محمد بشير ساسي
بعد مرور أكثر من نصف قرن على تجسيده نظام الميز العنصري ضدّ الشعب الفلسطيني بالقوة على كامل الجغرافيا الفلسطينية ما بين الضفة الغربية وقطاع غزة ومدينة القدس، يصل الاحتلال الإسرائيلي اليوم إلى قمّة التطرّف بعد أن وضع في صدارة المشهد السياسي متديّنين متعصّبين مهووسين بالعقيدة اليهودية ورؤية الخلاص، ينظرون إلى “إسرائيل الحالية” محطّةً في الطريق للوصول إلى “دولة الشرعية” التي تحتكم للتوراة.
الشريعة اليهودية
ويسود اعتقاد واسع بين الأوساط السياسية والدبلوماسية المقرّبة من تل أبيب، بأنّ بنيامين نتنياهو عاد للمرة السادسة إلى رئاسة الوزراء بحكومة هي الأكثر يمينية وتطرّفا منذ إنشاء الكيان الإسرائيلي، بالاعتماد على الأحزاب اليهودية (الحريدية) عكَس تعاظم قوة التيّار الديني في المجتمع الإسرائيلي، وتعزيز نفوذه سياسيا واجتماعيا، وانتقال مجتمع اليهود المتديّنين “الحريديم” من العزلة والتّهميش إلى الحكم في الكيان المحتلّ.
ويرى مراقبون أنّ الأحزاب الحريدية الرئيسية “شاس” و”يهدوت هتوراه” الممثلّة بـ18 مقعدا في الكنيست، تسعى إلى توظيف قوّتها السياسية للتوغّل بمفاصل الحكم، الأمر الذي يمكّنها من التأثير في هوية “إسرائيل” برمّتها من دولة “يهودية ديمقراطية” كما تعرّف نفسها، إلى دولة تتطلّع إلى حكم إسرائيل بموجب التوراة والشريعة الدينية اليهودية.
ويتّضح من الخطوط الأساسية لحكومة نتنياهو -وفق الاتفاقيات الائتلافية- مدى النهج المتطرّف لهذه الحكومة، ليس فقط في ما يخصّ القضية الفلسطينية والموقف من الفلسطينيين داخل الخط الأخضر، وإنما أيضا في كثير من القضايا التي تخصّ المجتمع اليهودي الإسرائيلي.
وقد تجاهلت اتفاقيات الائتلاف الحكومي وجود الشعب العربي الفلسطيني ووجود الاحتلال، وشدّدت في الوقت نفسه على يهودية الدولة وعلى أن”للشعب اليهودي” الحقّ الحصري غير الخاضع للطعن على جميع أنحاء فلسطين، وأنّه “سيتمّ فرض السيادة على يهودا والسامرة مع اختيار الوقت المناسب، ومع الأخذ في الاعتبار الحسابات القومية والدبلوماسية لإسرائيل”.
وعود الائتلاف
الحكومة بدورها جاهرت بوعودها، مؤكّدة أنّها تقوم بتعزيز الاستيطان اليهودي في مناطق فلسطين المختلفة، ولا سيما في القدس والضفّة الغربية والجليل والنقب وأيضًا في الجولان المحتلّ، الذي ستعمل على الاعتراف به بصفته منطقةً استراتيجية ذات إمكانيات كبيرة للتطوير ولتعزيز الاستيطان اليهودي فيه. وشدّدت أيضًا على أنّ “إسرائيل” ستمضي قدمًا في تطبيع علاقاتها مع الدول العربية وفي توسيع اتّفاقيات أبراهام، لتشمل دولا عربية جديدة.
وقد جاءت اتّفاقيات الائتلاف الحكومي طويلة ومفصّلة. ويمكن تقسيمها إلى عدة محاور:
– الأول يتعلّق بالمجتمع الإسرائيلي، ولا سيما القوانين التي يعتزم الائتلاف الحكومي العمل على سنّها في الكنيست.
– والثاني يتعلّق بالصلاحيات التي أعطيت لحزب الصهيونية الدينية، وخاصّة لرئيسه بتسلئيل سموتريتش من أجل تعزيز الاستيطان اليهودي في الضفة الغربية المحتلّة.
