اقتصاد تونس

خبراء: تعليق القروض طويلة الأمد يعكس تخوّف البنوك وعلى الدولة التحرّك

مختصّون في الاقتصاد يحذّرون من تداعيات تعليق القروض طويلة الأمد على قطاع السكن ويطالبون الدولة بالتدخّل

اعتبر أستاذ الاقتصاد في الجامعة التونسيّة رضا الشكندالي، أن “تعليق القروض لأكثر من 15 سنة من طرف البنوك التونسية يعكس تخوفاتها من الفصل 412 من المجلة التجارية والذي يفرض عليها بعد 3 سنوات من منح هذه القروض التخفيض في نسبة الفائدة إلى النصف.

وأثار توجه البنوك الخاصة في تونس نحو تعليق منح القروض الجديدة التي يتجاوز أجلها 15 عامًا لتجنب تقلص أرباحها، جدلا كبيرا، وذلك إثر كشف مصادر مصرفيّة أنّ هذا التعليق تم بناءً على تعليمات شفهية لتجنب أي أثر كتابي قد يدفع السلطات المالية إلى فرض عقوبات على البنوك، وفقها.

وكان القانون عدد 41 لسنة 2024 المؤرخ في 2 أوت 2024 والمتعلق بتنقيح بعض أحكام المجلة التجارية وإتمامها قد نص في فصله 412 ثالثًا (جديد) على “التخفيض في نسبة الفائدة الثابتة المنطبقة على القرض الجاري سداده أو القرض الجديد، والذي تتجاوز المدة الجملية لتسديده سبع سنوات، إذا تبيّن أن القيمة الجملية للفوائض التعاقدية المستخلصة خلال الثلاث سنوات السابقة لتاريخ تقديم مطلب التخفيض من المقترض تجاوزت نسبة ثمانية بالمائة من باقي أصل الدين دون اعتبار الفوائض المذكورة.

وأضاف الفصل المذكور أنه “على المصرف أن يضبط، في أجل أقصاه خمسة عشر يومًا من تاريخ تقديم المطلب، جدول استهلاك جديد على قاعدة باقي أصل الدين غير المستخلص دون اعتبار الفوائض التعاقدية، ومدة السداد المتبقية ونسبة فائدة جديدة تساوي حاصل ضرب النسبة السابقة للفائدة المعتمدة في ضارب تعديلي يساوي 0.5”.

قرار يهدّد قطاع السكن

وفي تدوينة على حسابه بفيسبوك بين الشكندالي، أن “هذا التصرّف وإن له ما يبرره من ناحية مردودية هذه القروض بالنسبة إلى البنوك، فهو سيعصف بما تبقى من قطاع السكن.

وأشار أستاذ الاقتصاد، إلى أنه “على الدولة أن تتحمل مسؤوليتها كاملة حتى لا يجوع الذئب (البنوك التي تحتاجها الدولة لتمويل نفقاتها) ولا يشتكي الراعي (المواطن المسكين والذي له الحق على الأقل في امتلاك مسكن)”، وفق ما جاء في التدوينة.

وأكد أنه “لا بد من التسريع في مراجعة السياسة النقدية عبر تغيير القانون الأساسي للبنك المركزي حتى تكون هذه السياسة دافعًا مهمًا للاستثمار خاصة في قطاع البناء وبالتالي دافعًا مهمًا للنمو الاقتصادي”، على حد قوله.

أرباح البنوك في خطر

في السياق ذاته أكد الخبير المحاسب أنيس الوهابي، أن “تعليق البنوك في تونس منح القروض الجديدة التي يتجاوز أجلها 15 عامًا جاء بسبب تنقيح بعض فصول المجلة التجارية مؤخرًا “ما يعرف بقانون الصكوك” دون الأخذ بعين الاعتبار، للتداعيات الاقتصادية والمالية”، وفق تأكيده.

وأوضح أنيس الوهابي، في تصريح لموقع “الترا تونس” أمس السبت 12 أفريل 2025 أن “التنقيح الجديد، المتعلق ببعض فصول المجلة التجارية ينص في أحد فصوله على تمكين صاحب القرض الجاري بنسبة فائدة ثابتة الذي تتجاوز مدة تسديده 7 سنوات، من تقديم مطلب إلى البنك يمكنه من تخفيض بنسبة 50 ٪ في نسبة الفائدة”.

وبين أنه “بموجب هذا الإجراء ستنخفض مداخيل البنوك وأرباحها من سداد هذه القروض الممنوحة بنسب الفائدة الثابتة إلى النصف، وبالتالي فإنها ستعلق منح القروض بنسب فائدة ثابتة وهو ما تم فعلاً.

وأشار إلى أن “مذكرة قديمة صدرت سابقًا عن البنك المركزي التونسي، تفيد أن القروض التي يتجاوز أجل سدادها 15 سنة تصبح نسبة فائدتها ثابتة بصفة آلية.

وأضاف الوهابي أن “البنوك توجهت نحو تعليق منح القروض الجديدة التي يتجاوز أجلها 15 عامًا لتجنب تقلص أرباحها وذلك إلى حين تنقيح القانون.

وبين الوهابي أن “التنقيح الأخير لا معنى له اقتصاديًا ولا بدّ من تعديله، أخذًا بعين الاعتبار لهذه الإشكاليات”.

ولفت إلى أن “تنقيح القانون تم دون الأخذ بعين الاعتبار لتداعياته الاقتصادية.

وأضاف الخبير المحاسب أن “المواطن التونسي لم يعد بإمكانه الاقتراض من البنوك بالنسبة إلى القروض التي يتجاوز أجلها 15 عامًا”.

واعتبر أن “هذا سيؤثر بشكل خاص في القروض الموجهة نحو اقتناء مسكن.

وأوضح أن “القروض الاستهلاكية الأخرى يكون أجل سدادها  أقل من 15 سنة، كما أن القروض الموجهة إلى تمويل المؤسسات على سبيل المثال تكون بنسبة فائدة متغيرة.

واعتبر أنه “من غير الممكن سن أي قانون في البلاد يجبر البنوك على تحمل كلفة القروض التي تسديها، كما لا يمكن إجبار أي تاجر على بيع منتجات بسعر أقل من كلفة اقتنائها وتكبّد خسارة مالية”، وفق تأكيده.