تونس سياسة

ذكرى الثورة… تونسيون يُطالبون برحيل سعيّد

دعا متظاهرون وفدوا من جهات مختلفة إلى العاصمة، السبت، الرئيس قيس سعيّد إلى التنحي عن السلطة، محملين إياه مسؤولية تدهور الأوضاع الاقتصادية والعطب السياسي الذي تمر به البلاد.

 وسط إجراءات أمنية مكثفة، السبت 14 جانفي/كانون الثاني، رفع آلاف المتظاهرين شعارات من بينها؛ “الشعب يطالب بإسقاط النظام” و”ارحل” و”حريات حريات دولة البوليس وفات”، تنديدا باستحواذ قيس سعيد على السلطة في البلاد.

وأفاد مراسلو بوابة تونس، أنّ قوّات الأمن استعملت القوّة لمنع تقدم المتظاهرين في شارع الحبيب بورقيبة (جبهة الخلاص) وفي شارع خير الدين باشا (الدستوري الحر)، ما خلّف إصابات في صفوف المحتجين.

 وجاءت الاحتجاجات بدعوات منفصلة من أطياف سياسية (جبهة الخلاص الوطني، الأحزاب الاجتماعية والدستوري الحر) وحقوقية ونقابية مختلفة، إحياء لذكرى الثورة الـ12، ورفضا لمسار قيس سعيد.

وكان سعيد حلّ البرلمان المنتخب في 2021 وبدأ إعادة تشكيل النظام السياسي، لكن ضعف الإقبال على انتخابات ديسمبر/كانون الأول لاختيار أعضاء مجلس تشريعي جديد دون صلاحيات، كشف عن الرفض الشعبي لما أجراه من تعديلات.

رحيل النظام

قال رئيس جبهة الخلاص الوطني -أكبر فصيل معارض- إنّ التونسيين الذين أحيوا اليوم ذكرى ثورة 14 جانفي، خرجوا للتظاهر من أجل استعادة الثورة والديمقراطية من “انقلاب قيس سعيّد”.

وأوضح الشابي أنّ خلاص التونسيين من الأزمة الاقتصادية والعطب السياسي، سيتحقّق برحيل قيس سعيّد عن السلطة، داعيا الاتحاد العام التونسي للشغل إلى الخروج عمّا سمّاه “سقف 25 جويلية” والالتحاق بالأحرار.

وأمام الحشود التي تجمعت في شارع الحبيب بورقيبة، قال الشابي إنّ المعارضة بكل أطيافها “اجتمعت اليوم من أجل الدفاع عن الثورة واستعادة الحرية، مؤكّدا أنّ تونس التي تتسم بالتنوع والتعدّد تتسّع للجميع.

وبيّن رئيس جبهة الخلاص الوطني أن تونس لم تشهد وضعا مزريا أو تضخما أو نقصا في المواد الأساسية والأدوية مثل الذي تعيشه اليوم، محمّلا سعيّد مسؤولية انهيار  الاقتصاد منذ توليه السلطة.

بدورها، قالت القيادية بالجبهة شيماء عيسى: “كنا في شارع الحبيب بورقيبة في 2011 حين كان سعيد يتقرب من حزب التجمع (بن علي)”، داعية التونسيين إلى مواصلة النضال لإسقاط ما سمّته “الدكتاتورية الجديدة”.

ومن أمام المسرح البلدي،  قال الأمين العام لحزب العمال حمة الهمامي، إنّ مصير الرئيس قيس سعيّد سيكون إمّا السجن أو الهروب من تونس مثل باقي الدكتاتوريين، في إشارة إلى الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي.

وأوضح الهمامي في تصريح لبوابة تونس، أنّ قيس سعيّد تنكّر لتاريخ الثورة التونسية ومنجزاتها واستحقاقاتها، مؤكّدا مواصلة الأحزاب السياسية النضال لتجنب مسار الرئيس، واستمرار المسار الثوري للنهوض بالوضع الاجتماعي والاقتصادي.

