تونس

ذكرى أحداث ساقية سيدي يوسف… يوم اختلطت دماء الشهداء التونسيين بدماء الجزائريين


أحداث ساقية سيدي يوسف، تعود إلى تاريخ 8 فيفري/فبراير 1958، تمثّلت في اعتداء وحشي لقوات الجيش الفرنسي في إطار حرب الجزائر، على قرية ساقية سيدي يوسف، الواقعة في الحدود الجزائرية التونسية، كردّ فعل على الدعم التونسي للثورة الجزائرية، وأسفرت عن سقوط  70 شهيداً بين تونسيين وجزائريين منهم عشرات التلاميذ، و 148 جريحا من المدنيين.

و تحيي تونس و الجزائر هذه الذكرى الأليمة  بشكل سنوي في اليوم نفسه، ذكرى امتزجت فيها الدماء التونسية بالجزائرية.

الوقائع

تقع ساقية سيدي يوسف على الحدود الجزائرية التونسية على الطريق المؤدّية من مدينة سوق أهراس بالجزائر إلى مدينة الكاف بتونس وهي قريبة جدًا من مدينة لحدادة الجزائرية التابعة إداريا لولاية سوق أهراس، وبذلك شكلت منطقة استراتيجية لوحدات جيش التحرير الوطني الموجود على الحدود الشرقية في استخدامها كقاعدة خلفية للعلاج واستقبال المصابين والجرحى، ما جعل فرنسا تلجأ إلى أسلوب العقاب الجماعي وذلك بضرب القرية الحدودية الصغيرة.

وسبقت القصف عدة تحرشات فرنسية على القرية لكونها نقطة استقبال لجرحى الثورة التحريرية الجزائرية ومصابيها وكان أوّل تحرّش سنة 1957 إذ تعرضت الساقية يومي 1 و2 أكتوبر/ تشرين الأول إلى اعتداء فرنسي بعد أن أصدرت فرنسا قرارا يقضي بملاحقة الثوار الجزائريين داخل التراب التونسي بتاريخ 1 سبتمبر/ أيلول 1957 ثم تعرضت الساقية إلى اعتداء ثان في 30 جانفي/يناير 1958 بعد تعرّض طائرة فرنسية لنيران جيش التحرير الوطني الجزائري ليختم التحرشات بالغارة الوحشية يوم 8 فيفري/فبراير 1958 بعد يوم واحد من زيارة الحاكم العام للجزائر روبر لاكوست للشرق الجزائري.

اعتداء وحشي

يوم السبت 8 فيفري/فبراير 1958 هو يوم سوق أسبوعية بقرية ساقية سيدي يوسف ولم يكن المستعمر الفرنسي يجهل ذلك عندما اختار هذا اليوم بالذات لتنفيذ الغارة على القرية.وقد صادف ذلك اليوم حضور عدد هام من اللاجئين الجزائريين الذين جاؤوا لتسلم بعض المساعدات من الهلال الأحمر التونسي والصليب الأحمر الدولي.وقد كانت مفاجأة كل هؤلاء المدنيين كبيرة عندما داهم القرية حوالي الساعة الحادية عشرة سرب من الطائرات القاذفة والمطاردة.
واستهدف القصف دار المندوبية (المعتمدية) والمدرسة الابتدائية وغيرها من المباني الحكومية ومئات المنازل فيما كانت المطاردات تلاحق المدنيين.

ساعة من القصف


وتواصل القصف باستمرار نحو ساعة من الزمن مما حول القرية إلى خراب وقد بلغ عدد القتلى 70 منهم 12 طفلا أغلبهم من تلاميذ المدرسة الابتدائية و9 نساء وعون من الجمارك فيما بلغ عدد الجرحى 87 جريحا.

أما الخسائر المادية فتمثلت في تحطيم خمس سيارات مدنية منها شاحنات للصليب الأحمر الدولي والهلال الأحمر التونسي. وتحطيم المباني العمومية التالية : دار المندوبية، مركز الحرس الوطني، مركز الجمارك، إدارة البريد، المدرسة الابتدائية، إدارة الغابات وإدارة المناجم. وتحطيم 43 دكانا و97 مسكنا.

استهداف الصليب الأحمر

وقد كان مندوب الصليب الأحمر هوفمان حاضرا بساقية سيدي يوسف أثناء القصف، فقد وصل ومعاونوه حوالي الساعة العاشرة قصد توزيع الإعانات الغذائية وغيرها على اللاجئين الجزائريين، وقد كان بصدد زيارة مأوى اللاجئين صحبة المعتمد عندما وقع القصف.

وصرح في شهادته أن القاذفات الفرنسية التي هاجمت الساقية ودمرتها حطمت أيضا عربات الشحن التابعة للصليب الأحمر وهي أربع عربات: ثلاث عربات منها تابعة للصليب الأحمر السويسري وواحدة تابعة للهلال الأحمر التونسي وكلها مشحونة بالملابس المعدة لتوزيعها.تنديد دوليوقد نددت الصحف في مختلف أرجاء العالم بهذا العدوان الغاشم فكان حصاد فرنسا من هذه العملية إدانة المجتمع الدولي لهذا الاعتداء الغاشم، إضافة إلى هذه الجريمة النكراء.