خاص ببوابة تونس: ممتلكات اليهود في تونس ومطالب إسرائيل بالتعويض عنها...رجال القانون والمؤّرّخون يقولون كلمتهم
tunigate post cover
ثقافة

خاص ببوابة تونس: ممتلكات اليهود في تونس ومطالب إسرائيل بالتعويض عنها...رجال القانون والمؤّرّخون يقولون كلمتهم

2021-01-11 21:19

لطفي النايب


أكثر من 110 آلاف يهودي تونسي عاشوا في تونس في مختلف المدن، على فترات تاريخية مختلفة قبل الميلاد، بنوا معبد الغريبة بجزيرة جربة الذي يعد أقدم كنيس يهودي في إفريقيا، وبعضهم لاذوا بتونس بعد طردهم من إيطاليا وإسبانيا مع المسلمين الأندلسيّين.

يهود تونس لم يبق منهم سوى 1500 فرد وفق ما صرّح به بيريز الطرابلسي رئيس الجالية اليهودية في تونس. فأين ذهب الآخرون ولماذا وما قصّة مطالبتهم بأملاكهم في تونس؟

يهود تونس أصبحوا أقلية

حتى خمسينيات القرن العشرين كان تعداد اليهود في تونس يمثّل عُشُر السكّان، عاشوا خاصة في العاصمة تونس وحلق الوادي وسوسة والمنستير وجزيرة جربة وقابس. كان نشاطهم تجاريا في ميدان الصياغة والطباعة والنسيج، في تعايش تام مع المسلمين.

أولى الأحداث التي زعْزعت الكيّان اليهودي في تونس ما يُعرف بنكسة 1967 والعدوان الإسرائيلي على سوريا ومصر والأردن.

النكسة قابلها التونسيون بألم كبير، ذهب بعضهم إلى حد ممارسة العنف ضد يهود تونسيين، وعاشت تونس حينذاك حادثة حرق الكنيس اليهودي في العاصمة واعتداء على ممتلكات ومحلات لليهود.

هذه الأحداث جعلت من بعض يهود تونس يغادرون الوطن الأم تونس ويتجهون نحو إسرائيل أو فرنسا، كان عددهم 22 ألف يهودي وفق بعض المؤرخين.

ثم اندلعت حرب أكتوبر 1973 فتجددت الاعتداءات على بعض اليهود في تونس كردة فعل على اعتداء إسرائيل على العرب في تلك الحرب، حينذاك، كان النزوح الكبير باتجاه إسرائيل ولم يبق من يهود تونس سوى 10 آلاف، يقول بعض المؤرخين.

ومنذ ذلك الوقت تناقص عددهم إلى أنْ أصبح في حدود 1500 يهودي تونسي يعيش أغلبهم في جزيرة جربة.

وقال رئيس الجالية اليهودية بيريز الطرابلسي في تصريحه لبوابة تونس: مهما جرى من أحداث ضدّ اليهود في تونس رفضت المغادرة، نحن نعيش في سلام هنا ونتمتّع بكل حقوقنا والحكومة تقوم بواجبها على أكمل وجه معنا.

تركوا ممتلكاتهم وهربوا بأجسادهم

فراراً من توتّر الأوضاع وخوفا من ردّة فعل التونسيّين، كانت مغادرة اليهود تونس قسراً، فقد تركوا ممتلكاتهم وهربوا بأجسادهم إلى إسرائيل خاصة.

وتتمثّل ممتلكات اليهود في: عقارات وأراضٍ وحسابات بنكية وذهب وفنادق وبعض الأراضي الفلاحية وفق مصادرنا.

يقول بيريز الطرابلسي: إنّ اليهود كانوا يمتلكون في كامل أنحاء البلاد بفضل ثرائهم، وكانت عقارات ومباني العاصمة تونس خاصة على ملكهم، لكنهم فرّوا وتركوها، حيث أنّ بعضهم رحل وما في جيبه دينار رغم أنه خلّف وراءه أرزاقا بملايين الدينارات.

الباحث عبد الستّار عمامو قال في تصريح لبوابة تونس: إنّ بعض اليهود باعوا ممتلكاتهم لتونسيّين مسلمين قبل رحيلهم، ومنهم من كتب رزقه لجيرانه أو عمّاله من التونسيّين المسلمين من منطلق الاستفادة منه أفضل من نهبه.

ويواصل عمامو: بعض العقارات والدكاكين التي تركها أصحابها استولى عليها تونسيّون مسلمون وأصبحت ملكهم بحكم رحيل أصحابها اليهود إلى الأبد.

وحسب نفس المصدر دائما، هدم العديد من المعابد اليهودية في تونس العاصمة والكاف والمنستير وسوسة وغيرها  واستُغلّت لأغراض أخرى. بعض أسواق العاصمة على ملك يهودي على غرار سوق « القرانة » وسط المدينة العتيقة، وهو الآن امتداد لسوق سيدي محرز و »تياترو كوهين » في شارع روما بالعاصمة، كذلك هو على ملك يهود إضافة إلى نزل « الماجستيك«  وثلثي منطقة حلق الوادي، كلّها ممتلكات يهود تونس القدامى بحسب عمامو.

