دعت جبهة الخلاص الوطني، السبت 17 ديسمبر/كانون الأول، إلى تعيين قاض تونسي لإدارة البلاد بدلا عن سعيّد، واصفة نتائج الأولية التي أعلنتها الهيئة المستقلّة العليا للانتخابات، بأنّها الفصل الأخير في “الانقلاب”، في إشارة إلى ضعف نسب المشاركة في الاستحقاق التشريعي.
وكانت هيئة الانتخابات، أعلنت مساء اليوم، أنّ عدد الناخبين بلغ 804.638 ناخبا أي بنسبة 8.8% من مجموع المسجلّين البالغ عددهم 9136502، وذلك إلى حدود الساعة السادسة بعد غلق أغلب مراكز الاقتراع.
وقالت الجبهة -التي تضم أحزابا سياسية ومكوّنات مدنية وشخصيات سياسية- إنّ رفض التونسيين المشاركة في الانتخابات، يؤكّد أنّهم أسقطوا ثقتهم في قيس سعيّد، داعية إياه إلى الرحيل.
وطالبت الجبهة اتّحاد الشغل (أكبر منظّمة نقابية) والأحزاب السياسية، إلى توحيد المعارضة والخروج في مظاهرات سلمية لإسقاط حكم قيس سعيّد، مشدّدة على ضرورة إجراء انتخابات رئاسية مبكّرة.
واستنكر التكتّل المعارض ما سمّاه استمرار هيئة الانتخابات المشرفة على الاستحقاق التشريعي في عملية التضليل، متّهما إياها بإهدار المال العام والعمل على تنفيذ أجندة الرئيس باستهداف خصومه السياسيين، معلنا اعتزامه مقاضاتها.
بدوره، قال حزب العمّال إنّ “الشعب التونسي وجّه صفعة مدوّية وطعنة قاتلة إلى قيس سعيّد وإلى المجلس النيابي القادم”، واصفا البرلمان المرتقب بـ”مجلس دمى أراد بعثه سعيّد ‘لتشريع انقلابه ونظامه الشعبوي الاستبدادي، والاستيلاء على ذكرى انطلاق الثورة التونسية”.
والانتخابات التشريعية تعدّ أحدث حلقة في سلسلة إجراءات استثنائية بدأ الرئيس سعيّد فرضها في 25 جويلية/يوليو 2021، وسبقها حلّ مجلس القضاء والبرلمان وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وإقرار دستور جديد عبر استفتاء.
وجاء في بيان العمّال أنّ “حجم المشاركة الهزيل جدا في الانتخابات التشريعية لانتخاب أعضاء مجلس نواب الشعب، لا ينزع فقط كل شرعية عن المجلس النيابي الصوري، بل ينزع كل شرعية عن مجمل منظومة 25 جويلية الانقلابية، وما اتّخذته من خطوات معادية للشعب والوطن والديمقراطية”.
ودعا حزب العمّال، الشعب التونسي والقوى التقدّمية السياسية والاجتماعية والمدنية إلى “اعتبار نظام قيس سعيّد خارج الشرعية ومنتهيا”، مشدّدا على “ترحيله فورا باعتباره خطرا على تونس وشعبها”.وفي السياق ذاته، طالب الحزب الذي يتزعّمه حمة الهمامي، قوى السياسية والاجتماعية والمدنية إلى التشاور في أفق توحيد الجهود، من أجل فرض بديل شعبي وطني ديمقراطي يصوغ خيارات جديدة”.
من جانبها، رحّبت حركة النهضة بما سمّته الرفض الشعبي للانتخابات التشريعية التي دعا إليها الرئيس قيس سعيّد في وقت سابق، قائلة، في تدوينة على حسابها الرسمي على فيسبوك تعليقا على نتائج الانتخابات: “شكرا للشعب التونسي العظيم ويسقط الانقلاب”.
بدورها، طالبت رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي، خلال تجمّع لأنصارها مساء اليوم، بخروج قيس سعيّد وإعلانه الشغور على مستوى منصب رئاسة الجمهورية.
ودعت موسي إلى إجراء انتخابات سابقة لأوانها، وتجميد عمل هيئة الانتخابات، وغلق مقرّها الرئيسي ووضع جميع وثائقها على ذمّة النيابة العمومية.
وفي سياق ردود أفعال الأحزاب والمكوّنات السياسية، قال القيادي بحركة الشعب (موالاة) محمد المسليني، إنّ انفراد الرئيس قيس سعيّد بالقرار أدّى إلى هذه النتائج، مضيفا أنّ تبرير نسبة المشاركة الضعيفة في الانتخابات، في إشارة إلى تصريح رئيس الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات، يزيد من تعميق الأزمة.
أما رئيس المكتب السياسي لحراك 25 جويلية، فدعا إلى انتخابات رئاسية مبكّرة بعد ما وصف الإقبال على الاقتراع بالضعيفة. فيما أكّد أستاذ القانون الدستوري أمين محفوظ أنّ 92% قاطعوا الانتخابات، أجابوا قيس سعيّد بعدم رضائهم على الخيارات التي انتهجها.
واعتبر محفوظ أنّ قيس سعيّد افتقد الشرعية واليوم فقد المشروعية، داعيا إلى تنظيم انتخابات سابقة لأوانها.
إلى ذلك، أكّدت تقارير محلية ودولية، أنّ التونسيين أبدوا اهتماما ضئيلا بالتصويت في الانتخابات البرلمانية التي قاطعتها معظم الأحزاب السياسية، ما أحدث زلزالا سياسيا خاصّة أنّ التشريعية كان يُنظر إليها على أنّها الحلقة الأخيرة في مساعي سعيّد لبناء مشروعه السياسي الجديد.