ثقافة

جيهان إسماعيل تنثر “الفرح” بديلا للعنف المسلط على المرأة

صابر بن عامر

جيهان إسماعيل، ممثلة ومخرجة وسيناريست تونسية مصرية، حاصلة على العديد من الجوائز في عدة مهرجانات عربية ودولية، اختارت أن تكون وراء الكاميرا لتُدافع عبرها عن قضايا المرأة العربية والحق في تمكينها، فأبدعت في “فستان فرح” ثم “فرحة”، وهي تستعدّ حاليا لفيلمها الروائيّ الطويل الأول “خنّار”.

وعنه تقول في حوارها مع بوابة تونس: “أستعدّ حاليا لتصوير فيلمي الروائي الأول “خنّار” بالتعاون مع الكاتب التونسي طارق الشيباني الحاصل على جائزة الكومار الذهبي للرواية المكتوبة بالعربية عن رواية “للاّ السيدة” للعام 2019، وهو فيلم يكشف خلال أحداثه التحوّل السياسي والاقتصادي الذي شهدته تونس بعد ثورة 14 جانفي/يناير 2011، وما لحق البلاد من فساد وإهدار لثرواتها”.

وأوضحت إسماعيل أنه من المقرّر أن تبدأ تصوير أحداث الفيلم خلال شهر ديسمبر/كانون الأول المقبل في تونس، مشيرة إلى أنها رغم كونها من أم تونسية وأب مصري، إلاّ أنها اختارت أن يكون فيلمها الروائيّ الأول تونسيا من الألف إلى الياء إخراجا وكتابة وتمثيلا، وهي الآن بصدد التحضير له.

أنثى الفرح رغم الوجع

عن بدايتها وتكوينها تقول جيهان إسماعيل لبوابة تونس: “أنا من أب مصري وأم تونسية، ولدت في تونس ودرست فيها، بدايتي كانت في تونس ممثلة، ثم سافرت بعد ذلك للدراسة بالرباط بجامعة محمد الخامس وحصلت على إجازة في العلوم، عشت فترة بين قبرص وباريس ومصر، وعملت أيضا مقدّمة برامج تزامنا مع دراسة الإخراج على يديْ المخرج المصري الشهير علي بدرخان”.

أما عن أهم الجوائز التي تحصّلت عليها، فتؤكّد المخرجة ّالتونسية-المصرية: “بالنسبة إليّ كل الجوائز مهمة، ولها قيمة كبيرة، فمشاركة فيلمي في أي مهرجان حتى دون حصوله على جائزة هي بالنسبة إليّ قيمة مضافة لمشواري، يكفيني أن أعمالي ستُشاهد وتُناقش مع الجمهور، وذاك أكبر تتويج لأي مخرج”.

وتضيف: “مع ذلك أنا سعيدة بتتويج فيلمي الروائي الأول “فستان فرح” بمجموعة من الجوائز في مهرجان يوسف شاهين للأفلام الروائية والتسجيلية القصيرة في العام 2019، وهي جائزة الجمهور وجائزة أفضل ممثلة وجائزة أفضل إخراج، كما نال تنويها خاصا لتميّزه الفني في مهرجان القاهرة للفيلم القصير، هذا إلى جانب مشاركته في عدد من المهرجانات العربية والعالمية، لعلّ أبرزها مهرجان مالمو بالسويد 2020، ومهرجان الكاف للفيلم القصير بتونس 2019 ومهرجان “بعيونهنّ” بالحمامات في العام ذاته، وغيرها الكثير”.

و”فستان فرح” روائي قصير من بطولة نورا الفولي ويسرا شهدي، يروي في نحو ست دقائق قصة مصمّمة ومنفذة أزياء للأفراح تسعى إلى مواكبة أحدث الموديلات العالمية، مستنبطة أفكارا جديدة وحديثة لفستان الفرح -حلم كل فتاة في ليلة زفافها- ويحصل أن هذه الشابة تتصوّر نفسها أكثر من مرة في فستان فرح مميّز يُترجم أحاسيسها كأنثى، وهي التي ترغب في أن تزفّ إلى عريسها في أروع إطلالة لعروس في أبهى حلتها.

لكن المناسبة لا تبدو حاصلة في المدى المنظور، لأن نصيبها هكذا أن تحتفل بأفراح الآخرين، لا أن تفرح هي وتُترجم أحلامها في الزواج والإنجاب.

أما فيلمها الروائي القصير الثاني فحمل عنوان “فرحة” وهو يروي في حوالي 13 دقيقة قصة “فرحة” التي تعيش ظروفا صعبة وتعاني من العنف الذي يمارسه زوجها ضدّها حدّ الاغتصاب الزوجي، كما يلقي الفيلم الضوء على المشاكل التي تُعاني منها المرأة العربية والعنف والتنمر اللذين يُمارسان ضدها، بل وحتى  عنف المرأة للمرأة أيضا.

والفيلم من تأليف جيهان إسماعيل وإخراجها وتمثيل نسرين يوسف وبيتر المصري والتونسي خليل جميل.

بين السينما التونسية والمصرية

عن تمسّكها بالسينما المستقلة بعيدا عن السينما التجارية الجماهيرية، تقول إسماعيل: “السينما  والمدارس التي تعلّمت منها، طبعا تختلف الآن كثيرا، أصبحت تجارية أكثر، لم يعد هناك اهتمام بالقضايا الحارقة بشكل جاد، المواضيع التي طُرحت خلال العشر سنوات الأخيرة بات أساسها العنف، الأمر الذي غيّر ثقافة المجتمع المصري ومبادئه”.

وتُضيف: “الأمر يبدو مختلفا نوعا ما في تونس، فالأفلام في تونس لها تاريخ كبير وبصمة مختلفة عن السينما المصرية والعربية بشكل عام. السينما التونسية تطرّقت إلى التابوهات بكل جرأة ومسؤولية في أكثر من فيلم مرجعي، لكن الانتقالات السياسية الحاصلة الآن في البلد جعلت السينما التونسية تعيش أزمة حقيقية، أثّرت على الإنتاج وعلى طرح المواضيع الجادة والمهمة، ومع ذلك أنا متفائلة بجيل الشباب الصاعد القادر على التغيير”.

ولا تنكر إسماعيل أنها افتقدت في العشرية الأخيرة السينما التي تعوّدت عليها، مفسرّة: “ربما بسبب العقلية التي تغيّرت، ممّا أثّر على الذوق العام، لكن  أنا أشتغل على السينما المستقلة التي أجد فيها حريّتي فكرا وطرحا بعيدا عمّا يطلبه المنتجون والموزّعون، غايتي في ذلك إرضاء ذائقتي أولا والجمهور المتطلّع إلى التغيير أخيرا”.

وتختم جيهان إسماعيل حوارها مع بوابة تونس بتأكيدها  أنه لا اختلاف بين هموم المرأة العربية والغربية، موضّحة: “للمرأة العربية والمرأة الغربية القضايا ذاتها والمعاناة نفسها، الفرق أنه للمرأة الغربية جهات حقوقية وقوانين صارمة تحميها من كل أشكال العنف والابتزاز، في المُقابل المرأة العربية تُعاني من عدم تفعيل القوانين التي تحميها، كما أنها ما تزال مكبلة باسم الأعراف والعادات والتقاليد، فتتجنّب الخوض في مواضيع التحرش والاغتصاب والعنف الذكوري المسلّط عليها، ونرى ذلك أحيانا في بعض الأفلام التي تكون فيها طريقة طرح المحظورات خاضعة للتجميل والمُواربة”.