أستاذ القانون الدستوري الصغيّر الزكراوي يوضّح لبوابة تونس المسارات القانونية المتاحة أمام المرشّحين الذي وقع رفض إعادتهم إلى السباق الرئاسي
قال أستاذ القانون الدستوري الصغير الزكراوي، إنّه لا توجد درجة من التقاضي على مستوى القانون التونسي، تتيح للمرشّحين الذين وقع رفض إعادتهم إلى السباق الرئاسي، إجبار هيئة الانتخابات على تنفيذ قرار المحكمة الإدارية، مشيرا في السياق ذاته، إلى أنّ فرضية اللجوء إلى تدويل الملف، قد تنتج عنه أحكام “غير ملزمة التنفيذ”.
وعلّق الزكراوي في حديث لبوابة تونس عن إعلان المرشّحين المرفوضين وهم عبد اللطيف المكي وعماد الدائمي والمنذر الزنايدي، عن “مواصلة جميع المساعي القانونية للدفاع عن حقهم في الترشّح”، موضّحا الفرضيات القانونية المتاحة أمامهم بعد رفض هيئة الانتخابات تنفيذ قرار المحكمة الإدارية.
واعتبر أستاذ القانون الدستوري أنّ الجدل المتعلق بآجال تسليم قرار المحكمة الإدارية، “بيزنطي وفي غير محله”، مضيفا أنّ القراءات القانونية محسومة، باعتبار أنّ المحكمة الإدارية قامت بدورها وسلمت منطوق الحكم في الآجال المحددة، قبل أن يقع يوم أمس تبليغ هيئة الانتخابات بنسخة قانونية من الحكم.
وتابع: “النصوص واضحة في هذا المجال، ولكن المسألة تتعلق برفض هيئة الانتخابات تنفيذ القرار، وبالتالي فإنّ طبيعة المعركة سياسية، لكنها تخاض وتدار بإجراءات قانونية”.
مسألة وطنية ذات بعد سياسي
وعلى صعيد المساعي القانونية التي يمكن أن ينتهجها المرشّحون المستبعدون، بيّن الصغير الزكراوي أنّه على صعيد القانون التونسي، لا توجد آفاق أخرى، أو درجة من التقاضي للنظر في مثل هذه المسألة، باعتبار أنّ القضية تتعلق بتنفيذ حكم، و”لا يمكن إجبار هيئة الانتخابات على تنفيذه بالقوة العامة على سبيل المثال”.
ولفت الزكرواي إلى أنّه في الحالات العادية المتعلقة برفض الإدارة تنفيذ حكم صادر عن المحكمة الإداري، كان يقع اللجوء إلى الموفق الإداري، والذي يتواصل مع الوزارات المعنية، ولكن “القضية في هذه الحالة تتعلق بمسألة وطنية ولها بعد سياسي”.
وأضاف: “استبعد وجود إجراء قانوني في علاقة بعدم تنفيذ القرار من قبل هيئة الانتخابات، على الرغم من وجود فرضية الطعن في القائمة النهائية للمرشّحين، وطلب إيقاف التنفيذ، لكن لا أتصور أنّ المحكمة الإدارية يمكن أن تتدخّل في نزاع ذي بعد سياسي، باعتبار أن الأحكام التي صدرت عنها تكرّس الدفاع عن القانون، كما أكّدت في بيان صادر عنها أنها ليست في صراع مع أيّ طرف”.
وذكّر محدثنا بأنّ دور هيئة الانتخابات يتمثل في الإشراف على المسار الانتخابي وضمان سلامته وشفافيته، ولكن تحت رقابة المحكمة الإدارية.
وحذّر الزكرواي من أنّ قرار هيئة الانتخابات ستكون له تداعيات سلبية، من حيث “زيادة حجم الاحتقان والتوتر على المستوى السياسي”، كما سيؤثّر في “سمعة تونس في الخارج، ما قد يعقد من إمكانية حصولنا في المستقبل على القروض من المانحين، فضلا عن تردّد المستثمرين الأجانب في إقامة المشاريع”، وفق قوله.
المحكمة الإفريقية ومجلس حقوق الإنسان
وإجابة عن سؤال بوابة تونس بشأن فرضية اللجوء إلى القضاء الدولي، والتي تداولتها بعض الأطراف السياسية، بشأن إمكانية رفع دعوى أمام هيئات قانونية دولية من بينها المحكمة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، أوضح الصغير الزكراوي أنّ مثل تلك الهيئات قد “تصدر أحكاما تشكل ضغطا سياسيا، لكنها غير ملزمة بالنسبة إلى سلطة الإشراف في تونس”.
واستطرد: “مثل هذه الهيئات القضائية الدولية، قد تكون وسيلة للضغط وتحرج السلطة، لكنها لا تؤدي إلى نتيجة ملموسة، ولا تستطيع أن تفرض عليها تنفيذ قراراتها”.
وعن الهيئات الدولية المعنية بالنظر في مثل هذه القضايا، بيّن الزكراوي أنّها تشمل بشكل رئيسي المحكمة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، والتي سبق لها أن أصدرت قرارات بشأن تونس -وفق محدثنا- إلى جانب مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، والتي تعتبر أن حق الترشّح سياسيا هو حق من حقوق الإنسان، ومن الممكن رفع دعاوى أمام هذه الهيئات.
ورجّح الزكراوي أن يخصّص مجلس حقوق الإنسان دورة لمناقشة الوضع السياسي في تونس، في صورة التقدّم بدعوى في هذا السياق، بعد أن سبق له أن تداول في الفترة الماضية بشأن واقع الحقوق والحريات في البلاد.