واليوم، نظم حزب العمال -إلى جانب مكوّنات الخماسي الديمقراطي الاجتماعي (التيار والتكتل والقطب والجمهوري)- وقفة احتجاجية أمام المسرح البلدي، تخليدا لذكرى الثورة ومطالبة بإسقاط نظام قيس سعيد.

بدورها، دعت القيادية بحزب التيار الديمقراطي، سامية عبو، إلى تنحي الرئيس قيس سعيّد عن السلطة من أجل إنقاذ البلاد بعد فقدانه الشرعية والمشروعية، واصفة انتخابه بـ”خيبة أمل”.

وأوضحت عبو أنّ سعيّد يعمل على تصفية الثورة والمنجز الديمقراطي، من أجل إرساء دولة الاستبداد والقمع، متعهدة بمواصلة الأحزاب الدفاع عن الحريات، قائلة: “سنكون له بالمرصاد”.

وفي سياق متصل، اتهمت رئيسة الحزب الدستوري الحر نظام سعيّد بانتهاك الحريات وقمع المظاهرات السلمية، فيما رفع أنصارها شعارات منها؛ “تزوير الإرادة الشعبية”، “الدولة التونسية على حافة الانهيار”، “البلد على أبواب الجوع”، “سنصنع ربيع تونس الوطني”.

بدورها، انتقدت منظمات حقوقية ونقابية -في وقفة احتجاجية أمام مقر النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، انتهاكات السلطة للحقوق والحريات، مندّدة بتدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية منذ تولي سعيّد السلطة.

ورفع المتظاهرون شعارات؛ “من أجل الحقوق والحريات”، “الثورة مستمرة”، “لا لمرسوم القمع 54″، “شغل حرية كرامة وطنية”، “لا تهميش لا إقصاء”.

بديل ثالث

واليوم، دعا الأمين العام لاتحاد الشغل نور الدين الطبوبي، النقابيين إلى الاستعداد لما سمّاها معركة وطنية لإنقاذ تونس.

وأكّد الطبوبي -على هامش انعقاد  المجلس الجهوي للاتحاد- أنّ موعد تحرّك المنظمة الشغيلة أصبح قريبا جدا، قائلا: “سندافع عن تونس بوجه مكشوف”.

وتابع: “تحرك المنظمة سيتعرض  لحملة تشويه من السلطة والمعارضة، لكن ذلك لا يوقف الاتحاد”، مضيفا:  “المنظمة ليست في حاجة إلي أيّ نقابي لن يشارك في تحركات الاتحاد المقبلة”.

وقال الطبوبي إن اتحاد الشغل يدافع عن الحريات ويناهض القمع، وإنه من حق الجميع التظاهر في الشارع، مشيرا إلى أن ما سماه المد الشعبوي غير قادر على التقدم بتونس، ولا بد من خيار ثالث، حسب رأيه.

وسابقا، أعلن اتحاد الشغل (أكبر تنظيم نقابي) بدء مشاوراته بالتنسيق مع تنظيمات أخرى، منها؛ الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان وهيئة المحامين، بشأن مبادرة للإنقاذ الوطني.

وتؤكّد الأحزاب السياسية المشاركة في فعاليات ذكرى الثورة أنّ رصيد سعيّد تآكل بسبب سوء إدارته الأزمتين الاجتماعية والاقتصادية، إذ تعاظم الاستياء من تدهور الحريات والأوضاع المعيشية.

وتعيش تونس على وقع أزمة اقتصادية غير مسبوقة، مدفوعة بتعثر مفاوضات حكومة نجلاء بودن مع صندوق النقد الدولي بشأن حزمة إنقاذ تقدر بـ1.9 مليار دولار، وارتفاع التضخم (10.1%) وبلوغ نسبة المديونية أكثر من 80% من الناتج المحلي، إضافة إلى العجز التجاري وتراجع قيمة العملة المحلية.