– في حين يتعلّق الثالث بالصلاحيات والإمكانيات التي وُضعت تحت تصرّف حزب القوة اليهودية، وخاصّة لرئيسه بن غفير لتحقيق جزء واسع من سياسات الحكومة تجاه العرب الفلسطينيين في داخل الخط الأخضر.
التستّر على “إسرائيل”
تطرح حكومة أقصى اليمين المتطرّف في “إسرائيل” ونواياها تحدّيات مهمّة لكونها أثارت القلق والمخاوف في مراكز القرار فلسطينيا وعربيا ودوليا أيضا. وحتى الإعلام الغربي الذي لطالما تعامل مع القضية الفلسطينية بجفاء وبرود، تفاعل على إيقاع المشهد السياسي الجديد في “إسرائيل”، حيث تساءل موقع OrientXXI الفرنسي، في مقال تحت عنوان: “اليمين المتطرّف في صعود مستمر.. إسرائيل نحو الهاوية”.
إلى متى وإلى أيّ مدى ستظل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يحميان كيانا كإسرائيل حصل لتوّه على حكومة ذات توجّه استيطاني هويّاتي أكثر تطرّفا من أيّ وقت مضى؟
وفي الولايات المتحدة اعتبرت “أسوشيتد برس” أنّ هذه الحكومة الجديدة تدفع “إسرائيل” إلى صدام وشيك مع أقرب حلفائها، في مقدّمتهم الولايات المتحدة الأمريكية والمجتمع اليهودي الأمريكي.
سياسيا وبالتزامن مع وصول وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان إلى “إسرائيل” في زيارتين منفصلتين قبل نهاية جانفي/كانون الثاني الجاري، للإعداد لزيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى واشنطن في فيفري/فبراير المقبل، ينقسم الخبراء في الولايات المتّحدة بشأن كيفية مواجهة إدارة الرئيس جو بايدن مواقف وسياسات الحكومة الإسرائيلية المتطرّفة. ويؤكّد البعض أنّ بايدن لن يدخل في مواجهة لا يرغبها مع الحكومة الجديدة، في حين يرى آخرون ضرورة تأكيد الخطوط الحمراء الأمريكية والتهديد بعواقب حال تخطّيها.
لكن في الواقع نصف قرن من انخراط جو بايدن في العمل السياسي، قد شكّل بالفعل سجلا طويلا من التزامه القوي بحماية أمن “إسرائيل” وتعزيز الشراكة الأمريكية الإسرائيلية، فقد اعتبر بايدن خلال حملته الانتخابية عام 2020 أنّ دعمه لإسرائيل شخصي للغاية ويمتدّ طوال حياته المهنية.
وعلى الرغم من تعهّد بايدن بإعادة المبادئ الحاكمة التي وجّهت الدبلوماسية الأمريكية نحو الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، ويشمل ذلك دعم حلّ الدولتين، ومعارضة ضمّ “إسرائيل” الأراضي وبناء المستوطنات، فإنّه لم يتراجع عن قرار ترامب نقل سفارة واشنطن إلى القدس أو الاعتراف بها عاصمة للكيان المحتلّ، ولم يعد افتتاح قنصلية بلاده بالقدس الشرقية.
وتؤكّد إدارة بايدن أنّها ما تزال تهدف إلى إعادة فتح قنصليتها في القدس، والتي أغلقها الرئيس السابق دونالد ترامب عام 2019، إلّا أّنها لا تقدّم جدولا زمنيا، ولم تبدأ أيّ إجراءات عملية في هذا الاتّجاه على الرغم من بدء العام الثالث من حكم بايدن خوفا من إغضاب الكيان الإسرائيلي.
بصورة عامة يتوقّع طيف واسع من المحلّلين، أنْ لا تقف إدارة بايدن في وجه حكومة نتنياهو الجديدة بشأن أيّ أمر يتعلّق بالفلسطينيين طالما أنّها تستطيع تجنّب القيام بذلك. فبقدر ما ستضطرّ واشنطن بسبب الإجراءات الإسرائيلية إلى اتّخاذ مواقف تبدو قوية، ينبغي الأخذ في الحسبان استمرارا للنهج الذي سارت عليه الأمور في ظلّ الحكومة الإسرائيلية السابقة، أي صدور بيانات القلق العاجزة وعدم وجود دعوات أو إجراءات ذات مغزى من شأنها أن تؤدّي إلى المساءلة أو العواقب كما رأى العالم -على سبيل المثال- في حالة اغتيال الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة.
