حمّل أستاذ الاقتصاد والخبير المالي، عز الدين سعيدان، مسؤوليّة أزمة المواد الأساسيّة للمؤسسات العموميّة، بسبب احتكارها للتصرّف في هذه المواد، مشيرا إلى أن هذه المؤسّسات أصبحت عاجزة وغير قادرة على توفير المواد الأساسيّة في السوق التونسيّة، والسبب الأساسي في ذلك أزمة الماليّة العموميّة التي تمّ تصديرها لهذه المؤسّسات.

وأضاف سعيدان، في حوار لإذاعة “شمس”، اليوم الثلاثاء 1 أوت، أنّ المؤسّسات العموميّة خسرت ثقة مزوِّديها في الخارج، ثمّ خسرت ثقة البنوك في الداخل والخارج، مشيرا إلى أن أبرز مثال على ذلك وضعيّة ديوان الحبوب المسؤول الوحيد عن استيراد الحبوب من الخارج، والذي يجد نفسه عاجزا عن تسديد التزاماته.

وأرجع سعيدان السبب إلى عجز ميزانيّة الدولة عن ضخّ الفرق بين سعر الاستيراد من الخارج والبيع في الداخل، وامتناع البنك الوطني الفلاحي مثلا عن فتح اعتمادات للديوان بسبب تراكم الديون لديه، والتي بلغت 5 مليارات دينار، مشيرا إلى أن هذه الديون تفرز سنويّا فوائد بـ 550 مليون دينار واجبة السداد من طرف ديوان الحبوب، وهو غير قادر على ذلك، وفق تعبيره. 

واعتبر أن تعامل السلطة مع منظومة الحبوب خاطئة من الأساس، كاشفا أن الدولة حصلت منذ 4 أشهر على قرض من البنك الدولي يُسدَّد دفعة واحدة بعد 18 سنة من أجل تعزيز منظومة التصدّي لمشكلة الحبوب. وتساءل: “أين التصدّي وأين المنظومة؟”، مؤكّدا أن القرض تمّ صرفه في مشتريات حبوب تمّ استهلاكها، وصرّح قائلا: “هناك سؤال أخلاقي وسياسي في هذا السياق: من سيسدّد هذا القرض بعد 18 سنة؟”، مشدّدا على أن اعتذار وزير الاقتصاد للأجيال القادمة لا يكفي.

وتساءل الخبير المالي عن وجود استراتيجيّة حبوب، نافيا أن يكون هناك سياسة أمن غذائي في البلاد. واستعرض سعيدان وضعيّة الحبوب الحاليّة، مشيرا إلى أن انتاج تونس من الحبوب لهذا الموسم بلغ 2.7 مليون قنطار ستُوجّه كلّها للبذور فقط، وهو ما يعني أن على تونس توريد 100٪ من حاجياتها من الحبوب، وهو ما يعني ضرورة توفير 4 مليارات دينار لتمويل هذا التوريد بالأسعار العالميّة الموجودة حاليّا، وهي مرشّحة للارتفاع.