اقتصاد تونس

خبراء اقتصاد يعلّقون على الزيادة في المحروقات

أثارت الزيادة في سعر المحروقات التي أقرّتها الحكومة، أمس الأربعاء 23 نوفمبر/تشرين الثاني، جدلا واسعا على منصّات التواصل الاجتماعي، وذلك في وقت عرفت فيه سوق النفط العالمية هبوطا ملحوظا.

وأمس الأربعاء، أعلنت وزارتا الطاقة والمناجم والتجارة وتنمية الصادرات، في بيان مشترك، زيادة في أسعار المحروقات بدأت اليوم.

وأرجعت الوزارتان الزيادة إلى ارتفاع أسعار الطاقة في السوق العالمية التي تشهد اضطرابات تتعلّق بتقلص الإمدادات جرّاء الغزو الروسي لأوكرانيا، وارتفاع كلفة توريد المواد البترولية.

وتقول الحكومة التونسية في بياناتها، إنّ عجز ميزان الطاقة وصل إلى 6 مليار دينار في الأشهر الثمانية الأولى من عام 2022 ، مقابل 2.9 مليار دينار العام الماضي.

ومنذ بداية العام الجاري، رفعت الحكومة أسعار المحروقات في أربع مناسبات سابقة، كانت الأولى في الأول من فيفري/فبراير، والثانية في الأول من مارس/آذار، والثالثة فكانت في 14 أفريل/نيسان، فيما كانت الرابعة منتصف سبتمبر/أيلول الماضي.

وتعليقا على الزيادة الأخيرة التي أقرّتها الحكومة، أكّد الخبير الاقتصادي عزالدين سعيدان في تصريح خاصّ ببوابة تونس، أنّ الترفيع الأخير في أسعار المحروقات يأتي في إطار سعي الدولة إلى تخفيض عجز الميزانية.

وأضاف سعيدان أنّ توضيح وزارتي الطاقة والمناجم والتجارة وتنمية الصادرات بشأن إقرار الزيادة، غير مبرّر خاصّة أنّ النفط انخفض إلى حدود 85 دولار للبرميل، مبيّنا أنّ بيان الوزارتين أشار إلى تضارب الإمدادات، وهو أمر لم يحدث ولم يشر إلى زيادة الأسعار.

وعن ربط الأسعار بالإصلاحات الاقتصادية في تونس، أشار عزالدين سعيدان إلى أنّ الحكومة الحالية لم تطرح استراتيجيات أو برامج تنموية قادرة على تغيير الأوضاع، مضيفا أنّ إجراءاتها اقتصرت على الترفيع في أسعار المحروقات (للمرّة الخامسة).

وأكّد الخبير الاقتصادي أنّ تقويم المالية العمومية وإصلاح الإخلالات، لا يكونان بترفيع الأداءات والضرائب بل بإنقاذ الاقتصاد ورافعاته، مشيرا إلى أنّ تونس فقدت 3 مهام أساسية للتنمية؛ خلق الثروة والنمو ومواطن الشغل.

وأوضح سعيدان أنّ الضرائب وترفيع الأسعار لا تحقّق انتعاشة في المالية العمومية عكس نمو رافعات الاقتصاد الوطني بمجالاته المختلفة، مشيرا إلى أنّ مخصّصات الاستثمار بلغت 3% من ميزانية الدولة في قانون  المالية الجديد.

بدوره، أشار الخبير الاقتصادي عبدالجليل البدوي في تصريح خاصّ ببوابة تونس، إلى أنّ قرار الترفيع في سعر المحروقات، سياسي بدرجة أولى ويأتي ضمن سياسة الدولة المتعلّقة برفع الدعم تدريجيا.

وتعرف تونس أزمة اقتصادية ومالية غير مسبوقة مسّت كل القطاعات من بينها المحروقات، إذ شهد أكتوبر/تشرين الأول شحّا في الوقود بالمدن الكبرى ونقصا في التزويد بمادة البنزين، استمرّا لعدّة أيام، مما تسبّب في إرباك حركة النقل بالبلاد.

وقال البدوي إنّ القرار موجود ومبرمج حسب منظومة التعديل الآلي المعروفة، مضيفا أنّ صعود الأسعار عالميا يقابله عادة الترفيع محليا بنسب معلومة، لكن الزيادة الأخيرة جاءت في وقت تراجعت فيه أسعار النفط في الأسواق العالمية ولو بشكل طفيف.

وأوضح الخبير أنّ الهدف من وراء الترفيع الأخير ليس التأقلم مع تقلّبات الأسعار على المستوى العالمي، بل هو إجراء يؤكّد ذهاب الحكومة نحو خيار رفع الدعم بشكل نهائي عن المحروقات.  

وأوضح البدوي أنّ الإجراء يُوحي بأنّ الحكومة أرسلت مؤشّرات إلى صندوق النقد الدولي بعد الاتّفاق الفني بينهما، بأنّها تسير في الاتّجاه الصحيح (تنفيذ شروط المؤسّسة المانحة).

وكان قانون المالية التعديلي لسنة 2022 الذي نُشر أمس بالرائد الرسمي، أوضح أنّ 87.6% من مداخيل ميزانية الدولة (41.13 مليار دينار) متأتّية من الجباية.