طالب النائب المستقلّ رضا الجوادي أمس الخميس 12 نوفمبر، رئيس المحكمة الإدارية بتقديم توضيحات حول ما تداوله بعض الحقوقيين بشأن وجود خزانة سوداء تُقبر فيها الملفات الحسّاسة ذات المنحى السياسي.
وأفاد الجوّادي خلال جلسة عامة بالبرلمان للحوار مع رئيس المجلس الأعلى للقضاء، بأنه قد تعرض إلى ما وصفه بالمظلمة في المحكمة الإدارية، حيث أنه تقدّم منذ سنة 2015 بقضية ولم تُعيّن إلى حدّ اليوم الجلسة الأولى.
وعبّر عن تساؤله ما إذا كانت هناك ضغوطات سياسية في هذا الملف، خاصّةً وأنّه تمت تسوية قضايا مماثلة والحُكم فيها، وفق تعبيره..
في المقابل، قال رئيس المحكمة الإدارية عبد السلام المهدي قريصيعة إنّه لا وجود لخزانة سوداء ولا لخزانة بيضاء، حسب قوله، وإنّ كل القضايا تأخذ مجراها العادي.
قضايا مقبورة
هذه ليست المرّة الأولى الّتي تُتّهم فيها المحكمة الإداريّة بقبر القضايا وعدم البتّ في قضايا حسّاسة.
وزير أملاك الدّولة والشؤون العقارية الأسبق غازي الشّواشي صرّح في وقت سابق أنّ مروان المبروك صهر الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي له غطاء صلب المحكمة الإدارية يُعطّل في كلّ مرّة قرار مصادرة أملاكه في النزاع القائم بينه وبين الدّولة منذ 9 سنوات.
واضاف الشواشي أنّ عديد الأملاك الّتي تعود لعائلة بن علي وأصهاره لم تتمكّن الدّولة من استرجاعها بعد مرور حوالي 10 سنوات عن الثّورة بسبب تعطيلات إداريّة تمنع من استردادها والتصرّف فيها.
في جويلية الماضي، أعطت وزارة العدل تعليماتها للتفقدية العامة بفتح بحث إداري بخصوص ما ورد في بلاغ رئاسة الجمهورية حول ” اختفاء” ملف بحث أمني يتعلق بحادث مروري لسيارة النهضة لوزير النقل السابق أنور معروف-كانت تقودها ابنته- من أروقة المحكمة الابتدائية بتونس.
وتمّ الاستماع إلى الأطراف المسؤولية بذات المحكمة حول ملابسات هذا ” الاختفاء ولم يتمّ البتّ في هذه القضيّة إلى اليوم.
في 2011، أحال وزير الدّاخلية الأسبق فرحات الرّاجحي 42 أمنيًّا على التقاعد الوجوبي في عملية سماه بـ”التطهير” متّهمًا المجموعة بالفساد والتّآمر على أمن الدولة.
في 2012 ، أصدرت المحكمة الإدارية حكمًا بإلغاء قرار الإحالة على التقاعد الوجوبي وإنصاف البعض منهم بالعودة إلى عمله، ودعوا إلى مقاضاة وزير الداخلية ورئيس الجمهورية باعتبارهما المسؤولين عن عدم تنفيذ أحكام المحكمة الإدارية، إلّا أنّ القضيّة قُبرت في الرّفوف.
هيئة الحقيقة والكرامة
في قضية أخرى، أصدر الرئيس الأول للمحكمة الإدارية حُكمًا لصالح نائب رئيس هيئة الحقيقة والكرامة زهير مخلوف الذي أُعفي من مهامه، لكنّ رئيسة الهيئة سهام بن سدرين لم تعترف بالحكم الصادر عن المحكمة الإدارية لصالح مخلوف.
وكان زهير مخلوف قد كشف عن تجاوزات ادعى أن بن سدرين ارتكبتها. أهمها أن هيئة بن سدرين قررت إحالة 1200 قضية على القضاء متّهمةً أمنيّين بالقتل العمد والتّعذيب وهو ما اعتبره مخلوف آنذاك انتقامًا من المؤسسة الأمنية.
السلطة طرف في النّزاع
في دراسة أعدّها الرئيس الشرفي لاتحاد القضاة الإداريين أحمد صواب والقاضي بالمحكمة الإدارية فراس الوكيل أنّ عدم تنفيذ الأحكام القضائية في النّزاعات الإدارية يبقى مشكلًا مطروحًا بل يمثّل نقطة ضعف القانون الإداري طالما يبقى تنفيذ الأحكام من مشمولات الإدارة والّتي تكون في غالب الأحيان طرفًا في النّزاع.
وطرحت الدّراسة تساؤلًا حول الجدوى من إحداث هذا النّوع من القضاء ومدى نجاعته كجهاز يُعلّق عليه المواطن آمالًا كبيرةً لحمايته من تجاوزات بعض الإدارات، رغم ما يتمتّع به القضاء من نزاهة ومصداقيّة وإنصافه للمتقاضين في أغلب القضايا، إلّا أنّ الإشكاليّة تبقى في تنفيذ القرارات.