الخروج إلى المسرح".. "شوق" حكاية مُمسرحة تلتحم فيها الحواجز بين الواقع والخيال
2023-09-23 16:17

ضمن فعاليات النسخة الرابعة من تظاهرة “الخروج إلى المسرح”، تابع عشاق الفن الرابع، ليلة أمس الجمعة 22 سبتمبر، بمدينة الثقافة الشاذلي القليبي بالعاصمة تونس، عرض مسرحية “شوق” للمخرج التونسي حاتم دربال، واقتباس حمدي حمايدي عن نص أصلي للكاتب الفرنسي المعاصر جان لوك لاغارس، وإنتاج مركز الفنون الدرامية والركحية بن عروس، ومن بطولة: عبدالمنعم شويات، أمال الفرجي، نادرة التومي، مريم بن حسن، وحمادي البجاوي.

وتتمحور أحداث المسرحية حول شوق الابن الأكبر وحنينه إلى لقاء عائلته بعد غياب طويل ليخبرها بمرضه وقرب موعد وفاته، فيجتمع الأخ والأم والأخت وزوجة الأخ لاستقباله والاحتفال بعودته، لكن سرعان ما تطفو الخلافات القديمة على سطح الذاكرة، لوم وعتاب وحنين واشتياق وصراع يكشف هشاشة الشخصيات وعمق ألمها وعزلتها طيلة السنوات الماضية.

العائلة والموت، الموضوعان الأساسيان في المسرحية، يلتقيان طيلة أحداثها في ذهن شخصية تائهة بين الأزمنة والأمكنة هربا من الموت لتسقط في متاهة اللازمنية، تلتحم فيها الحواجز بين الواقع والخيال عبر استحضار صور وذكريات.

صمت مقنّع

ترانيم جنائزية، إضاءة قاتمة، ركح مُحدّد بشريط أبيض يرمز إلى المنزل، شاشة تلفاز وأربع شخصيات، أخ وأخت وأم وزوجة يجتمعون للقاء الابن الأكبر بعد غياب طويل، يوسف الذي أخذه الشوق والحنين إلى لقاء عائلته وإعلامها بمرضه وقرب موعد موته.

هكذا، تستقبل العائلة يوسف وتحتفل بعودته، لكن سرعان ما تطفو على سطح الذاكرة خلافات الماضي التي لم يقع حلّها ظنا أنها ولّت وانتهت.

لوم وعتاب وحنين واشتياق وصراع يكشف عن هشاشة الشخصيات، الأخ لمين العائل الوحيد لعائلته هذه الشخصية المهتزة والمتناقضة وحادة الطباع التي ترفض الاعتراف بالحب وتتصنّع القوّة رغم هشاشتها، زينب الزوجة المنافقة التي تسعى إلى كسب ودّ الجميع وتدّعي الطيبة رغم خبثها، الأم التي أرهقتها السنوات وفقدان السند والزوج، والأخت “ددو” أو نادرة الفتاة التي تبحث عن التحرّر من قيود العائلة والمجتمع، ويوسف الكاتب والروائي والمسرحي الذي ينبش في صندوق ذكرياته هربا من الموت.

كلّها شخصيات تلتقي تحت سقف واحد لتُعبّر عن عمق ألمها ووحدتها وعزلتها وصمتها طيلة السنوات التي مضت.

اللقاء الأخير الذي يجمع يوسف بعائلته يحمل المُشاهد إلى العديد من المفاهيم المتناقضة، منها اللقاء والفراق، الموت والحياة، والقرب والبعد، لقاء يُبرز مدى التفكّك الأسري من خلال مشهدية تتشابك فيها الحياة بالموت.

مسرحية داخل مسرحية

في “شوق” يتماهى أداء الممثلين مع الفيديوهات المعروضة على جهاز التلفاز، كأنّ المُشاهد أمام مسرحية داخل مسرحية، ومن خلال هذا التداخل يُبرز مخرج العمل، أهمية هذا الجهاز داخل كل عائلة والدور الذي يلعبه فيها.

ومع تصاعد الأحداث يتطوّر دور هذا الجهاز في السياق الدراماتورجي، حيث يبثّ صورا من الماضي ويكشف مكنون الشخصيات أو ما يحاولون إخفاءه.

تنهمر الذكريات وتتوه الشخصيات بين ماضيها وحاضرها، تشتدّ الصراعات وتحتدم، لتواجه كل شخصية الآخر والأنا، وتقف وجها لوجه مع ذاتها في محاولة لكسر حواجز الخوف والصمت، وربما ترميم الانكسارات.

تنتهي المسرحية كما انطلقت، حيث تلتقي العائلة في القطار بعد أن تقبّلت فكرة رحيل يوسف، في إشارة إلى قطار الحياة الذي يمضي دون توقّف، فلكل إنسان محطة بداية، لكن لا أحد يعرف متى موعد محطة النهاية.

وتُعرض، اليوم السبت 23 سبتمبر، بقاعة الجهات مسرحية “الفيرمة” إخراج غازي الزغباني وإنتاج فضاء لارتيستو.

فيما تُختتم التظاهرة، غدا الأحد 24 سبتمبر، بقاعة المبدعين الشبان، عبر العرض الأول لمسرحية “14/11” من إخراج معز القديري وإنتاج مشترك بين مسرح أوبرا تونس وقطب المسرح والفنون الركحية.

وتظاهرة “الخروج إلى المسرح” -كما تقول عنها مديرتها الفنانة التونسية جميلة الشيحي- جسر لتواصل الأجيال والانفتاح على التجارب المسرحية بكل صنوفها ومدارسها، فمع برمجتها المُغايرة ودعمها صناع الفرجة الشباب، تُحيي في كل عام ذكرى كبار البيت المسرحي وتُكرّم روّاده وأصحاب التجارب فيه.

وأتت الدورة التأسيسية للمهرجان عام 2020 تحت شعار “الصمود في ظل جائحة كوفيد 19 والخروج إلى الحياة والاحتفاء بها”، فيما حملت الدورة الثانية شعار “الصمود والاحتفاء بالحياة”، لتكون الثالثة حاملة شعار “الخروج إلى الحياة” والانطلاق في رحاب الفن والإبداع في حدث وطني يحتفي بأحدث الإنتاجات المسرحية ورموز الفن الرابع.

تظاهرات#
تونس#
مسرح#

عناوين أخرى