ففكرة الخطوط الحمراء في سياسة الولايات المتّحدة تجاه القضية الفلسطينية تجاوزها الزمان، وأن ما يتم تأطيره على أنّه “خطوط حمراء”، هو في الواقع تعبير من قبل المسؤولين الأمريكيين عن أشياء يأملون بشدة ألا تفعلها إسرائيل من أجل تجنب إجبار الولايات المتحدة على إيجاد طريقة ما للردّ، وبغض النظر عن مدى وقاحة انتهاك هذه الخطوط الحمراء ستدافع الولايات المتّحدة بنشاط وحماس عن سياسات “إسرائيل” ضدّ مساعي أيّ جهة أخرى، سواء كانت الأمم المتّحدة أو الاتّحاد الأوروبي أو الناشطين على مستوى القاعدة الشعبية.
معضلة أيباك
وليست وحدها إدارة بايدن ستتعرّض لتحدّيات في علاقتها بالحكومة الإسرائيلية، بل إنّ منتدى أيباك أيضا وجد نفسه أمام معضلة الدفاع عن حكومة ائتلافية الأكثر تطرّفا وتشدّدا في تاريخ الكيان المحتلّ، حيث يرى مراقبون أنّ ذلك سيصعّب الحصول على الدعم غير المشروط الذي يطلبه ويتوقّعه نتنياهو من اليهود الأميركيين.
وتمثّل مطالب بعض وزراء الائتلاف الجديد الحاكم في الكيان الإسرائيلي، في بفرض قوانين جديدة تقلّل أو تشكك فيّ يهودية معظم اليهود الأميركيين، نقطة صدام متوقّعة بين يهود أمريكا والحكومة الإسرائيلية الجديدة. كما توحي تغيّرات متوقّعة في “قانون العودة” بالقول إنّ ضرورة وجود جد يهودي واحد لا تكفي للمهاجرين الجدد للمطالبة بالجنسية الإسرائيلية، وهو ما من شأنه التأثير في الغالبية العظمى من اليهود الأمريكيين الّذين لا تتوافق أوضاعهم مع رغبة اليمين الإسرائيلي المتشدّد في تطبيق صارم للشريعة اليهودية.
وفي الوقت الذي انتقل فيه مركز الثقل السياسي إلى أقصى اليمين في “إسرائيل”، يرتكب رئيس الوزراء نتنياهو خطأ بتصوره أن مركز الثقل السياسي الأميركي يتحول نحو اليمين بثبات أيضا.
وخلال العقد الأخير، ارتبطت أيباك ارتباطا وثيقا بالليكود والحزب الجمهوري. وتوقّع نتنياهو أن يهيمن الجمهوريون على السياسة الأمريكية في المستقبل المنظور، بينما ما يزال أغلب اليهود الأميركيين ديمقراطيين.
غير أنّ الإنجيليين المسيحيين في أمريكا يبتهجون بوصول وهيمنة اليمين على السياسة الإسرائيلية، وهو ما يتيح لنتنياهو فرصة تجاهل اليهود هناك. ويُتوقّع أن يستمر دفاع أيباك عن الحكومة الجديدة، وعن علاقاته طويلة الأمد مع نتنياهو، ومن غير المرجّح أن تظهر الكثير من الخلافات بينهما. وسيكون من المثير مشاهدة كيف تلعب أيباك دور”المبرّر” لشركاء نتنياهو المتديّنين المتشدّدين.
ضريبة كلامية
وفي أوروبا دفعت المخاوف إلى اتّصال وزراء خارجية عدد من الدول بوزير الخارجية الإسرائيلي الجديد إيلي كوهين، محذّرين “الحكومة” من تغيير الوضع القائم في المسجد الأقصى وتوسيع الاستيطان، والمسّ بالبنى التحتية التي تخدمُ الفلسطينيين وعدم تقويض فرص تحقيق حلّ الدولتين.
