تُسجّل السينما التونسية حضورها بخمسة أفلام في مهرجان عموم إفريقيا للسينما والتلفزيون “فيسباكو” بواغادوغو عاصمة بوركينا فاسو، في دورته الـ28 التي افتتحت السبت 25 فيفري الجاري وتتواصل إلى غاية الرابع من مارس القادم.
وتشهد الدورة الجديدة مشاركة المنتجة السينمائية التونسية درة بوشوشة التي تمّ اختيارها لتكون رئيسة لجنة تحكيم الأفلام الروائية الطويلة.
ويتسابق الفيلمان “تحت الشجرة” للمخرجة أريج السحيري و”أشكال” للمخرج يوسف الشابي، على جوائز المسابقة الرسمية للأفلام الروائية الطويلة، رفقة 13 فيلما من الجزائر، المغرب، مصر، السنيغال، أنغولا، الكاميرون، نيجيريا، الدومينيك، جزر موريس، الموزمبيق، كينيا، وبوركينا فاسو البلد المستضيف.
وتُعطي المخرجة التونسية-الفرنسية أريج السحيري في فيلمها الروائي الأول “تحت الشجرة” مساحة للنساء الريفيات “العصريات” لإنشاء عالم صغير يعبّرن فيه بحرية عن تجاربهنّ رغم قيود مجتمعهنّ المحافظ.
وفي ساعة ونصف الساعة، تتقاسم بعض العاملات خلال جني التين في منطقة كسرى (شمال غرب تونس) أسرارهنّ وقصص حبهنّ وخلافاتهنّ.
وتدور أحداث الفيلم حول مجموعة من الفتيات الشابات بشكل أساسي، يقطفن أحيانا بمساعدة صبي، التين الناضج والهشّ ثم يسلمنه لنساء أكبر سنا لتوضيبه بعناية داخل صناديق. ويحصل كل ذلك بإشراف رئيس العمل، الذي يمثل رمزا للسلطة الأبوية التقليدية.
ويتطرّق العمل أيضا إلى مفهوم التضامن بين النساء حين يتقاسمن الغداء، وكذلك الرغبة في التحرّر، ويظهر ذلك بوضوح عندما يذهبن في نزهة مع الصبية بجانب النهر أو عندما يتجمّلن بعد يوم من العمل الشاق، ويلتقطن صورا وينشرنها على مواقع التواصل الاجتماعي.
كما تُظهر المخرجة في فلمها نساء تجاوزن عقدهنّ الخامس مُرهقات من عناء السنين، يقضين فترة الاستراحة لأخذ قيلولة أو الحديث عن مسائل تخصّ آلامهنّ الجسدية وانكساراتهنّ.
وأنتج فيلم “تحت الشجرة” بميزانية متواضعة بلغت 300 ألف دولار (حوالي مليون دينار تونسي)، وهو فيلم من بطولة هواة وشخصيات حقيقية لم تقف ولو لمرّة واحدة أمام الكاميرا.
أما فيلم “أشكال” فيعود بالمشاهد إلى ما قبل بداية الثورة التونسية، حين عثر عنصران أمنيان (الممثّل محمد حسين قريبع وفاطمة الوصايفي) على جثة متفحّمة، في إحدى الأراضي وسط العاصمة التونسية، ومع استئناف البناء فيها، يدخل البطلان في رحلة بحث طويلة عن الحقيقة، وفي الأثناء يُواجهان العديد من الألغاز والتعقيدات الغريبة.
وسبق أن نال الفيلم إعجاب صنّاع السينما وإشادة النقاد، في عرضه العالمي الأول ضمن “قسم نصف شهر المخرجين”، خلال الدورة الـ75 لمهرجان كان السينمائي في ماي 2022.
وعُرف المخرج يوسف الشابي بطموحه الجامح وبفنّه الشامل، وهو الذي جمع بين الإخراج والكتابة والموسيقى والإنتاج، وبعد إتمام دراسته في فرنسا عمل مساعد مخرج في العديد من الأفلام.
كما عمل مساعد مخرج في فيلمين طويلين هما: “الدواحة” لرجاء لعماري و”ثلاثون” لفاضل الجزيري، وفي رصيده فيلم “نحو الشمال” عام 2010 الحاصل على العديد من الجوائز الدولية.
وفي مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة يُشارك فيلم “جيولوجية الافتراق” للمخرجة يسر قاسمي، فيما يُنافس فيلم “نقطة عمياء”، وهو وثائقي قصير من 13 دقيقة للطفي عاشور، على الجائزة الأولى لمسابقة الأفلام القصيرة.
ويُعرض فيلم “شكشوكة” لإيهاب العبيدي ضمن قسم “أفلام المدارس السينمائية”، ممثلا للمعهد العالي لفنون الملتيميديا بمنوبة.
وتحلّ مالي ضيفة شرف هذه الدورة التي شهدت حضور 170 عملا للتنافس على مختلف جوائزها، بما في ذلك 15 فيلما طويلا للفوز بتكريم “يينيغا غولدن ستاليين” وجائزة مالية مقدارها 30 ألف دولار.