ثقافة

“حياة الشكل”… وثائقي عن الهادي التركي الفنان والإنسان

تكريما لمسيرة الفنان التشكيلي التونسي الراحل الهادي التركي (1922-2019)، قدّم أخيرا، المخرج رامي الجربوعي، العرض ما قبل الأول للفيلم الوثائقي “حياة الشكل”، بمدينة الثقافة الشاذلي القليبي، بحضور عائلة الفنان الراحل وعدد من أهل الفن والإبداع والإعلام.

ويستعرض الوثائقي “حياة الشكل” -فكرة ابنته سميرة التركي وحفيده حيدر الحسين التركي- تاريخَ الفن التشكيلي في تونس من خلال التجربة البصرية للفنان الراحل الهادي التركي اعتمادًا على شهادات عدد من أفراد عائلته وأصدقائه، الذين أجمعوا على شخصيته المرحة وطيبة قلبه، واعتبروه رمزا من رموز الفن التشكيلي في تونس، وذلك باشتغاله على أنماط فنية متنوّعة مع الحفاظ على التواصل بين الأصالة والحداثة.

وعُرف الراحل الذي يُناديه عموم التونسيين باسم “عم الهادي” بأسْلوبه التجريدي الحديث المتأثّر بالفنّانين جاكسون بولوك ومارك رودكو، وبطرح جمالي تبنّى من خلاله طريقة جديدة لرؤية العالم، وكان يقول: “على المرء أن يدرك حياة الشكل وليس شكل الحياة”.

وكانت مسيرة التركي حافلة بعديد الإنجازات، إذ أقام مَعَارض شخصيّة كثيرة في تونس وخارجها، وفاز بعدّة جوائز وطنية ودولية، كما انْتُخِبَ الراحل في 23 ديسمبر/كانون الأول 1971 كاتبا عاما لاتحاد الفنانين التشكيليين، وتحصّل على عضويّتي الاتحاد العربي للفنون التشكيليّة، والهيئة التنفيذية للجمعية العالمية للفنون التشكيلية التابعة لمنظمة لليونسكو.

وانتخب مستشارا مدى الحياة للجمعيّة العالمية للفنون التشكيليّة في مؤتمر الجمعية سنة 1978، كما ارتبط اسمه أيضا بقرَار إعادة إحْياء اتحاد الفنانين التشكيليين التونسيين في 24 جوان/يونيو 1985، وهو الذي تحصل عام 1986 على وسام الفنون والآداب الفرنسي.

زار جل دول العالم معرفًا بفنه ومدافعا عن “مدرسة تونس” في الرسم وأبدعت ريشته وتميّزت ببحثها عن التواصل بين الأصالة والحداثة وتنوّع الأنماط الفنية التي يحرص على تقديمها، حيث تتنوّع النماذج النسائية في رسوماته من الفتاة الشابة فالأم إلى المرأة التقليدية.

وإلى جانب منجزه الفني الغزير تميّز “عم الهادي” بخصاله الإنسانية ورُوحه المتسامِحة وبتأثير البيئة والتربية العربية الإسلامية في فنه، وهو الذي قال عنه الأدِيب التونسي الرّاحل مصطفى الفارسي (1931-2008) “ينسحبون ولا يموتون”، فالرسّام الرّائد الهادي التركي رحل جسدا، لكنه ظل حيّا بفنّه في قلوب مجايليه ومُريديه ومحبيّ خربشاته الخالدة.