وعلى الرغم من تعبير الولايات المتّحدة وأوروبا عن مخاوفهما، فإنّ الإعلام “العبري” على غرار صحيفة “هارتس”، يروّج بأنّ الحكومة الإسرائيلية الجديدة تبدو مطمئنّة من أنّ الطرفين لن يمارسا ضغوطا حقيقيّة عليها في كل ما يتعلّق بالقضية الفلسطينية.
وتضيف الصحيفة نقلا عن مسؤولين إسرائيليين قولهم، إنّ التصريحات الأمريكية والأوروبية المتعلّقة بسياسات الحكومة الجديدة من القضية الفلسطينية، مجرّد “ضريبة كلامية”، مشيرين إلى أنّ المجتمع الدولي معني حاليا بالتركيز على الحرب في أوكرانيا.
تفتّت داخلي
داخليا وفي ظلّ استمرار المظاهرات والاحتجاجات في شوارع “إسرائيل” رفضا للحكومة اليمينية وقراراتها، لا يستبعد الباحث المختصّ في الشأن الإسرائيلي أن تلجأ الحكومة الإسرائيلية من أجل التغطية على فشلها إلى التصعيد مع الفلسطينيين ربما في قطاع غزة أو ساحة النقب الفلسطينيين، خاصّة في ظل تصريحات لمتطرّفين تدعو إلى عدم الإبقاء على الوضع الحالي في النقب، وهناك حديث عن إعطاء حقن وإبر للنساء الفلسطينيات للحدّ من الإنجاب.
وأمام هذه التطوّرات هناك في الطرف الفلسطيني من يدعو إلى استغلال الانقسام الداخلي في “إسرائيل” من أجل توحيد الصفوف وتصعيد المقاومة الميدانية، بالإضافة إلى وقف التنسيق الأمني مع الاحتلال والتحرّك على الصعيد الدولي لفرض عقوبات على “إسرائيل” ووقف التطبيع بينها وبين بعض الأنظمة العربية.
ووفق رأي الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية الدكتور مصطفى البرغوثي، فإنّ ما يجري داخل إسرائيل من خلاف بين الحكومة والمعارضة يثبت أنّ الحركة الصهيونية دخلت في أزمة عميقة يعكس حالة التفتّت الداخلي في هذا الكيان.
عقيدة التطرّف
لم تضيّع الحكومة الجديدة في “إسرائيل” أيّ وقت في تنفيذ أجندتها القومية المتطرّفة، وقد كان نتنياهو واضحا حيث قال للنواب في حزبه الليكود بأنّهم لا ينتظرون أنّ مواطني “إسرائيل” يشعرون بذلك بالفعل من خلال مخطّط حكومة مختلفة بسياسات مختلفة، وتدير الأمور بشكل مختلف.
وزار وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير بعد أيام قليلة من تولّيه منصبه المسجد الأقصى الذي يعدّ أكثر المواقع المقدّسة، حساسية في القدس.
واعتبر الكثيرون الزيارة استفزازا نظرا إلى دعواته السابقة لمنح المصلين اليهود وصولا أكبر. وقوبلت هذه الزيارة بإدانات فلسطينية وتصريحات غاضبة من الولايات المتّحدة وحلفاء “إسرائيل” العرب.
وقال بن غفير إنّ جبل الهيكل يعدّ الموقع الأهم بالنسبة إلى شعب “إسرائيل”، ونحافظ على حرية الحركة بالنسبة إلى المسلمين والمسيحيين، لكن اليهود أيضا سيتوجّهون إلى الجبل، وينبغي التعامل مع أولئك الذين يوجّهون تهديدات بيد من حديد.
كما استهدف نتنياهو القيادة الفلسطينية المعترف بها دوليا في الضفة الغربية. وقد نجح الفلسطينيون في الضغط على الجمعية العامّة للأمم المتّحدة للحصول على رأي قانوني من محكمة العدل الدولية بشأن سياسات “إسرائيل” في الضفة الغربية والقدس الشرقية، وردّت الحكومة الإسرائيلية بسلسلة من الإجراءات العقابية.
