مازال أصل فيروس كورونا يُشكّل لغزا حيّر العلماء، حيث ينكبّ عدد كبير منهم على البحث في أصله خصوصا بعد فشل بعثة منظمة الصحة العالمية في الكشف عن أصله خلال زيارتها لمدينة ووهان الصينية بؤرة انطلاق الفيروس.
التوصّل إلى أصل انتشار الوباء نقطة أساسيّة لاتّخاذ خطوات لتجنّب تفشّي المرض في المستقبل.
أغلب الدّراسات الحديثة اكّدت أنّ جينات فيروس كورونا مرتبطة بالسلالة الوبائية الموجودة في الخفاش و”آكل النمل الحرشفي” في جنوب شرق آسيا واليابان، أي أن الفيروس نشأ في هذين الحيوانين وانتقل إلى الإنسان بشكل مباشر أو من خلال حيوان وسيط.
فوضى صينية
منذ إعلان تفشّي وباء كورونا في مدينة ووهان الصينية، تعاملت السلطات الصينية معه بطريقة فوضويّة أساسها التكتّم، الأمر الذي أدّى لانتشاره خارج الصين.
وترجّح دراسة جديدة بأن التغيير في حمض أميني واحد في مكوّن رئيسي للفيروس قد ساهم أو على الأقل ساعد الفيروس في أن يصبح معديا للبشر.
فرضيّة تطور الفيروس في المخابر
طرح مسؤولون فرضية أخرى هي احتمالية انتشار الفيروس نتيجة حادث مخبري في معهد ووهان لعلم الفيروسات، وهو منشأة معملية تجري أبحاثا على فيروسات الخفافيش التاجية.
ورغم أنّ بعض أعضاء فريق منظّمة الصحة العالمية اعتبر أنّ وقوع حادث معمل أمر بعيد الاحتمال للغاية للوباء، إلا أنّ قائد الفريق الذي ترأس بعثة المنظمة لووهان، بيتر بن مبارك، قال الأسبوع الماضي: إنّ فرضية المختبر “بالتأكيد ليست خارج الطاولة” وأقرّ بأن الفريق يفتقر إلى المعلومات التي يحتاجها لإجراء تقييم كامل.
وقال ابن مبارك، خلال ندوة نظّمتها جامعة سنغافورة الوطنية: “لم نقم بمراجعة أي من هذه المعامل ، لذلك لا نملك حقائق ثابتة أو بيانات مفصلة عن العمل المنجز”.
سلالة سابقة
يبحث العلماء عن سلالة سابقة للفيروس، مطابقة بنسبة 99 % لفيروس كوفيد-19 لكنّها غير معدية بالنسبة للبشر. يبحث وانغ برفقة زملائه طرق استخدام فحوصات الدم لتحديد الأجسام المضادّة وعزلها، وهي المتخصّصة بمنع العدوى وتدوم لوقت أطول في أجسام المصابين بالعدوى الفيروسية.
وباستخدام هذه الفحوصات تمكّن وانغ وفريقه من تحديد الأجسام المضادّة التي منعت الإصابة بفيروس كورونا في الخفافيش وآكل النمل الحرشفي بتايلند، ما قد يعني أن الحيوانات تعرّضت لنسخة من الفيروس شبيهة بالمتسبّب بالجائحة.
وأظهرت دراسات أخرى وجود فيروسات من نفس عائلة “سارس-كوف-2” في عيّنات من لعاب الخفافيش وبرازه في كمبوديا واليابان.
وكشفت دراسة حديثة بأنّ تغيّر المناخ المرتبط بالنشاط البشري تسبّب بتحوّلات كبيرة في غابات جنوبي الصين، ومنطقة جنوبي شرقي آسيا، ما أدّى إلى انتقال أنواع متعدّدة من الخفافيش من مواقعها الأصلية إلى أماكن أخرى، وبالتالي انتقال الفيروس عبْر الخفافيش لمواقع جديدة.