إسرائيل تريد تعويضات عن ممتلكات مواطنيها

وزير أملاك الدولة الأسبق حاتم العشي أثار موضوع مساعي إسرائيل للحصول على تعويضات عن ممتلكات اليهود التونسيّين الفارين وذلك في تدوينة على صفحته عبر فيسبوك.

حاتم العشي صرّح لبوابة تونس بأنّ سفيرة الاتّحاد الأوروبي بتونس لورا بايزا قد أعلمته سنة 2015، برغبة إسرائيل في الحصول على تعويضات وأكّد أنّ الحديث كان جانبيا ولم يكن طلبا رسميا.

العشي أفادنا بأنّ رئيس الحكومة الحبيب الصيد آنذاك على علم بالموضوع رغم أنه لم يُعلمه بما قالته السفيرة الأوروبية. وأكّد أن الموضوع مطروح لأن إسرائيل انطلقت في العمل على الحصول على تعويضات عن ممتلكات مواطنيها اليهود في العديد من البلدان مثل المغرب والجزائر.

وأضاف قائلا: إسرائيل قامت بحصر أسماء اليهود التونسيّين الذين هاجروا خلال فترة ما بعد الاستقلال وتحصي ممتلكاتهم عن طريق لجنة يهودية بتونس. كما تسعى إسرائيل إلى تدويل الموضوع وطرحه على مستوى دولي لأنها تدرك أنّ قيمة ممتلكات مواطنيها في تونس كبيرة جداً.

وزير أملاك الدولة أفادنا بأنّ ممتلكات اليهود في تونس يصعب حصرها لكنها بالآلاف وأنّ بعض الممتلكات سُوّيت وضعيتها، فيما لا تزال ملفات أخرى قيد دراسة القضاء على غرار أقدم نزل في العاصمة تونس، وهو نزل الماجستيك.

وأوضح العشي أنّ ممتلكات اليهود ذات قيمة عالية وأنّ مطالبة أكثر من 100 ألف يهودي بتعويض عن ممتلكاتهم سيكلّف تونس ضعف ميزانية الدولة.

وفي هذا الإطار، أكّد محدّثنا أنّ هناك من طالب بحقّه لدى المحاكم التونسية واسترجع حقّه وأنّ أيّ يهوديّ يريد استرجاع ممتلكاته أو تعويضات عليه التقدّم للقضاء التونسي بصفة فردية، وأنّ إسرائيل ليس لها الحق في تبني مطالب يهود تونس القدامى، خاصّة وأنّ الممتلكات مدوّنة بالسجلات العقارية التونسية بأسماء يهودية وجنسيات تونسية.

العشي أكّد أنّ هناك رسوم عقارية لازالت باسم اليهود وتحت تصرّف تونسيّين مسلمين، لكنّهم غيْر قادرين على ملكيتها بحكم صيغتها العقارية.(titre bleu) 

التطبيع سيورّط تونس إلى الأبد

بالنظر إلى القانون التونسي الذي يمنع التوارث بين المسلمين واليهود ووجود عدّة ممتلكات يهودية مسجلة باسمهم  تحت تصرّف تونسيّين، قال الفقيه ورجل القانون عبد الفتّاح مورو في تصريح لبوابة تونس: إنّ القانون الدولي يسمح للدولة بانتزاع الممتلكات اليهودية التي تحت تصرّف تونسيّين دون موجب قانوني بعد مرور 5 سنوات من رحيل أصحابها.

أما بخصوص مساعي إسرائيل من أجل الحصول على تعويضات من تونس، فقد أكّد مورو أنّ تونس يجب أنْ تحْرص على عدم التطبيع مع إسرائيل حتّى لا تصبح مطالبة بتقديم التعويضات أمام القانون الدولي.

وأوضح قائلا: التطبيع مع إسرائيل يمنحها حقّ المطالبة بالتعويضات، أمّا الآن وتونس تعتبر في حالة حرب مع إسرائيل فيُمكنها تجاهل مطالبها، لذلك فإنّ تونس في وضعية سليمة ولا يمكنها أن تنْزعج من ضغوطات إسرائيل ما دامت لم تطبّع معها. في المقابل، فإنّ المواطنين الإسرائيليّين من أصل يهودي تونسي من حقّهم طلب أموالهم من السلطات التونسية بصفة فردية.

وأضاف مورو أنّ الدُّول التي طبّعت علاقاتها مع إسرائيل ورّطت نفسها في التزام يجبرها أمام الأمم المتّحدة بتقديم تعويضات عن ممتلكات اليهود.

هذه آراء المؤرخين ورجال القانون لكن كيف ستواجه الدولة التونسية سياسة لي الذراع التي تحاول إسرائيل عبر وسطائها العرب استخدامها لجر تونس نحو التطبيع وهي تعلم أن تونس عاجزة ماليا عن تعويض يهود غادروا تونس نحو الأراضي المحتلة، ناهيك عن رفض تونس الرسمي سياسة الابتزاز. أما قصة الاستيطان فذلك فصل آخر سنفتح ملفه قريباً.

عناوين أخرى