أجمع ممثّلو المجتمع المدني والهيئات الحقوقية المشاركون في اللقاء الدولي -حول “آليات الحماية الفعّالة ودور الهياكل المهنية والمنظّمات الحقوقية في مكافحة الإفلات من العقاب”- على مسؤولية أجهزة الدولة في تونس، وخاصّة منها الأمن والقضاء، في تكريس سياسة الإفلات من العقاب.
وخلال أشغال الملتقى الذي تنظّمه النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين بالتعاون مع شركائها، الأحد 11 ديسمبر/كانون الأول، أجمعت مختلف التدخّلات والنقاشات على أنّ المنظومة القضائية والأمنية والتشريعية في تونس، توفّر الغطاء القانوني لحماية المذنبين، وتحول دون محاسبتهم واسترداد حقوق ضحايا الاعتداءات والانتهاكات.
ووفق المعطيات التي قدّمتها وحدة الرصد والتوثيق بنقابة الصحفيين التونسيين، فإنّ ممثّلي الأجهزة الرسمية يتصدّرون قائمة المسؤولين عن الاعتداءات التي تطال الصحفيين، وفي مقدّمتهم أعوان الأمن الّذين ارتكبوا 50 حالة اعتداء موثّقة بحقّ صحفيين خلال السنة الحالية.
وأشارت منسّقة وحدة الرصد بنقابة الصحفيين، خولة شبح، في مداخلتها بهذا الشأن، إلى حالة الإفلات من العقاب التي تشكو منها المنظومة القضائية بسبب طول آجال التقاضي، والإحساس بعدم الانتصاف من قبل الصحفيين، ما أدّى إلى تراجع نسبة من يتشبثّون بالتتبّع، نتيجة استشراء الإحساس بعدم جدوى الشكاوى القضائية في ظلّ عدم البتّ فيها خلال آجال معقولة.
وتحدّث المحامي والناشط الحقوقي رضا الرداوي في هذا الإطار، عن الإفلات التشريعي بوصفه “حجر الأساس لسياسة الإفلات من العقاب، ويشكّل الغطاء التشريعي الإجرائي الذي يسمح بأن يصبح الإفلات من العقاب ممارسة”، مبيّنا أنّ الدولة تستند إلى نصوص قانونية لتكريس هذه الممارسات وانتهاج سياسة الإفلات التشريعي.
من جانبه، علّق المدير العام لمكتب الاستشراف والتقييم بوزارة الداخلية رياض الجمني، على الاتّهامات الموجّهة إلى أعوان الأمن بتكرار استهداف الصحفيين والاعتداء عليهم، مبيّنا عدم وجود سياسة ممنهجة للإفلات من العقاب، وأنّ المؤسّسة الأمنية لا تتوانى في فتح التحقيقات والأبحاث الضرورية في صورة وجود شبهة ناهيك عن حالة التلبّس.
وشدّد الجمني على أنّ أيّ عون من قوات الأمن الداخلي يُحال على القضاء في صورة ارتكابه مخالفة أو جنحة أو جناية، مضيفا أنّ الوزارة عملت على العديد من المبادرات لتحقيق التواصل المباشر مع الأمنيين والصحفيين منذ سنة 2013.
كما تحدّث ممثّل وزارة الداخلية عن برامج حقوق الإنسان والحريات العامة المعتمدة في البرامج التكوينية للوزارة على صعيد التكوين القاعدي والمستمر، مشيرا إلى أنّ الوزارة عملت على تطوير منظومة التفقّد والرقابة في كل الأسلاك، وأحدثت إدارة عامة لحقوق الإنسان وآلية للإنصات للشكاوى.