تونس سياسة

رسالة قيس سعيد الأخيرة ومحاولة تطويق المقاطعة

وجدي بن مسعود

معتقلو 25 جويلية

 تساؤلات عديدة بشأن الرسالة التي نشرتها رئاسة الجمهورية الثلاثاء 5 جويلية/يوليو فيما الرئيس قيس سعيد يزور الجزائر، محملة باستعراض لأبرز محطات المسار السياسي الذي انتهجه الرئيس منذ 25 جويلية/يوليو الماضي واختتمت بدعوة مباشرة إلى التصويت بنعم على النص الدستوري المقترح.

كيف يقرأ المحللون دلالات الرسالة وتوقيتها ورد فعل الرأي العام على مضمونها؟ هل تستطيع إقناع الشارع التونسي بالمشاركة الإيجابية في التصويت في وقت يحشد فيه معارضو قبس سعيد وبقوة الجماهير حملة واسعة لرفض الاستفتاء بل إبطاله، آخرها “حملة إسقاط الاستفتاء” التي كشفت عن تركيبتها الثلاثاء في مؤتمر صحفي؟

بوابة  حاورت الكاتب والمحلل السياسي محمد الفوراتي بشأن التطورات المتلاحقة وكيف يمكن قراءتها. 

محاولة لحشد الدعم

في قراءته لرسالة قيس سعيد ودلالاتها في هذا التوقيت، يرى الكاتب الصحفي والمحلل السياسي محمد الفوراتي أنها تأتي ضمن محاولاته لحشد تأييد التونسيين للاستفتاء وإقناعهم بالمشاركة والتصويت بنعم على مشروع الدستور الذي يقترحه عليهم.

ويشير الفوراتي في حديثه إلى بوابة تونس إلى أن انخراط سعيد في عملية التعبئة للاستفتاء أمر منتظر في هذا التوقيت مذكرا بلقائه وزير الخارجية عثمان الجرندي ودعوته إلى تجند البعثات الدبلوماسية بالخارج وبذل كل الجهود تنظيميا لضمان مشاركة واسعة للتونسيين في المهجر.

ولفت محمد الفوراتي في السياق ذاته إلى أن رسالة سعيد تعتبر بمثابة “دعاية انتخابية” مضيفا أن القانون الانتخابي ليس واضحا فيما يتعلق بمشاركة رئيس الجمهورية في الحملات الدعائية للاستفتاء.

تناقض بين الخطاب والمضمون

على صعيد المضمون اعتبر الكاتب والمحلل السياسي التونسي أن حديث الرئيس سعيد عن الحريات والضمانات الحقوقية ومنع الاستبداد يتناقض مع ما هو موجود في مشروع الدستور “اعتمادا على الصلاحيات شبه المطلقة للرئيس إلى جانب انفراده بكتابة مسودة الدستور متجاهلا حتى من استعان بهم من أساتذة القانون الدستوري” وفق تعبيره.

وأضاف محدثنا: “ما ورد في هذه الرسالة غير مقنع ولا أضنه سيحفز التونسيين على التصويت في الاستفتاء خاصة أن قسما كبيرا من الرأي العام يتساءل عن الحد الذي يجعل هذا الاستفتاء شرعيا على مستوى المشاركة وبأية نسبة من الأصوات الموافقة سيقع اعتماد النتائج.

وأوضح محمد الفوراتي أنه لا توجد إجابات واضحة بهذا الشأن سواء في مشروع الدستور أو في القانون الانتخابي الأمر الذي يفاقم من أزمة الثقة لدى الشارع التونسي في عملية الاستفتاء.

دعوة غير مؤثرة

الدعوة المباشرة إلى التصويت بنعم التي اختتم بها سعيد رسالته إلى التونسيين لن تكون مؤثرة بحسب محمد الفوراتي في إقناع فئات واسعة من الشعب التونسي الذي يتجه إلى المقاطعة.

وأوضح الفوراتي أن قيس سعيد في جل تصريحاته ومواقفه ربط حل الأزمات التي تعصف بالبلاد اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا بالدستور الجديد.

وقال الفوراتي: “أن يكون لدينا نص دستوري جديد فهو لن يمنع عنا الفقر والإرهاب والاستبداد فالمطلوب هو إرساء حالة من الاستقرار في البلاد ومعالجة الأزمات الاقتصادية والسياسية المتراكمة وبالتالي فإن الدستور لن يحل هذه المشاكل والقضايا المعقدة”.

واستبعد الفوراتي أن تنجح هذه الدعوة في التأثير في التونسيين في ظل الأوضاع الصعبة التي يعيشونها وتلاحق أزمات نقص السلع الأساسية والمعيشية والوقود وارتفاع الأسعار.

منطق التخوين

 وإجابة عن سؤال بوابة تونس بشأن من وصفتهم الرسالة بـ”من دأب على الادعاء والافتراء” ومدى اعتباره ردا ضمنيا موجها بشكل خاص إلى رئيس الهيئة الاستشارية الصادق بلعيد وأستاذ القانون الدستوري أمين محفوظ، قال محدثنا: “من الغريب أن يتهم الرئيس سعيد كل النخب من أساتذة القانون والمتخصصين بعدم الاطلاع على مشروع الدستور المقترح… مثل هذا القول استخفاف بأسماء في قيمة عياض بن عاشور والصادق بلعيد وغيرهم ممن أدلوا برأيهم انطلاقا من قراءتهم القانونية”.

واعتبر محدثنا في السياق ذاته أن أعضاء الهيئة الاستشارية ممن عملوا على وضع مسودة الدستور الأولى وكانوا من المقربين من سعيد لم يسلموا بدورهم من التخوين والتشويه، مضيفا: “المفروض أن يكون الدستور جامعا لأكبر عدد من القوى والنخب والفعاليات… لكن عندما يصبح محل خلاف وتبادل للتهم والتخوين  فهو يشير بكل وضوح إلى أن الرسالة واضحة من عنوانها”.