تونس

حرية الصحافة في تونس…السنة الأخيرة هي الأسوأ منذ الثورة

تحتفل تونس كسائر دول العالم يوم 3 ماي من كل عام باليوم العالمي لحرية الصحافة…مناسبة للتذكير بمبادئ حرية الصحافة والإعلام وضرورة احترامها كأسس لبناء المجتمعات الديمقراطية التعددية.

أقرّت الجمعية العامة للأمم المتّحدة الاحتفال بحرية الصحافة في العالم، منذ عام 1993، بتوصية من الدورة 26 للجمعية العامة لليونسكو سنة 1991. اعتمدت الأمم المتحدة هذا التاريخ للوقوف كل سنة على واقع حرية الصحافة في العالم وتقييم مسارها وكشف الصعوبات التي تواجهها وتحدياتها ومكاسبها.

كما تستعرض المنظمة الأممية تضحيات صحفيين دفعوا حياتهم ثمن العمل في مهنة المتاعب والبحث عن المعلومة واصطياد الحقيقة، خاصة في مناطق النزاعات والحروب.

الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة رسالة إلى الحكومات من أجل احترام الإعلام ووقف مضايقة الصحفيين وتكميم أفواههم والالتزام بتعهّداتها.

 تهتم المنظمات الدولية غير حكومية برصد واقع الصحافة، عبر إصدار تقارير سنوية استنادًا إلى مؤشرات محددة، منظمة مراسلون بلا حدود إحدى هذه المنظمات وقد أصدرت مؤخرا تقريرها السنوي ووضعت تونس في المرتبة 73 عالميا في حرية الصحافة.

ترتيب مخجل

رغم أن تونس تتصدّر قائمة الدول العربية في حرية الصحافة والإعلام في العالم، إلا أن عضو المكتب التنفيذي لنقابة الصحفيين التونسيين وجيه الوافي يبدو غير راض عن مكانة تونس في هذا المجال، حيث اعتبر هذا التصنيف وصمة عار في وجه الحكومة، يتجاوز العائلة الإعلامية ويسيئ إلى صورة البلاد في الخارج، كما يعتبر ضربة موجعة لمسار الثورة التونسي.

وأضاف الوافي، في تصريح لبوابة تونس بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، أن ترتيب تونس المتأخر كان متوقعا وله تفسيراته بالنظر إلى ما شهده القطاع منذ ماي 2020 من تضييقات على حرية الإعلام واعتداءات على الصحفيين ومحاولات من السلطة لوضع يدها على الصحافة من أجل تطويعها لخدمتها.

خطاب السلطة مناقض لممارساتها

 أصدرت وزارة الشؤون الخارجية التونسية، عشية الأحد 2 ماي 2021، بيانًا جدّدت فيه التزامها باحترام مبدأ حرية الصحافة وحق الصحفي في النفاذ إلى المعلومة، وفقا لنصوص الدستور، مشيرة إلى الدور الحيوي الذي تقوم به وسائل الإعلام في نقل المعلومة والبحث عن الحقيقة وتوعية الناس خاصة في ظلّ الأزمة الصحية العالمية.

كما اعتبر بيان الخارجية التونسية حرية الإعلام مبدأً أساسيًا لإرساء حقوق الإنسان والديمقراطية وقد تعهّدت الوزراة بالعمل على تعزيز حقوق الصحفيين وحمايتهم عبر نصوص تشريعية مثلما نصت عليه المواثيق الدولية.

البيان الرسمي التونسي بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، اعتبره وجيه الوافي مجرّد شعارات فضفاضة تسوّق من خلالها الدولة لصورتها في الخارج وتتظاهر باحترام مبادئ العمل الإعلامي.

وأضاف عضو المكتب التنفيذي لنقابة الصحفيين أن واقع الممارسة غير كلام البيانات، فالصحافة في تونس عرفت تضييقات بالجملة خاصة منذ ماي 2020 إذ اعتبرها السنة الأسوأ منذ الثورة في واقع حرية الصحافة في تونس في علاقة بالسلطة.

وأوضح محدّثنا أن تكرّر الاعتداءات والمضايقات والهرسلة ميدانيا وإعلاميا من قبل عدة أطراف، دليل قاطع على أن الإعلام مستهدف من طبقة سياسية لاتقبل النقد ولا تؤمن بحرية الرأي والإعلام، حسب قوله.

وقال الوافي: “هناك أحزاب سياسية أعلنت عداءها للإعلام وسلطات أمنية وجهات سياسية اعتدت على صحفيين خلال تأدية عملهم”.

 وقد استدل عضو مكتب نقابة الصحفيين عن كلامه بحادثة اقتحام  مقر وكالة الأنباء التونسية وات من قبل الأمن والاعتداء على العاملين فيها بشكل مجاني الشهر الماضي.

ومن بين مؤشرات الخطر الذي تواجهه حرية الصحافة في تونس، محاولات السلطة وضع يدها على الإعلام العمومي عبر تعيينات مسقطة، على غرار ما حدث في وات وإذاعة شمس أف أم، ما ينبئ بواقع أسوأ مستقبلاً، حسب محدّثنا.

وقال وجيه الوافي إن السلطة في تونس تتجه نحو ديكتاتورية جديدة، حيث أن الحكومة لديها رغبة في لجم كل صوت ينتقدها أو يظهر عيوبها فتراها تضيّق الخناق على الإعلام كلما تحدّث عن أزمات البلاد وفشل سياسات الدولة اقتصاديًا.

ولم تنجح السلطة التونسية في كسب ثقة الإعلام والدليل فشلها في عدّة ملفّات، أبرزها العجز عن إيقاف نزيف الاعتداءات ضد الصحفيين وعدم إيفائها باتفاقياتها مع نقابة الصحفيين وفشلها في إعادة الصحفيين نذير القطاري وسفيان الشورابي من غياهب سجون ليبيا منذ سنوات وأخيرا ملفّات بعض المؤسسات الإعلامية التي لم تغلق منذ مدة على غرار إذاعة شمس أف أم.