إنّ حلفاء “إسرائيل” سيستسلمون لها من دون شك، وإنّ بعض الدول العربية طبّعت علاقاتها معها دون أن يهتزّ لها جفن لن يغيّر من الحقيقة الوحشية التي نشأت عن نظام الفصل هذا، والذي يتجسّد في تكثيف الاستيطان اليهودي في الضفّة الغربية والقدس الشرقية المحتلّة، بما في ذلك مواصلة الاستفزازات المدروسة الرامية إلى تطبيع وجود يهودي في الحرم الشريف، وزيادة منسوب سياسات القوة والبطش ضدّ الفلسطينيين في المناطق المحتلّة في سنة 1967 وفي داخل الخط الأخضر مع الإفلات التام من العقاب.
كما ستمضي حكومة نتنياهو قُدمًا في سنّ القوانين بما يتلاءم مع عقيدة اليمين المتطرّف واليمين الفاشي الإسرائيلي، وذلك بمحاربة البعد المتعلّق بالحقوق والحريات للشعب الفلسطيني، وعليه فإنّ الحلفاء الغربيين لتل أبيب سيجدون صعوبة في الاختباء وراء ما يروّجون له من قيم مشتركة مع “إسرائيل” لإخفاء إنكارهم للقضية الفلسطينية، كما أنّ على هؤلاء الحلفاء ألّا يتفاجؤوا بعدم اكتراث جزء من العالم عندما يدعون في مكان آخر إلى احترام حقوق الشعوب.
وقد أثّرت بعض الخطوات على الفلسطينيين بشدّة، ويُذكر منها حجب حوالي 40 مليون دولار من عائدات الضرائب واستخدام الأموال بدلا من ذلك لتعويض الضحايا الإسرائيليين للعنف الفلسطيني. كما وُضعت خطط لوقف التنمية في القرى الفلسطينية الواقعة في الأجزاء التي تسيطر عليها إسرائيل من الضفّة الغربية.
وكانت التحرّكات الأخرى أكثر رمزية، مثل إلغاء امتيازات الشخصيات المهمّة لكبار المسؤولين الفلسطينيين وحظر رفع الأعلام الفلسطينية داخل “إسرائيل”.
كما كشف نتنياهو وحلفاؤه عن خطّة شاملة لإصلاح النظام القضائي في البلاد. وسيعطي الاقتراح الأساسي البرلمان سلطة إلغاء قرارات المحكمة العليا بأغلبية بسيطة. ويقول منتقدون إنّ ذلك من شأنه أن يقضي على نظام الضوابط والتوازنات الديمقراطي في “إسرائيل”.
إنّ حلفاء “إسرائيل” سيستسلمون لها من دون شكّ في آخر المطاف، وإنّ بعض الدول العربية طبّعت علاقاتها معها دون أن يهتزّ لها جفن، لن يغيّر من الحقيقة الوحشية التي نشأت عن نظام الفصل هذا، والذي يتجسّد في تكثيف الاستيطان اليهودي في الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلة، بما في ذلك مواصلة الاستفزازات المدروسة الرامية إلى تطبيع وجود يهودي في الحرم الشريف، وزيادة منسوب سياسات القوة والبطش ضدّ الفلسطينيين في المناطق المحتلّة في سنة 1967 وفي داخل الخط الأخضر مع الإفلات التام من العقاب.
كما ستمضي حكومة نتنياهو قُدمًا في سن القوانين بما يتلاءم مع عقيدة اليمين المتطرّف واليمين الفاشي الإسرائيلي، وذلك بمحاربة البعد المتعلّق بالحقوق والحريات للشعب الفلسطيني. وعليه فإنّ الحلفاء الغربيين لتل أبيب سيجدون صعوبة في الاختباء وراء ما يروّجون له من قيم مشتركة مع “إسرائيل” لإخفاء إنكارهم للقضية الفلسطينية، كما أنّ على هؤلاء الحلفاء ألّا يتفاجؤوا بعدم اكتراث جزء من العالم عندما يدعون في مكان آخر إلى احترام حقوق الشعوب.