عالم

حين يكشف وباء كورونا عن جائحة أخرى…أزمة القيادة في العالم

خرج ترامب في مارس الماضي، مقللاً من خطورة تفشي فيروس كورونا، قائلاً: “توفي العام الماضي 37 ألف أمريكي من الإنفلونزا العادية. ولم يُغلق أي شيء، بل استمرت الحياة والاقتصاد… فكروا بذلك”.

معتقلو 25 جويلية

حينذاك كانت مناطق كثيرة حول العالم تواجه تفشي الوباء بإمكانيات قليلة ومعلومات شحيحة عن فيروس مستجد يحير العلماء ولا يبدو البتة أنه “مجرد أنفلونزا”. ترامب الذي أعلن إصابته بالفيروس الأسبوع الماضي، ما لبث أن غادر المستشفى العسكري والتر ريد ليحيي أنصاره من سيارته بعد وقت وجيز من إعلانه أنه شفي، معرضاً حياة الطاقم الطبي للخطر. لم يكتفِ بذلك بل صرح أنه “أفضل مما كان عليه قبل عشرين عاماً” ثم سارع بنزع كمامته ووضعها في جيبه فور دخوله البيت الأبيض، في مشهد صدم الشارع الأمريكي.
مجلة  NEJM  إحدى أعرق المجلات الطبية في العالم خصصت افتتاحيتها الأخيرة للهجوم على ترامب واعتبرته تهديداً طبياً للعالم وجائحة بحد ذاته، المجلة تعتبر أن وباء كورونا كشف عن أزمة القيادة في العالم.
 تقول المجلة  إن جائحة كورونا أنتجت أزمة قيادة “هنا في الولايات المتحدة، فشل قادتنا في هذا الاختبار، لقد حولوا الأزمة إلى مأساة”.
واعتبرت المجلة أن إدارة أزمة كورونا كانت فاشلة بشكل مذهل في الولايات المتحدة، مستشهدة بأرقام مركز جونز هوبكنز لعلوم وهندسة النظم التي تقول إن الولايات المتحدة تتصدر العالم من حيث حالات الإصابة بكوفيد 19 والوفيات به، وتتجاوز بكثير أرقام بلدان أكبر مثل الصين. تقول المجلة إن الوفيات في أمريكا كانت ضعف ما سجل في كندا وتجاوزت معدل الوفيات في اليابان، وهي دولة بها عدد كبير من كبار السن. وكتبت: “في الولايات المتحدة تصرفنا باستمرار بشكل سيء” في إشارة إلى كيفية إدارة أزمة الوباء.
تتحدث المجلة عن تجربة الصين في إدارة أزمة الوباء وكيف اختارت الحجر الصحي الصارم والعزل بعد تأخر في إعلانها في البداية، “هذه الإجراءات قضت بشكل أساسي على انتقال العدوى من حيث بدأ فيها تفشي المرض وخفضت معدل الوفيات إلى 3 لكل مليون ، مقارنة بأكثر من 500 لكل مليون في الولايات المتحدة”. 
إدارة سيئة للأزمة
تتساءل المجلة: “لماذا تعاملت الولايات المتحدة مع هذا الوباء بهذا السوء؟ لقد فشلنا في كل خطوة تقريبًا. لقد تلقينا تحذيرًا كافياً، وحين وصلنا المرض أول مرة لم نكن قادرين على الاختبار بفعالية ولم نتمكن من توفير أبسط معدات الحماية، أصاب المرض عاملين في مجال الرعاية الصحية وعامة الناس…وفيما زاد عدد التحاليل للتقصي عن كورونا بشكل كبير في العالم…كنا في أسفل الترتيب مثل كازاخستان وزيمبابوي وإثيوبيا ، وهي دول لا يمكنها التباهي بالبنية التحتية الطبية الحيوية أو القدرة التصنيعية التي نمتلكها”.
وتتابع المجلة: “على الرغم من أننا نميل إلى التركيز على التكنولوجيا إلا أن الولايات المتحدة اتخذت إجراءات الحجر الصحي والعزل في وقت متأخر وغير متسق ودون أي جهد لفرضها بعد انتشار المرض بشكل كبير في العديد من المجتمعات. كانت قواعدنا بشأن التباعد الاجتماعي في العديد من الأماكن غير ملائمة في أحسن الأحوال…وفي معظم أنحاء البلاد لا يرتدي الناس الكمامات، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى أن قادتنا صرحوا علناً بأن الكمامات هي أدوات سياسية وليست إجراءات فعالة لمكافحة العدوى. لقد استثمرت الحكومة بشكل مناسب بكثافة في تطوير اللقاح، لكن خطابها أدى إلى تسييس عملية التطوير وأدى إلى تزايد عدم ثقة الجمهور”.

تشويه سمعة العلماء
تقول المجلة إن قادة أمريكا اختاروا “إلى حد كبير تجاهل العلماء وحتى تشويه سمعتهم”. واتهمت الحكومة الفيدرالية بتقويض صلاحيات الولايات وقالت إن المعاهد الوطنية للصحة لعبت دورًا رئيسيًا في تطوير اللقاح ولكن تم استبعادها من اتخاذ القرارات الحكومية الحاسمة وتم تسييس إدارة الغذاء والدواء بشكل مخجل. وتابعت المجلة: “قوض قادتنا الحاليون الثقة في العلم والحكومة مما تسبب بأضرار ستدوم بالتأكيد. وبدلاً من الاعتماد على الخبرة، لجأت الإدارة إلى “قادة الرأي” غير المطلعين والدجالين الذين يحجبون الحقيقة ويسهلون نشر الأكاذيب الصريحة”.
وقالت المجلة إن تفشي المرض أثر بشكل أكبر على سود البشرة وأدى إلى تفاقم التوترات المرتبطة بعدم المساواة، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة تعاني من معدلات إصابات عالية حالت دون إعادة فتح العديد من الشركات وخسارة مئات المليارات من الدولارات والملايين من الوظائف ومات أكثر من 200 ألف أمريكي.
وفي إشارة إلى سوء إدارة أزمة الوباء، اتهمت المجلة القيادة الأمريكية بانعدام الكفاءة وقالت: “حين يتعلق الأمر بالاستجابة لأكبر أزمة صحية عامة في عصرنا. فقد أثبت قادتنا السياسيون الحاليون أنهم غير أكفاء بشكل خطير. يجب ألا نشجعهم ونسمح بموت آلاف الأمريكيين الآخرين بالسماح لهم بالاحتفاظ بوظائفهم”.