شدّ وفد المنتخب الوطني التونسي لكرة اليد الثلاثاء 12 جانفي (يناير) الرِّحال إلى مصر للمشاركة في كأس العالم للعبة التي تُجرى بين 13 و31 جانفي.
على الرغم من التغييرات العميقة في مجموعة اللاعبين والظروف التي رافقت التحضيرات وخيّمت على البطولة، إلا أن السواعد التونسية عازمة على تقديم مباريات تليق بسمعة كرة اليد في تونس أمام العالم.
تحضيرات سطّرتها الظروف
كان المدرّب سامي السعيدي يأمل في توفّر ظروف إعداد جيدة لكأس العالم لكرة اليد تتلاءم مع سياسة التجديد التي انتهجها في المجموعة لتجربة أكثر عناصر واختبارها في مباريات ودية مع منافسين من المستوى العالي، لكنّ الظروف الصحّية العالمية والوطنية حالت دون ذلك.
واجه الإطار الفنّي للمنتخب صعوبات في تجميع اللاعبين في ظلّ التزامات المحترفين باللعب في البطولات الخارجية، حيث لم يلتحقوا إلا خلال النصف الثاني من شهر ديسمبر 2020.
قبل كأس العالم اكتفى زملاء الحارس مروان مقايز بدورة دولية ودّية بقطر عبْر خوض ثلاث مقابلات مع منتخبات قطر وإسبانيا والأرجنتين، وعاد بهزيمتيْن وتعادل قبل العودة إلى تونس، واختتم التحضيرات مطلع العام الجاري بثلاث مباريات مع فريق إيفري الفرنسي.
اسم كرة اليد التونسية في الميزان
يُصرّ المدرّب سامي السعيدي منذ تولّيه المقاليد الفنية للمنتخب التونسي في أوت 2020 على سياسة التغيير والاعتماد على لاعبين جدد، والعمل على مدى متوسّط وبعيد من أجل تكوين منتخب عتيد، ينافس على بطولة إفريقيا القادمة ويتأهل إلى الألعاب الأولمبية بباريس 2024.
سامي السعيدي اتّفق مع إدارة الجامعة التونسية لكرة اليد على برنامج عمل بأربع سنوات وأنْ لا تتمّ محاسبته على النتائج القريبة في مونديال مصر أو الدورة الترشيحية لأولمبياد طوكيو.
في المقابل، يُدرك السعيدي جيّدا أنّه يحمل على عاتقه مهمّة الظهور بشكل جيّد في المونديال وتقديم أفضل مردود ونتائج ممكنة في حجم تاريخ وسمعة اليد التونسية، التي عهدها كبار اللعبة في العالم عصيّة ولا تُكسر بسهولة.
ويعترف السعيدي ولاعبوه والإدارة أنّ تغيير الفريق بنسبة 60% أو أكثر وغياب أسماء ذات خبرة لا يسمح لهم بأنْ يُخيّبوا آمال الجمهور ويُزعْزعوا صورة كرة اليد التونسية.
المونديال سيكون فرصة ممتازة للعناصر الصاعدة للاحتكاك بعمالقة اللعبة وكسب خبرة المواعيد الكبرى.
تونس من كبار اللعبة
تشهد منتخبات العالم أنّ تونس من المنتخبات الممتازة في كرة اليد ومشاركاتها في البطولات العالمية والأسماء التي أنجبتْها تعكس ذلك.
يكفي أنْ نقول: إن المنتخب التونسي لكرة اليد هو بطل إفريقيا في عشر مناسبات، وإنه يشارك للمرة 15 في كأس العالم وإنه أنهى مونديال تونس سنة 2005 بين أربع أفضل منتخبات في العالم، لندرك أنّ نسور قرطاج لا يشاركون من أجل تسجيل الحضور.
تونس فازت على منتخبات عملاقة مثل ألمانيا وفرنسا والسويد وروسيا وأحرجت أبطال العالم على غرار كرواتيا وإسبانيا وغيرهم.
عراقة كرة اليد التونسية يعكسها اللاعبون الكبار الذين مثّلوا أقوى أندية العالم، من وليد بن عمر في برشلونة الإسباني وصبحي صيود ووسام حمام وعصام تاج في مونبيليه الفرنسي، إلى وائل جلّوز في كيل الألماني وأنور عيّاد وهيكل مقنم وجلال التواتي ومكرم الميساوي… إلى أسماء أخرى لازالت تتألق في البطولات الأوروبية…
فضلاً عن الأسماء اللامعة التي صنعت ربيع اليد التونسية في التسعينيات على غرار عدنان بلحارث وكريم الزغواني والأخوان محمد وعلي مادي والعملاقان رياض الصانع والراحل الحبيب ياقوتة.
المستحيل ليس تونسيا
سيُنافس المنتخب التونسي منتخبات ذات تقاليد عريقة في كرة اليد خلال مونديال مصر، وسيلتقي بولندا يوم 15 جانفي في البرازيل ويوم 17 جانفي، وأخيراً مواجهة العملاق الإسباني يوم 19 جانفي.
شبّان المدرّب سامي السعيدي في حاجة إلى فوز في إحدى المواجهات على الأقل للعبور إلى الدور الثاني مُستفيدِين من تغيير النظام ومشاركة 32 منتخبا في المسابقة لأول مرة.
في حين سيحرم نسور قرطاج من المساندة الجماهيرية – نظرا للظروف الصحية العالمية – في قاعات مصر بعد قرار إجراء البطولة أمام مدرّجات خاوية خوفا من انتشار العدوى بفيروس كورونا.
الحدث العالمي ستغيب عنه التغطية الإعلامية لأول مرة في التاريخ، فبقرار من اللجنة المنظّمة لن يحضر الإعلام لمواكبة البطولة.
ليست كرة اليد الرياضة الأكثر شعبية في تونس، لكنّها الرياضة الجماعية الأكثر تتويجا والأفضل نتائجا على المستوييْن القاري والعالمي، وستكون السواعد التونسية محطّ أنظار الجماهير العريضة في تونس وعليها آمال إعادة بريق خفتَ في السنوات الأخيرة.